يسير المرشح الديمقراطي المعتدل جون بايدن مدعومًا بمسؤولين بارزين في المؤسسة الديمقراطية بخطى سريعة ليكون خيار الديمقراطيين الوحيد في مواجهة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في الجولة الأخيرة لانتخابات الرئاسة الأمريكية بعد بضعة أشهر من الآن، لا سيما بعد حسمه لانتخابات يوم الثلاثاء التي فاز فيها بخمس ولايات من أصل ست كانت مشاركة بالتصويت، سمحت لنائب الرئيس السابق بتصدر قائمة الديمقراطيين على حساب منافسه المرشح الاشتراكي بيرني ساندرز.
يسير المرشح الديمقراطي المعتدل جون بايدن مدعومًا بمسؤولين بارزين في المؤسسة الديمقراطية بخطى سريعة ليكون خيار الديمقراطيين الوحيد في مواجهة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب
ميشيغان تفاجئ ساندرز باختيارها بايدن
كانت أكثر النتائج غير المتوقعة في انتخابات ولايات (ميشيغان، إيداهو، ميسيسيبي، ميزوري، داكوتا الشمالية، وواشنطن) الثلاثاء، عندما أعلن عن فوز بايدن في ولاية ميشيغان التي كانت حاسمة في انتخابات الديمقراطيين التمهيدية بمساعدتها سيناتور فيرمونت على الاستمرار في السباق الانتخابي أمام وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في عام 2016، واستطاع بايدن أن يحسمها هذا العام بفارق كبير تجاوز 15 بالمائة من النقاط، منحته 20 مندوبًا زيادًة على منافسه ساندرز.
اقرأ/ي أيضًا: تاريخ من التقلبات والمواقف المثيرة للجدل.. من هو جو بايدن؟
وإلى جانب ميشيغان حسم بايدن النتائج في ولايات ميسيسيبي بفارق يزيد عن 65 بالمائة، وميزوري بفارق لا يقل عن 25 بالمائة، في حين تصدر إيداهو بفارق ستة بالمائة، وواشنطن التي انتهى فرز الأصوات فيها في وقت لاحق بفارق اثنين بالمائة تقريبًا، غير أن النتيجة لم تساعده بالحصول على أكبر عدد من المندوبين في الولاية ، بينما ساندرز تمكن من الخروج فائزًا في ولاية داكوتا الشمالية بفارق لا يقل عن 13 بالمائة.
وحظي بايدن منذ تصدره انتخابات كارولينا الجنوبية بدعم المؤسسة الديمقراطية على حساب السيناتور اليساري ساندرز، ساعدته على ذلك أربعة عوامل، أولها انسحاب أبرز منافسيه المعتدلين عمدة ساوث بينت السابق بيت بوتجيج، قطب الإعلام مايكل بلومبيرغ، والسيناتور إيمي كلوبوشار. ثانيًا إعلان المرشحين الثلاثة السابقين دعمهم لحملة بايدن الانتخابية، وثالثًا الحملة التي قادتها جماعات الضغط داخل المؤسسة الديمقراطية لتوجيه الناخبين لاختيار بايدن، وأخيرًا انسحاب السيناتور إليزابيث وارن من السباق دون أن تعلن دعمها لأحد المرشحيّن.
ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فإن التوقعات تشير إلى أن وارن – آخر المنسحبين من السباق الديمقراطي – لن تمنح دعمها لأي المرشحيّن، رغم أن الديمقراطيين اليساريين يطالبونها عبر منصات التواصل الاجتماعي بتقديم الدعم لساندرز، إلا أن تردد وارن يأتي بسبب تراجع ساندرز في الانتخابات التمهيدية، فضلًا عن صدامها مع السيناتور الاشتراكي في كانون الثاني/يناير الماضي، حول إذا ما كان أخبرها بعدم إمكانية انتخاب امرأة رئيسة للولايات المتحدة في 2020.
وعلى الرغم من أن كافة التوقعات تؤكد توافق الديمقراطيين على اختيار بايدن بسبب سياسته المعتدلة لمنع ترامب من الفوز بأربع سنوات أخرى يقضيها خلف المكتب البيضاوي، فإن ساندرز رفض الانسحاب من الانتخابات التمهيدية، بالتأكيد على رغبته إجراء المناظرة التلفزيونية المرتبقة مع بايدن في مدينة فينيكس عاصمة ولاية أريزونا يوم الأحد القادم، بعد يوم واحد من انتخابات جزر ماريانا الشمالية المخصص لها ستة مندوبين فقط.
ومرةً أخرى كانت أصوات الأمريكيين من أصول أفريقية حاسمةً في انتخابات الولايات الستة، بعدما حصل بايدن على أصوات 86 بالمائة من أصل 70 بالمائة من النسبة الإجمالية لأصوات الديمقراطيين من أصول أفريقية في ميسيسيبي، ومن أصل 353 مندوب حصل بايدن على 184 مندوبًا في مقابل 110 مندوبين لصالح ساندرز في انتخابات الولايات الستة، جعلته بتصدر قائمة المندوبين بـ864 مندوبًا في مقابل 710 مندوبين لسيناتور فيرمونت، بحسب ما أظهرت أحدث النتائج حتى يوم الخميس.
"كورونا" يمنع الجمهور من حضور المناظرة التلفزيونية
تأثرت الحملات الانتخابية للمرشحين بانتشار فيروس كورونا المستجد (COVID-19) بعدما ألغى المرشحون تجمعهم الانتخابي الذي كان مزمعًا عقده في ولاية أوهايو يوم الثلاثاء القادم، فيما أعلنت الحملة الانتخابية للسيناتور ساندرز أنه سيتم النظر في عقد كافة التجمعات القادمة كل على حدة حسب ما تقتضيه الضرورة.
كما أعلن السيناتور السابق بايدن أن التجمعيّن الانتخابيّن اللذين كانا سيكونان في ولايتي فلوريدا وإلينوي على التوالي يومي الجمعة والإثنين سيتم عقدهما عبر مواقع التواصل الافتراضي، مشيرًا لأنه سيعلن عن خطط لمكافحة الفيروس التاجي في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وأصدرت اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي بيانًا أعلنت بموجبه أن المناظرة التلفزيونية بين المرشحيّن المزمع إجراؤها في أريزونا يوم الأحد ستكون بدون جمهور، بعد قرار إلغائها من قبل شبكة CNN الأمريكية المنظمة لها حفاظًا على السلامة الصحية للحضور والمشاركين، وتأتي الخطوات المتخذة في أعقاب المخاوف المتزايدة من تفشي الفيروس التاجي قبل بضعة أيام من عقد الانتخابات التمهيدية في أربع ولايات أخرى.
ويأتي إصرار ساندرز على الذهاب للمناظرة التلفزيونية رغم تراجع فرصه بتوافق الديمقراطيين عليه لمنافسة ترامب، مدفوعًا برغبة العديد من الديمقراطيين التقدميين (اليساريين)، بمن فيهم أولئك الذين لم يقدموا دعمهم لسيناتور فيرمونت حتى الآن لهدفين أساسيين، أولهما رغبتهم بأن تدفع المناظرة بايدن لتبني سياسة أكثر ميلًا لليسار، وثانيهما اختبار بايدن نفسه الذي من المتوقع أن تواجه حملته منافسة كبيرة في الجولة النهائية ضد المرشح الجمهوري ترامب، فضلًا عن حث حملة التغيير التقدمي ساندرز على الذهاب للمناظرة لمنع بايدن من الانتصار السريع، وهي حملة تتماهى بشكل وثيق مع أفكار السيناتور وارن أحد أعضاء الحملة.
فرصة ساندرز الأخيرة للاستمرار بالسباق الانتخابي
في المؤتمر الصحفي الذي عقده في مدينة برلينغتون بولاية فيرمونت أصر ساندرز أمام حشد من أنصاره على الاستمرار في السباق الانتخابي، مطالبًا منافسه بايدن بأن يكون قادرًا على تقديم إجابات مقنعة على مجموعة من الأسئلة السياسية المنتظر توجيهها للمرشحيّن في المناظرة التلفزيونية، حيثُ سيلتقي المرشحان وجهًا لوجه للمرة الأولى بدون باقي المنافسين، منذ المناظرة التي استبقت انتخابات ولايات نيفادا مع باقي المرشحين الذين انسحبوا في وقت لاحق، نظرًا لتعليق حملة ساندرز آمالها على مناظرة أريزونا، في ظل موجة من التوقعات بأن تحدث فارقًا في ديناميكية السباق.
وعلى الرغم من عدم مهاجمة ساندرز لمنافسه بايدن بشكل شخصي أو تعهده بالاستمرار بالسباق الانتخابي حتى النهاية، فإن سيناتور فيرمونت أكد على أنه يحظى بدعم من الغالبية القوية الديمقراطية الذين أيدوا أسباب اختياره لبرنامجه التقدمي، وبدلًا من الذهاب للتصعيد مع بايدن قبل المناظرة المرتقبة، أظهر استعداده لتخفيض التصعيد الإعلامي في منافستهم، وذلك بعد تكثيف انتقاده لبايدن في الأسابيع الماضية، مما دفع بالأخير للرد على ساندرز بالقول: "ما لا يمكن إن ندعه يحدث هو أن تتحول هذه الانتخابات التمهيدية إلى حمام دم"، مطالبًا بالتركيز على الهدف الأساسي للديمقراطيين المتمثل بمنع إعادة انتخاب ترامب مجددًا.
وأمام أنصاره وضع ساندرز قائمة بالقضايا السياسية التي يريد إيجاد الحلول لها بناءً على برنامجه اليساري، متسائلًا في الوقت نفسه عن الطريقة التي سيقوم بايدن بمعالجتها في المناظرة، واعتبر أحد مسؤولي حملة ساندرز في انتخابات 2016 نيك كارتر أن ساندرز يعمل بشكل محوري على التأكد من أن القضايا التي بنى عليها ساندرز أفكاره السياسية ستكون في مقدمة النقاش السياسيي مع بايدن.
ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فإن ساندرز توجه تسع مرات بسؤال بايدن "ماذا ستفعل" عندما طرح القضايا المحورية في برنامجه الانتخابي خلال المؤتمر الصحفي، فيما أشار بعض مساعدي ساندرز إلى أنه لا يزال يقاتل من أجل الفوز ببطاقة الترشح لانتخابات الرئاسة عن المؤسسة الديمقراطية، ويصر على أنه لا يزال هناك المزيد من الفرص للحصول على عدد كافٍ من المندوبين في انتخابات ولايتي أوريغون (61 مندوبًا) وويسكونسن (84 مندوبًا)، الأمر الذي يتطلب البقاء في السباق الانتخابي حتى أيار/مايو القادم.
ويتمّلك ساندرز حافزًا لإجراء المناظرة مع بايدن باعتبارها الفرصة الأخيرة لمحاسبة نائب الرئيس السابق على سجله السياسي المتباين عندما كان ما بين عامي 1972 – 2008 سيناتورًا عن ولاية ديلاوير في مجلس الشيوخ، وبعدها ما بين عامي 2008 – 2016 نائبًا للرئيس الأسبق باراك أوباما، وهو ما يراهن عليه سيناتور فيرمونت بأن تتيح المناظرة للأمريكيين معرفة أي من المرشحيّن سيكون مناسبًا لتحقيق هدفهم بهزيمة ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
وفيما يتوافق المرشحان في برنامجيّهما الانتخابيّن على بعض القضايا، مثل منح المرأة حقها بالإجهاض إلى جانب تمويل الحكومة الفيدرالية لعمليات الإجهاض، ومنع بيع الأسلحة الهجومية، بما فيها تلك التي يتم استخدامها في حوادث إطلاق النار الجماعي، فإنهما يختلفان على مجموعة من القضايا الأساسية فيما يخص الأزمة المناخية والرعاية الصحية، التي يقدم فيها ساندرز برنامجًا جذريًا بالنسبة للأمريكيين على عكس بايدن المعتدل.
اقرأ/ي أيضًا: بيرني ساندرز.. ما يهمنا في سيرة مرشح غير مسبوق
إذ إنه في النقاط الأساسية التي تشغل بال الناخبين الديمقراطيين المصنفين أكثر تقدمية عن الجمهوريين الميالين للجانب اليميني المحافظ، يطالب ساندرز بأن تكون الرعاية الصحية متوفرة لجميع الأمريكيين بغض النظر إن كان بإمكانهم الدفع على اعتبار أنها أحد أهم الحقوق الإنسانية، كما أنه يدعم بشدة الصفقة الخضراء الجديدة لمكافحة التغيير المناخي بشكل جذري على وجه السرعة، فضلًا عن طرحه زيادة الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء، ومجانية التعليم الجامعي للطلاب بغض النظر عن دخلهم السنوي. وهو ما يختلف مع برنامج بايدن الذي يقول إن الرعاية الصحية يجب أن يجري دمجها بين برنامج الدعم الحكومي وعقود التأمين مع الشركات الخاصة، إلا أنه يمكن لمن يرغب الاحتفاظ بعقد التأمين الصحي الخاص به مع شركات التأمين الخاصة، كما أنه لا يولي للأزمة المناخية اهتمامًا كبيرًا على اعتبار أنها ليست مشكلة رئيسية، فضلًا عن مطالبته بفرض الضرائب على جميع الأمريكيين لمساعدة البلاد على التقدم، ورفضه لمجانية التعليم الجامعي على أن يكون بأسعار معقولة عبر حصول الطلاب على قروض أو منح جامعية لتمويل دراستهم.
يطالب ساندرز بأن تكون الرعاية الصحية متوفرة لجميع الأمريكيين بغض النظر إن كان بإمكانهم الدفع على اعتبار أنها أحد أهم الحقوق الإنسانية، كما أنه يدعم بشدة الصفقة الخضراء الجديدة لمكافحة التغيير المناخي
وكان أحدث استطلاع للرأي أجرته مؤسسة مورنينغ كونسلت بمشاركة 1390 ناخبًا ديمقراطيًا قد أظهر تأييد 54 بالمائة من الديمقراطيين لبايدن في مقابل تأييد 38 بالمائة لساندرز، وأشارت المؤسسة التي أجرت الاستطلاع في الخامس من الشهر الجاري إلى أن ساندر حصل على تأييد 57 بالمائة من الناخبين تحت سن 45 عامًا في مقابل حصول بايدن على تأييد 70 بالمائة ممن تجاوزا سن الـ45 عامًا.
اقرأ/ي أيضًا:
نتائجُ الثلاثاء الكبير.. هل انتهت فرص ساندرز؟
ليلة الثلاثاء الكبير.. الوسطيون يقودون بايدن لصدارة المرشحين الديمقراطيين