بعد القرار الإشكالي لدونالد ترامب في كانون الأوّل/ديسمبر عام 2017 الاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان الصهيوني والذي أثار الكثير من الانتقادات حول العالم. لوّح ترامب بأنّ الاعتراف الأمريكي بضم إسرائيل الجولان السّوري عام 1967 قادم، وكعادته، وعبر تويتر قام الرئيس الأمريكي بنشر تغريدة يوم الخميس قال فيها: "الآن وبعد 52 سنة، حان الوقت للولايات المتّحدة للاعتراف بالسيادة الإسرائيليّة الكاملة على هضبة الجولان ذات الأهميّة الإستراتيجيّة والأمنية الكبيرة لإسرائيل للأمن في المنطقة".
نقلت وكالة رويترز في شهر أيّار/مايو الماضي نيّة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بضم إسرائيل للجولان المحتل بعد ضغوط تلقّاها من الحكومة الإسرائيلية للقيام بذلك
وكانت الولايات المتّحدة أوّل دولة صوتت ضد قرار أممي يعتبر ضم إسرائيل للجولان لاغيًا وغير قانوني في منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بعد أن توقّفت عن ذكر مصطلح "المحتلّة" في وثائقها الرسميّة للإشارة إلى الجولان والضفّة الغربيّة.
ونقلت رويترز في شهر أيّار/مايو الماضي نيّة ترامب الاعتراف بضم إسرائيل للجولان بعد ضغوط تلقّاها من الحكومة الإسرائيلية للقيام بذلك، ووفقًا للسي ان ان فإنّ مصدرًا رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية قال إنّ قرار ترامب كان يعدّ له منذ عدّة أسابيع بحضور جون بولتون، مستشار الأمن القومي وجاريد كوشنر مستشار ترامب وصهره، وجارين غرينبلات الممثّل الخاص للمفاوضات الدّوليّة.
اقرأ/ي أيضًا: انتخابات الأسرلة في الجولان.. وهم "ديمقراطية" الاحتلال
وجاء هذا القرار بعد زيارة إلى الجّولان قام بها السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان مع السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، بصحبة بينيامين نتنياهو كرسالة أسبقت النيّة الأمريكيّة بالاعتراف بها تحت السيادة الإسرائيليّة.
رد رئيس الوزراء الإسرائيلي أتى سريعًا عبر منصّة تويتر ذاتها ليقدّم الشكر للرئيس الأمريكي، وهو الذي يحاول بكل طاقته الاستفادة من وجود حليفه في سدّة الرئاسة في الولايات المتّحدة لتحقيق المكاسب السياسيّة، خصوصًا قبيل انتخابات نيسان/أبريل القادم، حيث غرّد قائلًا: "في الوقت الذي تحاول إيران استخدام سورية كمنصّة لتدمير إسرائيل، ها هو الرئيس ترامب يعترف بجرأة بالسيادة الإسرائيليّة على مرتفعات الجولان. شكرًا للرئيس ترامب".
وعاد نتنياهو في تصريح آخر ليعتبر أنّ القرار هذا سيصنع التاريخ، وأنّه جاء كرسالة للعالم بأسره بأنّ الولايات المتّحدة تقف مع إسرائيل. ويأتي تصريح ترامب في سياق دعمه لنتنياهو في الانتخابات الإسرائيليّة المقبلة والتي ستقام في التاسع من شهر نيسان/أبريل المقبل. فيما تتالت بعد التصريح ردود فعل محليّة وإقليميّة ودوليّة.
في هذا السياق، وصفت الخارجيّة الروسيّة تصريح ترامب بأنّه خرق واضح لقرارات الأمم المتّحدة، وقالت ماريّا زاخاروفا المتحدّثة باسم وزارة الخارجيّة الروسيّة لوكالة الإعلام الروسيّة الرسميّة الجمعة، أن تغيير وضع هضبة الجولان سيمثّل انتهاكّا للشرعيّة الدوليّة، بينما رفضت إيران هي الأخرى التصريح معتبرةً إيّاه غير مقبول جملةً وتفصيلًا.
أما الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، فقد اعتبر أن هذا التصريح يضع المنطقة على مشارف أزمات جديدة، وأضاف في اجتماع لمنظّمة التعاون الإسلامي أنّنا لا يمكن أن نضفي الشرعيّة على احتلال الجولان.
اقرأ/ي أيضًا: الجولان المُحتل.. 50 عامًا من الوهم
أما أوربيًا، فقالت مايا كوسيانتشيتش المتحدّثة باسم منسقة العلاقات الدولية في الاتّحاد الأوروبّي فيديريكا موغيريني، إنّ موقف بروكسل من مرتفعات الجولان لم يتغيّر، وأضافت أنّ الاتّحاد الأوروبّي لا يعترف بشرعية سيطرة إسرائيل على الأراضي التي احتلّتها عام 1967 بما فيها هضبة الجولان.
أشار مصدر رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية إلى أن قرار ترامب الاعتراف باحتلال الجولان، كان يعدّ له منذ عدّة أسابيع بحضور جون بولتون، وجاريد كوشنر وجارين غرينبلات
تأتي هذه الخطوة الأمريكية، لإسناد الهيمنة الإسرائيلية ومحاولة شرعنة الاحتلال في الجولان، ضمن صورة أوسع من العمل على استدامة الهيمنة الإسرائيلية على ما احتلته منذ هزيمة 1967. فمحاولة إسرائيل أسرلة الجولان أو ابتلاع الضفة الغربية ليست مجرد احتلال عسكري أو ضرورة أمنية كما تدعي إسرائيل، ولا هي نزوع للهيمنة الثقافية، بقدر ما تحقق إسرائيل عائدات مالية هائلة من خيرات هذه المناطق. إذ تستنزف إسرائيل مليارات الدولات سنويًا من الثروات الطبيعية في الضفة الغربية والجولان وتفرض على سكانهما شروط معيشية تناقض كل ما أتى في اتفاقيات جنيف الـ4 بخصوص حقوق السكان المدنيين في المناطق التي تقع تحت الاحتلال.
اقرأ/ي أيضًا: