تمكنت صربيا من بلوغ نهائيات كأس العالم عقب تصدرها المجموعة الأوروبية الأولى بأداء جميل لجيل مميز، استطاع التفوق على البرتغال في واحدة من أبرز المفاجآت الحاصلة في التصفيات.
المشاركة هي الرابعة لصربيا بعد تقسيم يوغسلافيا عام 1992، حيث كان أول حضور لها في مونديال ألمانيا 2006 باسم صربيا ومونتينيغرو، والثاني كان باسم صربيا في مونديال جنوب إفريقيا 2010 بعد الانفصال عن جمهورية مونتينيغرو في أيار/ مايو 2006، والثالث في مونديال روسيا 2018.
في قطر 2022 أوقعت القرعة المنتخب الصربي في المجموعة السابعة، إلى جانب منتخبات، البرازيل، وسويسرا، والكاميرون، ومن المنتظر أن يكون "النسور" رقمًا صعبًا في معادلة المنافسة على التأهل لدور الـ 16، نظرًا إلى الأداء الجماعي المميز الذي قدمته كتيبة المدرب دراغان ستويكوفيتش مؤخرًا.
تأهلٌ مُباشر
قبل انطلاق التصفيات الأوروبية كان المرشح الأول لحسم صدارة المجموعة الأولى هو المنتخب البرتغالي بطل أمم أوروبا في 2016 ودوري الأمم الأوروبية في نسختها الأولى صيف 2019، غير أن الصرب صنعوا الحدث وظفروا ببطاقة التأهل المباشر، وأجبروا النجم الكبير كريستيانو رونالدو ورفاقه إلى خوض الملحق الأوروبي.
المنتخب الصربي خاض خلال التصفيات 8 مباريات، حقق الفوز في 6 منها، وتعادل في اثنتين دون أن يتعرض لأي هزيمة، وظل في منافسة مباشرة مع نظيره البرتغالي، إلى غاية الجولة الختامية حيث كان التعادل يكفي "برازيل أوروبا" لضمان الصدارة، وهو ما كان حاصلًا إلى غاية الدقيقة 90، قبل أن يُحرز أليكسندر ميتروفيتش هدف صربيا الثاني وينتصر "للنسور" على أرض ملعب "دراغاو" في مدينة بورتو.
فوز صربيا في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 هو الأول تاريخيا على البرتغال، إذ التقى المنتخبان في 7 مباريات، تغلبت البرتغال في 3 مناسبات مقابل 4 تعادلات، دون أن تحقق صربيا أي انتصار قبلها.
حصدت صربيا في نهاية التصفيات 20 نقطة وضعتها بالمركز الأول، وجاءت البرتغال ثانيًا بـ 17 نقطة، ثم إيرلندا ثالثًا بـ 9 نقاط، ولوكسمبورغ رابعًا بنفس الرصيد، وأذربيجان خامسًا وأخيرًا بنقطة واحدة، وكان المنتخب القطري ضيفًا في نفس المجموعة لكن النتائج التي حققها لم تدخل في حسابات التأهل والمباريات التي لعبها كانت ضمن استعداداته للمونديال.
حضور موندياليّ ضعيف
حملت صربيا مع مونتينيغرو إرثًا كرويًا كبيرًا من يوغسلافيا، إلّا أنهما لم يبرزا على الساحة العالمية إلى غاية عام 2006 ، حين استطاعا كدولة موحدة بلوغ مونديال بعد مشوار رائع في التصفيات تفوقت به على إسبانيا، تحت قيادة المدرب إيليا بتكوفيتش، الذي خلق منظومة دفاعية جبارة، لم تتلق سوى هدف وحيد في 10 مباريات.
وقبل انطلاق العرس الكروي في ألمانيا بأيام قليلة أعلن الجبل الأسود (مونتينيغرو) الانفصال عن صربيا، وتقرر فصل المنتخب الذي تأهل إلى نهائيات كأس العالم، لكن بعد نهاية مشواره في البطولة مباشرة، الأمر الذي كان له أثرًا سلبيًا بكل تأكيد على مشاركته المونديالية الأولى.
على العكس تمامًا ظهر دفاع منتخب صربيا ومونتينيغرو خلال النهائيات بصورة ضعيفة، حيث تلقى هدفًا من هولندا في مباراة انتهت لصالح "الطواحين"، ثم جاءت الخسارة القاسية من الأرجنتين بسداسية نظيفة، قبل أن ينهزم أيضًا في المباراة الأخيرة بدور المجموعات أمام كوت ديفوار بهدفين لثلاثة ويودع البطولة بدون أي نقطة.
الكرة الصربية تابعت تطورها وتمكنت من الوصول إلى مونديال جنوب إفريقيا 2010 غير أن مشوارها انتهى عند الدور الأول، وكذلك في مونديال روسيا أيضًا. في مجمل مشاركاتها في بطولة كأس العالم، خاضت صربيا 9 مباريات، انتصرت في مباراتين فقط وخسرت في سبع، سجلت 6 أهداف وتلقت شباكها 16 هدفًا.
المدفع السائب
تعتقد الجماهير الصربية أن الوقت حان لتقديم شيء مميز وإيجابي في بطولة كأس العالم، ويُنظر إلى المشاركة القادمة في قطر أنها الفرصة الحقيقة، لفعل ما عجز عنه المنتخب الصربي في المناسبات الثلاث السابقة.
في لقاء له مع صحيفة "توتو سبورت" الإيطالية، قال دراغان ستويكوفيتش: "سنكون المدفع السائب في كأس العالم"، تصريحات مدرب منتخب صربيا تعكس تمامًا الرغبة الجامحة في تحقيق إنجاز غير مسبوق، نظرًا إلى التقدم الكبير الذي حدث منذ أن تولى النجم السابق لنادي النجم الأحمر ومنتخب يوغسلافيا الإدارة الفنية لنسور البلقان.
تولى ستويكوفيتش مهامه في 20 شباط/فبراير عام 2021 ، بدلًا من ليوبيشا تومباكوفيتش الذي أقيل من منصبه في كانون الأول/ديسمبر على خلفية فشل صربيا في التأهل لكأس أمم أوروبا 2020، وخلال 9 أشهر فقط نجح دراغان في النهوض بالمنتخب، ووضعه بين مصاف الكبار في القارة العجوز.
يعتمد دراغان في أسلوب لعبه على الاحتفاظ بالكرة، ونقل الضغط لملعب الخصم، مستفيدًا من مهارة عناصر المنتخب في التحول السريع ونقل الكرة من الدفاع إلى الهجوم بأقل جهد ممكن. ويعول ستويكوفيتش في تطبيق خططه على 6 عناصر أساسية، في مقدمتهم نجم لاتسيو الإيطالي وأفضل لاعبي الوسط في العالم حاليًا سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش، ودوسان فلاهوفيتش المهاجم الذي دفع به يوفنتوس ما يقارب 80 مليون يورو لاستقدامه من فيورنتينا في كانون الثاني/يناير الماضي.
وهناك أيضـا المخضرم دوسان تاديتش قائد أياكس الهولندي، وألكسندر ميتروفيتش مهاجم فولهام الإنجليزي، وفيليب كوستيتش الجناح الجديد في صفوف يوفنتوس.
وأثبت أسلوب ستويكوفيتش نجاحه إلى حد كبير في التصفيات المؤهلة إلى مونديال قطر بعدم تلقيه أي هزيمة، وتسجيله 18 هدفًا في مرمى خصومه، مقابل 9 أهداف دخلت شباكه وهو رقم ليس بالجيد لدفاع يستعد لمواجهة منتخبات تمتلك هجومًا بقوة ضاربة في مجموعتها.
حظوظ المنتخب الصربي في تجاوز الدور الأول لأول مرة في تاريخه كبيرة جدًا، إذا ما تجاوز المهمة الصعبة أمام البرازيل في الجولة الأولى بنتيجة إيجابية، فهو قادر بالعناصر والإمكانيات التي لديه على الفوز والظفر بالنقاط الكاملة، أمام كل من سويسرا والكاميرون رغم قوة المنتخبين.
تلتقي صربيا مع البرازيل في 24 تشرين الثاني/نوفمبر القادم، ثم تواجه الكاميرون في 28 من الشهر نفسه، قبل أن تلعب مع سويسرا في ختام الدور الأول في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر المقبل.