أثارت تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن ثورة يناير وإمكانية دمار مصر، موجة كبيرةً من الجدل داخل مصر، وذلك في ظل الاستعداد للانتخابات الرئاسية المصرية، نهاية العام الحالي، إذ من المتوقع إعلان السيسي ترشحه خلال الأيام القريبة المقبلة.
وكرر السيسي، تصريحاته المنتقدة لثورة 25 يناير 2011، زاعمًا تحميلها المسؤولية عن بناء سد النهضة الإثيوبي، قائلاً: "لولا 2011، ولولا هذه الأحداث [ثورة 25 يناير]، لم يكن سد النهضة ليبنى"، وفق تعبيره.
تسببت تصريحات السيسي في موجة كبير من الجدل والتحفظ داخل مصر، مع حذف وتنقيح وسائل الإعلام المصرية المحلية لخطاب السيسي
ووقع السيسي اتفاقًا مع إثيوبيا والسودان في عام 2015، كان بمثابة أول اعتراف من القاهرة بحق أديس أبابا في إنشاء السد.
وأضاف السيسي: "تخيلوا أنا ممكن أهد مصر بملياري جنيه فقط، سأعطي باكتة (عبوة) و20 جنيهًا وشريط ترامادول (مسكن ألم يستخدم كمخدر) لنحو 100 ألف مصري ظروفهم صعبة، وأنزلهم الشارع يعملوا حالة (فوضى)"، في إشارة إلى ثورة 2011 التي أطاحت بنظام حسني مبارك.
وأضاف: "قادر أهد بلد فيها 105 ملايين إنسان بمليار جنيه، أي ما يعادل 30 مليون دولار، وده مبلغ ممكن ناس تصرفه في حفلة! ممكن أنزل الناس تتظاهر بمليار جنيه لمدة 10 أسابيع متتالية، زي ما نزلوهم قبل كده".
وجاءت تصريحات السيسي، أمس الأحد، خلال فعاليات مؤتمر "حكاية وطن" الترويجي تمهيدًا لإعلان ترشحه لولاية رئاسية ثالثة في ظل حملة تضييق وملاحقة أمنية تشنها السلطات على منافسيه.
بغض النظر عن اللي اتقال .. توقيت التصفيق مع الكلام حاجة في منتهى الغرابة 🤔 pic.twitter.com/H3eT591B21
— Chex (@TheChex__) October 1, 2023
وتابع السيسي: "الإخوان وأي جماعة متطرفة ممكن تهد البلد بملياري جنيه، ولمصر تجربة مريرة في ذلك. أنتم عاوزين دولة ولا أي حاجة تانية وخلاص؟ لو بتفهموا يعني إيه أمن قومي مش هاتستكتروا اللي بنعمله من مشروعات بنية تحتية، وطرق وكباري (جسور)"، وفق قوله.
وفقد الجنيه المصري أكثر من 80% من قيمته في عهد السيسي، بسبب الإنفاق الكبير على مشروعات عملاقة مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ما فاقم من عمليات الاقتراض الداخلي والخارجي.
وقفز الدين الخارجي من نحو 46 مليار دولار، مع تولي السيسي الحكم عام 2014، إلى أكثر من 165 مليارًا بنهاية مارس/ آذار الماضي.
بيان
السيد رئيس الجمهورية: المصريين فعلًا جاعوا في عهدك وبسبب إدارتك ولم يروا التنمية الموعودةتابعت باستنكار شديد كلمة رئيس الجمهورية التي ألقاها أمس في مؤتمر احتفالي معتاد استخدم فيه الحكومة والجهاز الإداري في الدعاية الانتخابية له على نحو ينتهك مبدأ حياد مؤسسات الدولة… pic.twitter.com/N12l0L8oqN
— Ahmed Altantawy - أحمد الطنطاوي (@a_altantawyeg) October 2, 2023
وقال البنك المركزي المصري، اليوم الإثنين، إن مصر عليها سداد 29.2 مليار دولار أو ما يقرب من خمس إجمالي التزامات ديونها الخارجية في عام 2024 وحده.
وفي تصريحات سابقة خلال المؤتمر نفسه، قال السيسي: "لو كان التقدم تمنه [مقابله] الجوع والحرمان، أوعوا يا مصريين تقولوا ناكل أحسن".
الطنطاوي يستنكر
واستنكر المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية المصرية أحمد الطنطاوي تصريحات السيسي، قائلًا: "لقد تعمد رئيس الجمهورية أن يخلط على نحو واضح بين إطلاق الشائعات والأكاذيب من جهة وتوجيه النقد السياسي للمسؤولين من جهة أخرى، منكرًا حقيقة أن المعارضة على أساس وطني من أرقى أشكال الممارسة السياسية وهي أيضًا من الحقوق الأساسية للمواطنين"، مضيفًا: "انتقل [السيسي] إلى شكواه التي لا يكف عنها من المصريين الذين لا يقدرون إنجازاته بزعمه، دون أن يسائل نفسه ولو مرة واحدة عن أسباب غياب التقدير ومعناه، وعن منهجه في صناعة القرار وتحديد الأولويات وإقصاء المواطنين من المشاركة السياسية والاهتمام بالمظاهر وبالحجر على حساب البشر".
اعتبر الطنطاوي، أن أخطر ما ورد في كلمة السيسي، مطالبة الشعب المصري بـ"احتمال الجوع والحرمان في سبيل التنمية والبناء والتقدم"
واعتبر الطنطاوي، أن أخطر ما ورد في كلمة السيسي، مطالبة الشعب المصري بـ"احتمال الجوع والحرمان في سبيل التنمية والبناء والتقدم، وإن تلك المطالبة تعبر عن رؤيته للتنمية بوصفها مجرد تراكم للأبنية الشاهقة والمدن والقصور المشيدة في الصحاري، ولو كان ذلك كله على حساب الإنسان وحقه في الحياة الكريمة والتعليم والعمل والعلاج".
وأضاف الطنطاوي: "هذه الرؤية غير الإنسانية تسكن عقل وقلب هذا النظام وتفسر سياساته التي لم تعتبر الصحة والتعليم أولوية، وجردت المواطنين من أشكال الحماية الاجتماعية لتترك ثلثي المصريين يعيشون تحت وحول خط الفقر، بينما تتدهور أحوال معظم الثلث المتبقي على نحو خطير".