03-يناير-2023
gettyimages

(Getty) الأكثرية العربية لا تنخرط في الأحزاب ولا ترى أن هناك حزب سياسي يمثلها

تقترن هذه الأيام بذكرى الثورات العربية، التي انطلقت بمطالب اقتصادية وسياسية من بينها إسقاط الدكتاتوريات والحصول على الحكم الديمقراطي، في تجربة نجحت لمدة قصيرة قبل ردة الثورات المضادة. ورغم ذلك، إلّا أن المؤشر العربي، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، اليوم الثلاثاء، يشير إلى أن العرب قادرون على تقديم تعريفٍ ذي محتوى للديمقراطية؛ إذ قدّم 85% منهم ذلك. 

العرب قادرون على تقديم تعريفٍ ذي محتوى للديمقراطية؛ إذ قدّم 85% منهم ذلك

وعرف 34% من مواطني المنطقة العربيّة الديمقراطية بأنّها ضمان الحريات السياسيّة والمدنيّة. وأفاد 20% منهم أنّ الديمقراطيّة هي ضمان المساواة والعدل بين المواطنين، فيما ركّز 14% على إنشاء نظام ديمقراطي، وعرّف 6% الديمقراطية بأنها ضمان الأمن والاستقرار، وعرّفها 5% بأنها تحسين الأوضاع الاقتصاديّة. هذا وتظهر النتائج ارتفاع نسبة من عرّفوا الديمقراطية من خلال إرساء قواعد ومؤسسات الحكم الديمقراطي (تداول، ورقابة، وفصل بين السلطات)، وخاصة في بلدان مثل مصر، والكويت، وموريتانيا، والمغرب، والسودان.

وترفض أغلبية مواطني المنطقة العربيّة مقولاتٍ ذات محتوى سلبيّ عن الديمقراطية، إلا أنها منقسمة في رأيها حول مقولة إن "مجتمعنا غير مهيأ لممارسة النظام الديمقراطي". كما أنها منقسمة إلى حدّ ما في رأيها حول مقولة: "يتسم النظام الديمقراطي بأنه غير حاسم ومليء بالمشاحنات".

وبحسب المؤشر، فإن أغلبية الرأي العامّ تؤيد النظام الديمقراطي بنسبة 72%، مقابل معارضة 19%. وتبلغ أعلى نسب التأييد في المشرق العربي والمغرب العربي.

getty

وأفاد 71% من المستجيبين أنّ النظام الديمقراطي التعددي ملائم ليطبَّق في بلدانهم. في حين تَوافَق ما بين 53% و70% على أنّ أنظمة مثل: النظام السلطوي، أو نظام يتولى الحكم فيه العسكريون، أو حكم الأحزاب الإسلامية فقط، أو النظام القائم على الشريعة من دون انتخابات وأحزاب، أو النظام المقتصر على الأحزاب العلمانية (غير الدينية)، هي أنظمةٌ غير ملائمة لتطبَّق في بلدانهم. وإن مقارنة نتائج هذا الاستطلاع بالاستطلاعات السابقة، تُظهر أن انحياز الرأي العام إلى الديمقراطية لا يزال ثابتًا.

ويشير الاستطلاع إلى أن الديمقراطية عربيًا ما زالت في منتصف الطريق، حيث قيّم المواطنون ذلك بعلامة 5.3 درجات من أصل 10 درجات. وهو أقل مما سُجِّل في استطلاع المؤشر 2020.

لا ممارسة ديمقراطية

ورغم الانحياز الكبير نحو النظام الديمقراطي، إلّا أنّ المشاركة في منظّمات مدنيّة وأهليّة طوعيّة منخفض في المنطقة العربيّة، ولا تتجاوز نسبته 13%. وتصبح النسب أقل من ذلك، إذا أخذنا في الاعتبار مدى مشاركة المستجيبين في الهيئات التي أفادوا أنهم ينتسبون إليها. فيما لا يزال الانتساب إلى جمعيات وهيئات عائلية أعلى من الانتساب إلى الجمعيات الأهلية والمدنية والثقافية والطوعية.

.

كما أن الأكثرية العربية لا تنخرط في الأحزاب ولا ترى أن هناك حزب سياسي يمثلها، بنسبة تصل إلى 64% بحسب المؤشر العربي.

ورغم تفضيل العيش في في نظام ديمقراطي، فإن المشاركة العربية كما يظهر محدودة بشكلٍ كبير،  ورغم أن الأكثرية المستطلعة وبنسبة تصل إلى 51% أشارت إلى نيتها التصويت في الانتخابات القادمة، بعد أن كانت 48% في مؤشر 2019/ 2020، ويشار إلى أن أعلى نسبة عبرت عن رغبتها في المشاركة في الانتخابات سُجِّلت في استطلاع 2011. كما أن الثقة بالأحزاب تتراجع عبر السنوات.

كيف يرى العرب الثورات؟

انقسم العرب في رأيهم حول الثورات العربية، بحسب أرقام المؤشر العربي، وعند التعرف على آراء المواطنين في الثورات العربية وحركات الاحتجاج الشعبي التي شهدتها المنطقة في عام 2011 بالتحديد، جاء السؤال لتقييم الثورات بمعزل عن المسارات اللاحقة.

getty

وأظهرت نتائج هذا السؤال أنّ الكتلة الأكبر من الرأي العامّ 46% ما زالت تقيّم هذه الثورات إيجابيًا، مقابل 39% قيمتها سلبيًا، يشار إلى أن نسبة الذين قيموها إيجابيًا في عام 2022 هي أقل مما سُجل في الاستطلاع السابق (2019/ 2020) بنحو 12 نقطة مئوية. أمّا عن دوافع المشاركة في حينه، يعتقد 25% أن دوافعهم كانت ضدّ الفساد، ونتيجة لأوضاعهم الاقتصادية السيئة بنسبة 16%، وضد الدكتاتورية بنسبة 14%. 

والانقسامات حول ثورات الربيع العربي تستمر عند الحديث عن مستقبلها، إذ أفاد ما نسبتهم 40% أنّها تمرّ بمرحلة تعثّر، إلّا أنّها ستحقق أهدافها في نهاية المطاف، وذلك مقابل 39% يرون أنّ الربيع العربي قد انتهى وأنّ الأنظمة السابقة عادت إلى الحكم. 

الانقسامات حول ثورات الربيع العربي تستمر عند الحديث عن مستقبلها، إذ أفاد ما نسبتهم 40% أنّها تمرّ بمرحلة تعثّر، إلّا أنّها ستحقق أهدافها في نهاية المطاف

ونُفذ استطلاع الرأي الأكبر في المنطقة العربية في دورته الثامنة، في 14 بلدًا عربيًا، وهي: موريتانيا، والمغرب، وتونس، ومصر، والسودان، والجزائر، وليبيا، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعودية، والكويت، وقطر.

وأنجز الاستطلاع بناءً على عينة حجمها أكثر 33300 ألف مستجيب ومستجيبة، تمثل 91% من سكان المنطقة العربية، ويبلغ مستوى الثقة في العينة 98%، في حين كان هامش الخطأ ± 2-3 %. واستغرق العمل عليه 72.362 ساعة، وعمل فيه أكثر من 900 باحثة وباحث، قطعوا 900 ألف كلم من أجل الوصول إلى المستطلعات والمستطلعين. وهو ما يجعله الاستطلاع الأضخم من نوعه الذي ينفّذ في المنطقة العربية، سواء من حيث حجم العيّنة، أو عدد البلدان التي ينفذ فيها، أو حجم المتغيرات التي يقوم بفحصها، أو حجم البيانات المجموعة.

يشار إلى أن المركز العربي لأبحاث ودراسة السياسيات، قد حافظ، عبر الدورات الماضية من المؤشر، على استطلاع آراء المواطنات والمواطنين في المنطقة العربية، من أجل توفير بيانات مهمّة عن مواقفهم وآرائهم حول عدد من القضايا الأساسية، بما يساعد في رصد التغيّرات والاتجاهات في الرأي العام العربي منذ العام 2011. كما يحافظ المؤشر العربي في دورته الجديدة للعام 2022 على أهميته بوصفه مصدرَ بيانات مفتوحًا للمهتمات والمهتمين بمتابعة الرأي العامّ العربي وتغيراته، سواء كانوا أكاديميين وباحثين، أو صناع قرار، أو إعلاميين أو خبراء.