22-أكتوبر-2024
الصراع في القرن الإفريقي

تتزايد احتمالات الصدام بين مصر وإثيوبيا كقوتين إقليميتين (ستراتفور)

تتحرك منطقة القرن الإفريقي على صفيح ساخن، وباتت الأوضاع فيها مرشحةً للاضطراب بشكلٍ قوي، بعد بروز ما أسماه مركز "ستراتفور" الأميريكي للدراسات الإستراتيجية والأمنية" بتحالفٍ معادٍ لإثيوبيا، في إشارة إلى التحالف الثلاثي: المصري الصومالي الإريتري الذي أُبرم في العاشر من تشرين الأول /أكتوبر الجاري، لتعزيز التعاون الأمني بين القاهرة ومقديشو وأسمره.

حيث تعدّ هذه الخطوة أحدث مؤشرٍ على تنامي العلاقات بين مصر والصومال من جهة، والاحتكاكات مع إثيوبيا من جهة ثانية، بعد الإعلان في آب/أغسطس الماضي أن مصر ستسهم بنحو 5 آلاف جندي في بعثة الاتحاد الإفريقي الجديدة لدعم الاستقرار في الصومال، والتي من المقرر أن تبدأ مهامّها مع بداية العام 2025.

ووفقًا لأحدث تحليلٍ نشره مركز "ستارتفور" فإنّ ما وصفه "بالانتشار العسكري المصري المرتقب في الصومال سيفاقم التوترات مع إثيوبيا، التي تُنذر خلافاتها مع مقديشو بخطر وقوع اشتباكات بين القوات المصرية والإثيوبية في الصومال. الأمر الذي يؤدي إلى فراغ أمني من المرجح أن تستغله حركة الشباب المجاهدين" الصومالية.

شكّلت مصر مع الصومال وأريتريا تحالفًا ثلاثيًا للتصدي لإثيوبيا

موانئ الصومال.. حرب بالوكالة تطلّ برأسها

ارتفع منسوب التوتر في القرن الإفريقي بعدما وصل النزاع بين إثيوبيا والصومال إلى مرحلة عالية، على إثر  قرار أديس أبابا المثير للجدل في كانون الثاني/يناير الماضي بتوقيع اتفاقٍ مع إقليم أرض الصومال المنفصل عن الدولة الأم، والذي يمنح أديس أبابا حق استخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية. حيث تسبب هذا الاتفاق في إثارة حفيظة الحكومة الصومالية المعترف بها دوليًا، التي رأت في الاتفاق انتهاكًا لسيادة الصومال.

ووفقًا لتقييم مركز ستارتفور فإنّ إضفاء الطابع الرسمي على صفقة الميناء بين أرض الصومال وإثيوبيا من شأنه أن "يُصعّد التوترات ويزيد من خطر اشتباك القوات الإثيوبية مع الجيش الصومالي، وفي سيناريو أكثر تصعيدًا، مع الجنود المصريين، مما قد يؤدي إلى نشوب حربٍ بالوكالة". ويضيف مركز ستارتفور أنّ "تصديق أرض الصومال وإثيوبيا رسميًا على اتفاق الميناء، من شأنه زيادة النزاع الدبلوماسي بين أديس أبابا ومقديشو حدّةً".

ومع اشتداد الأزمة وتكرر المناوشات، لا يستبعد تقييم المركز الأميركي أن "تتوغل إثيوبيا في الصومال، وقد تؤدي إلى مناوشات في حال حدوثها -بعد نشر مصر قواتها في الصومال- إلى اشتباكات بين القوات المصرية والإثيوبية بحجة حماية مصر لسيادة الصومال".

ومع عدم توقع مركز ستاتفور أن ينهار قريبًا اتفاق السلام الذي أبرمته الحكومة الفيدرالية الإثيوبية عام 2018 مع الجبهة الوطنية لتحرير أوغادين ـ وهي جبهة تطالب بانفصال إقليم أوغادين عن إثيوبيا، مما قد يدفعها للعمل بالوكالة عن الصومال، وبالتالي زيادة حدة الصراع في إثيوبيا ـ  إلا أن التوترات بين الجانبين قد تطفو على السطح مجددًا.

كردّ فعلٍ أولي على الاتفاق توعدت مقديشو بطرد ما بين 8 آلاف إلى 10 آلاف جندي إثيوبي متمركزين بشكل أساسي في ولايتي جوبالاند وجنوب غرب الصومال ـ الذين "لعبوا دورًا حاسما" حسب مركز ستاتفور في مواجهة حركة الشباب المجاهدين الصومالية – وذلك إذا لم تُلغِ إثيوبيا اتفاقها مع أرض الصومال.وعلى الرغم من أن هذه القوات الإثيوبية لم تُطرد حتى الآن، إلا أن مقديشو حددت موعدًا نهائيا لذلك بحلول نهاية العام الجاري. وانسجامًا مع الإرادة الصومالية قررت مصر نشر المزيد من قوات جيشها في الصومال في إطار اتفاقية ثنائية مع حكومة مقديشو.

 وبحسب تقييم مركز ستراتفور للدراسات الأمنية والاستراتيجية فإن "تعهد القاهرة بنشر قوات في الصومال، وإبرامها الاتفاق الثلاثي الشهر الجاري مع الصومال وإريتريا، خطوتان لا ترتبطان فقط باتفاق إثيوبيا وأرض الصومال الانفصالية حول ميناء بربرة، بل أيضًا بمخاوف مصر من ملء سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل، مع تعثر المفاوضات حول هذه القضية".

منطقة القرن الإفريقي مرشحة لخوض حروب بالوكالة

الانهيار الأمني في الصومال:

يتوقع مركز ستارتفور مستقبلًا قاتما للمنطقة، ففي خضم التوترات في العلاقات المصرية الإثيوبية، والشروخ التي تظهر جليةً في الحكم في الصومال مع وجود حركات متمردة مسلحة في هذا البلد، لا يستبعد أن تتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة، حيث يعتقد مركز ستراتفور أن "الطرد الوشيك للقوات الإثيوبية قد يُضعف الجهود المبذولة لمحاربة حركة الشباب وتنظيم الدولة الإسلامية فرع الصومال".

ويشكك المركز في أن يقدم التعاون الأمني "الوليد" بين الصومال ومصر بديلًا أمنيًا ناجعًا، خاصةً أن الحكومة في مقديشو تواجه تحديات في الحكم مع ولاياتها الفيدرالية، على غرار "جوبالاند وجنوب غرب البلاد، بالإضافة إلى منطقتي بونتلاند وأرض الصومال التي أعلنت استقلالها عن جمهورية الصومال من جانب واحد".

وأشار المركز الأميركي إلى أنّ القادة في جوبالاند وجنوب غرب الصومال أعربوا عن مخاوفهم من تهديد الحكومة الفيدرالية بطرد القوات الإثيوبية التي يرون أنها ضرورية لمواجهة حركة الشباب في ولايتيهما.

كما يؤكد تقييم مركز ستارتفور أن ولاية بونتلاند شمال شرقي الصومال تواجه هي الأخرى تحديات أمنية داخلية، لا سيما مع تنامي خطر تنظيم الدولة الإسلامية – فرع الصومال، الذي كسب موطئ قدم له في منطقة باري التابعة للولاية.