فطنت عديد الأحزاب السياسية في الجزائر إلى ضرورة تجديد صورتها وتواجدها في الساحة من خلال الفضاء الافتراضي، حيث اعتبره المتتبعون مساحة لاستقطاب الملايين، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في آيار/مايو المقبل، لكن السؤال الذي يطرح بإلحاح مفاده هل من يكسب معركة الفضاء الافتراضي وخصوصًا الفيسبوك والتويتر سيكون بإمكانه كسب معركة الناخبين واستقطابهم في صفه؟
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، فطنت الأحزاب السياسية في الجزائر إلى ضرورة تجديد صورتها وتواجدها من خلال الفضاء الإلكتروني
إعلاميًا، حلبة النقاش وسباق المعلومات والصور والبرامج تبدأ من الفضاء الإلكتروني، لجذب وتعبئة الجماهير، حيث يرى الكثيرون بأن ربح معركة الفضاء الإلكتروني لا تعني كسب معركة الميدان، لكن يمكن للأول أن يشحذ الناخبين، حيث اكتشف التجمع الوطني الديمقراطي باعتباره ثاني قوة سياسية في الجزائر، الفضاء الأزرق وعمد أمينه العام أحمد أويحي إلى فتح صفحة فيسبوكية خاصة به وخاطب جمهوره برسائل تدعوهم إلى الالتفاف حول الحزب والعمل لإنجاح الانتخابات البرلمانية.
اقرأ/ي أيضًا: انتخابات2017 توحد الأحزاب الإسلامية في الجزائر
واعتبر المتابع للشأن السياسي الجزائري الهادي سلطاني في تصريح لـ"ألترا صوت" أن "معركة التشريعيات ستنطلق عبر الحشد عبر العالم الافتراضي لأنه يلعب دورًا هامًا في التعبئة السياسية وكسب عدد من الناخبين".
استعمال الصفحات الفيسبوكية للترويج للبرامج وبث الخطابات وبيانات لكشف برنامج الزيارات الميدانية من شأنه استقطاب الملايين، خاصة وأن وسيلة الفيسبوك مثلًا باتت عنوان الأحزاب السياسية وحتى بالنسبة للطامحين للترشح حيث باشروا في تسخين محركاتهم السياسية عبر الفضاء الأزرق، تحضيرًا لمعركة الانتخابات على مستوى ولاياتهم، ومحاولة كسب التوقيعات لاستيفاء شروط ملفات الترشح.
في الواقع، حركة مجتمع السلم (كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر) كانت سباقة لاستعمال هذه المواقع في الترويج لنشاطاتها ويعتبر رئيس الحركة عبد الرزاق مقري من أبرز السياسيين الجزائريين نشاطًا على موقع "فيسبوك"، حيث كشف لـ"ألترا صوت" بأنه "يتواصل كثيرًا مع مناضلي ومحبي الحركة عن طريق الفضاء الافتراضي لمنح الآلاف منهم الفرصة لمتابعة نشاطات الحركة أولًا ومواقفها السياسية وآرائها في الساحة وتعليقاتها على الأحداث اليومية والرد على اهتماماتهم وأسئلتهم وانشغالاتهم"، يضيف مقري.
بالأرقام تحوز صفحة مقري على أزيد من 95 ألف معجب حيث يتفاعل معهم عن طريق فيديوهات وصور وهو ما يسهل التواصل السياسي وتحفيز مناضليهم على النشاط في الميدان".
حزب جبهة التحرير الوطني كان أول قوة سياسية في الجزائر تحوز على أكثر من 100 صفحة للتواصل الاجتماعي عبر الفيسبوك، حيث قال القيادي في الحزب سمير بطاش في تصريح لـ"ألترا صوت": "إن حزب الأغلبية البرلمانية، وبالرغم من انتشاره بقوة في ولايات الوطن الـ48، إلا أن بعد الرؤية السياسية لقيادته، ترى في الفضاء الافتراضي وسيلة اتصال سياسية ناجعة، وبإمكانه تفعيل التواصل مع المناضلين وشحذ هممهم واستقطاب الناخبين للموعد الانتخابي".
اقرأ/ي أيضًا: الجزائر..الإسلاميون يبحثون عن تحالفات في الانتخابات
برأي المتتبعين، فإن الأحزاب السياسية الجزائرية، تأخرت كثيرًا في اللحاق بركب الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لبرامجها ونشاطاتها، حيث قال الإعلامي بوسعد لزيلة إن "أغلب الأحزاب لم تعر الواقع الافتراضي اهتمامًا خلال السنتين الأخيرتين، من خلال فتح صفحات إلكترونية سواء خاصة بالأحزاب أو قياداتها"، مضيفًا أن هناك "أحزاب لم تتفطن إلا مؤخرًا لأهمية هذه المواقع مثل التجمع الوطني الديمقراطي الذي لجأ لهذه الوسائط منذ أقل من سنة فقط وأبدى اهتمامًا بها من خلال تنظيم لقاءات لأمناء الإعلام بالحزب حول ضرورة الاعتماد عليها".
برأي المتتبعين، فإن الأحزاب السياسية الجزائرية، تأخرت كثيرًا في اللحاق بركب الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لبرامجها
اعتماد الأحزاب الجزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي ضعيف جدًا، برأي الإعلامي لزيلة حيث "لا يمكن فصله عن تراجع العمل الحزبي في الجزائر عمومًا وغياب استراتيجية اتصالية لدى هذه الأحزاب التي تعاني أغلبيتها من مشاكل في الاتصال، كما لا يزال أغلبها يسير بآليات لا تواكب السرعة التكنولوجية، يشير المتحدث.
من جانبه، قال الأستاذ في علم الاجتماع السياسي نورالدين شاطري في تصريح لـ"ألترا صوت" إن طريقة اعتماد الأحزاب على هذه المواقع أصبح "شكليًا فقط" إذ يرى "أن الأغلبية المطلقة تستعملها فقط لنشر البيانات وصور النشاطات الحزبية، حيث لا يتم الاستفادة منها في طرح أفكار أو برامج أو فتح نقاشات سواء مع المواطنين أو المناضلين"، لافتًا إلى رغم أهمية ذلك في استقطاب مناضلين أو متعاطفين جدد وإقناع المواطنين بأفكار الحزب، خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية والمحلية.
وفي الشارع الجزائري، لاحظ الأستاذ شاطري غياب الأحزاب ميدانيًا الذي خلق نوعًا من القطيعة بين الأحزاب والمواطنين، التي جعلت "المواطن يطلق السياسة"، فيما تعتمد العديد من الأحزاب في الدول على مواقع التواصل الاجتماعي التي تدخل ضمن استراتيجيات اتصالية متكاملة لتسويق صورتها وأفكارها وبرامجها.
اقرأ/ي أيضًا: