عززت الكاميرون رقمها كأكثر البلدان الأفريقية مشاركة في نهائيات كأس العالم، بتأهلها إلى المونديال للمرة الثامنة في تاريخها، حيث وضعتها القرعة أمام مواجهات قوية مع البرازيل وسويسرا وصربيا في المجموعة السابعة.
أبرز إنجاز للمنتخب الكاميروني كان الوصول إلى ربع النهائي في مونديال إيطاليا 1990، في حين انتهت مشاركاته الأخرى بدون أي إنجاز وودع البطولة من الدور الأول.
بلوغ الكاميرون النهائيات في قطر جاء على حساب الجزائر التي كانت قريبة من رفع علمها في كورنيش الدوحة، لولا أن "الأسود غير المروضة" سجلت عودة قوية في التصفيات النهائية وقلبت الموازين لصالحها.
طريق التأهل إلى الثامنة
استهل منتخب الكاميرون طريقه إلى قطر من الدور الثاني وخاض التصفيات في المجموعة الرابعة مع منتخبات كوت ديفوار، موزمبيق، ومالاوي، ونجح في تصدر الترتيب بـ 15 نقطة حصدها من 5 انتصارت وخسارة وحيدة، وسجل 12 هدفًا واهتزت شباكه في ثلاث مناسبات فقط.
تأهلت الكاميرون إلى الدور الحاسم وواجهت الجزائر ذهابًا على ملعب "غابوما" في مدينة دوالا في مباراة حسمها "محاربي الصحراء" بهدف أحرزه إسلام سليماني. منتخب الكاميرون عاد في الإياب وانتصر بنفس النتيجة ليتم اللجوء إلى شوطين إضافيين حمل الثاني منها كل الإثارة إذ سجل المنتخب الجزائري هدفًا قبل دقيقتين من نهاية الوقت الرسمي عبر أحمد توبة، قبل أن يُحرز تشوبو موتينغ الهدف الثاني للضيوف في الوقت البدل ضائع ويمنح بلاده بطاقة العبور إلى مونديال قطر.
بصمة أفريقية
تعتبر الكاميرون خامس منتخب إفريقي يُشارك في نهائيات كأس العالم بتأهلها إلى مونديال إسبانيا 1982، بعد أن سبقتها مصر (1934)، المغرب (1970)، الكونغو الديمقراطية (1974)، وتونس (1978)، وهناك أيضًا الجزائر سجلت حضورها الأول في 1982.
في بداية تاريخها بالمونديال، ظهرت الكاميرون بصورة طيبة، ولم تخسر أي مباراة في دور المجموعات أمام إيطاليا بطلة تلك النسخة وبولندا والبيرو، لكن بالمقابل لم تفز على أي من خصومها وجمعت ثلاث نقاط من ثلاث تعادلات وودعت البطولة.
المشاركة الأبرز للمنتخب الكاميروني في كأس العالم كانت في مونديال إيطاليا 1990، عندما هزم حامل اللقب في مونديال 1986 منتخب الأرجنتين بقيادة الأسطورة الراحل دييغو أرماندو مارادونا بهدفٍ دون رد، ثم انتصر رفاق روجيه ميلا على رومانيا بهدفين لهدف ليبلغ دور الـ 16 رغم خسارته من الاتحاد السوفيتي برباعية في الجولة الأخيرة من دور المجموعات.
ولعبت الكاميرون ضد كولومبيا وتمكنت من الفوز على كولومبيا بهدفين لواحد وتصل إلى ربع النهائي، في إنجاز لم يسبق أن حققه بلد أفريقي في النهائيات العالمية، غير أن مسيرتها توقفت بعد أداء ملحمي أمام إنجلترا، التي انتصرت بفضل هدف غاري لينيكر من ركلة جزاء في الشوط الإضافي الأول، حيث انتهى الوقت الأصلي بين الطرفين بالتعادل بهدفين لمثلهما.
عقب أربع سنوات سافر المنتخب الكاميروني إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في حضور مونديالي ثالث توقف بعد تعادل مع السويد (2ـ2)، وهزيمتين أمام كل من البرازيل (0ـ3) وروسيا (1ـ6) في دور المجموعات.
وفي مونديال فرنسا 1998، ودعت الكاميرون من الدور الأول أيضًا، فبعد بداية مُبشرة وتعادلها مع النمسا بهدفٍ لمثله، خسرت "الأسود غير المروضة" من إيطاليا بثلاثية نظيفة، ثم تعادلت أمام تشيلي بهدفٍ لهدف ليحتل منتخبها المركز الأخير بنقطتين فقط.
التواجد الكاميروني في كأس العالم تواصل للنسخة الرابعة على التوالي حين بلغ المنتخب الإفريقي مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002، حيث كانت النهاية باحتلال المركز الثالث بـ 4 نقاط بعد تعادل في الافتتاح مع إيرلندا بهدفٍ لمثله، ثم فوز جاء على حساب المنتخب السعودي بهدفٍ وحيد، وخسارة أمام ألمانيا بهدفين دون مقابل في الجولة الختامية.
وبعد غياب عن مونديال 2006، عادت الكاميرون لتشارك في مونديال جارتها جنوب إفريقيا، وسط طموح وآمال كبيرة لدى مشجعيها بتحقيق نتائج ايجابية، لكن ما حدث كان العكس تمامًا إذ تكبد المنتخب ثلاث هزائم أمام كل من، اليابان (0ـ1)، والدنمارك (1ـ2)، وهولندا (1ـ2)، وخرج من المنافسات دون أي نقطة بالمركز الرابع في المجموعة الخامسة.
آخر ظهور رسمي لمنتخب الكاميرون في كأس العالم كان في مونديال البرازيل 2014، الذي واجه خلاله الكاميرونيين المصير نفسه الذي أصابهم قبل 4 سنوات، وتعرضوا للخسارة من المكسيك (0ـ1)، وكرواتيا (0ـ4)، والمنتخب المستضيف للبطولة (1ـ4). خلال مشاركاته السبع السابقة، خاض منتخب الكاميرون 23 مباراة، وحقق فيها 4 انتصارات مقابل 7 تعادلات و 7 خسارات، وسجل 12 هدفًا مقابل تلقيها 18 هدفًا.
سقف تطلعات عال جدًا
في تصريح اعتبره البعض ضربًا من الجنون، والبعض الآخر عده طريقة لمنح الثقة للاعبيه في المونديال القادم، قال رئيس الاتحاد الكاميروني صامويل إيتو لموقع "أونز مونديال" الفرنسي إن منتخب بلاده يسعى "لتحقيق اللقب"، في تحدٍ واضح وصريح لبطلة العالم الأكثر تتويجًا باللقب البرازيل، وسويسرا التي قدمت أداءً قويًا جدًا في التصفيات، وتصدرت مجموعتها على حساب إيطاليا حاملة كأس أمم أوروبا، وصربيا المتطورة جدًا مع لاعبين بقيمة دوشان فلاهوفيتش وسيرجي ميلينكوفيتش سافيتش.
بالتأكيد إن إيتو يعي تمامًا صعوبة ما تحدث عنه، وأراد بالفعل شحذ الهمم في مجموعة تضم منتخبات من بين الأقوى على الساحة العالمية، وفي حال تجاوز المنتخب الكاميروني دور المجموعات، فإنه سيحقق إنجازًا عظيمًا، قد يمنحه دافعًا قويًا لإعادة سيناريو مونديال 1990.
على الورق، الكاميرون هي الحلقة الأضعف في مجموعتها، رغم وجود بعض الأسماء المهمة في تشكيلة المنتخب، أمثال الحارس أندريه أونانا حامي عرين إنتر ميلان الإيطالي، وتشوبو موتينغ مهاجم بايرن ميونخ الألماني، وفينسيت أبو بكر المحترف في صفوف النصر السعودي.
المنتخب الكاميروني تحت قيادة ريغوبير سونغ أبان عن بطئ شديد في صناعة الفرص خلال نهائيات الأمم الإفريقية التي استضافتها الكاميرون على أراضيها، وحققت فيها المركز الثالث بعد الخسارة أمام مصر في نصف النهائي، إلى جانب الفرق الواضح في الإمكانيات مقارنة بباقي منتخبات المجموعة.
وأيضًا عدم قدرة "الأسود غير المروضة" على مجاراة المنتخبات القوية في المواعيد الكبرى الأمر الذي ظهرت عليه في آخر مشاركتين في نهائيات كأس العالم. تفتتح الكاميرون مشوارها في مونديال قطر يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر بملاقاة سويسرا، ثم تلعب مع صربيا في 28 من نفس الشهر، قبل الاصطدام بالبرازيل في الثاني من كانون الأول/ديسمبر.