تفصل المنتخب التونسي أيامًا قليلة عن بدء مغامرته في مونديال قطر 2022، بعد أن أوقعته القرعة في المجموعة الرابعة، بجانب حامل اللقب منتخب فرنسا إضافة للدنمارك وأستراليا، ويسعى المنتخب التونسي لتسجيل حضور ملفت على الرغم من قوة الفرق الأخرى، محاولاً خطف البطاقة الثانية خلف منتخب الديوك الذي تصب جميع الترشيحات في مصلحته لاحتلال المركز الأول، فماهي حظوظ كل منتخب من منتخبات المجموعة الرابعة ومفاتيح لعب كل تشكيلة من هؤلاء؟
منتخب فرنسا
يملك منتخب الديوك كوكبة من اللاعبين المميزين، القادرين على السير تحت إشراف المدرب ديديه ديشامب في رحلة الدفاع عن اللقب، وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت للمدرب الفرنسي عقب فوزه بكأس العالم 2018 في روسيا، ودوري الأمم الأوروبية 2021 بأنه يلعب بطريقة دفاعية ومملة، بهدف منع الخصم من التسجيل، والاعتماد على أسلحته الهجومية الفتاكة لاقتناص أشباه الفرص لهز شباك الفريق المنافس، لكن ديشامب نال ثقة الاتحاد الكروي في بلاده مرة أخرى بالاستمرار في قيادة الفريق في مونديال قطر 2022.
يعتمد ديشامب على الرسم التكتيكي 3-4-1-2 لتنفيذ أسلوب لعبه، إذ تتحول خطته الدفاعية ل5-3-1 بعودة الجناحين للخلف إضافة للاعب المحور، أما في الهجمات المرتدة فأنها تنفذ بسرعة تربك الخصم، وعندما يكون الخصم أقل فنياً من المنتخب الفرنسي، يلجأ ديشامب للسيطرة عليه بتنفيذ الهجمة بأقل عدد ممكن من التمريرات، فهو تماماً يعتمد على الأسلوب الإيطالي بسبب تأثره بهذه المدرسة تيمناً بطريقة لعب يوفنتوس، الذي قضى فيه فترة من حياته كلاعب.
يلعب ديديه في بعض الأوقات بطريقة 4-2-3-1 عندما يكون خصمه قوي هجومياً، ويعتمد اللعب على الأطراف، فيحاول عندها تفعيل الزيادة العددية على الأطراف للتقليل من خطورة الخصم، وتكون نقطة ضعف هذه الخطة فتح الملعب من الوسط أمام لاعبي المنافس، والسماح لهم بالتسديد من بعيد، تماماً كما حدث في نهائي يورو 2016، التي خسرها الديوك أمام البرتغال بهدف وحيد.
يستبشر الجمهور الفرنسي بلاعبيه ومدربه خيراً، فلو نظرت على قائمة اللاعبين ستجد لاعبين احتياطيين بنفس جودة اللاعبين الأساسيين، كيليان مبابي وبنزيما وجيرو وديمبلي في الهجوم، وخط وسط يتألف من كامفينجا وتشواميني وكومان ورابيوت وغندوزي وفيرتوت، مع ثغرة واضحة تمثّلت بغياب بوغبا وكانتي بسبب الإصابة، أما الدفاع فيضم فاران وميندي وثيو هيرنانديز وكمبيمبي وبافارد، إضافة لهوجو لوريس وماينان والمخضرم مانداندا في حراسة المرمى.
يواجه المنتخب الفرنسي فرق مجموعته وهو يتفوق عليهم تاريخيًا، فالتقى مع الدنمارك 16 مرة حقق الفوز ب8 مباريات وتعادل في اثنتين وخسر 6، أما أستراليا فلعبت خمس مرات ضد الديوك، تفوق الفرنسيون في ثلاث مناسبات كانت إحداها في المونديال السابق، فيما فازت أستراليا بلقاء وحيد كان في 2001 بكأس القارات، إضافة لتفوق فرنسا على تونس خلال أربعة لقاءات ودية بواقع فوزين وتعادلين.
منتخب الدنمارك
يعد المنتخب الدنماركي واحداً من فرق أوروبا القوية، وعلى الرغم من ابتعاده عن منصات التتويج لأكثر من عشرين عاماً، إلا أنه يشكل إزعاجاً لخصمه أياً كان، وعادة ما يخسر بسبب تفاصيل صغيرة في المباريات الإقصائية.
يعتبر منتخب الفايكينغ من أكثر المنتخبات تنظيماً وانضباطاُ داخل الملعب، ويتميز لاعبوه بالقوة البدنية واللعب الرجولي، الذي يسمح لهم بمقارعة كبار المنتخبات. ويميل مدرب المنتخب الدنماركي كاسبر هيولماند إلى الأداء الدفاعي نوعاً ما، مع وجود مرونة كبيرة في خططه داخل الملعب من شأنها تعقيد المهمة أمام الخصم، فتارة يلعب بالرسم التكتيكي 4-3-3 وتارة بالرسم 3-4-2-1، وفي كثير من الأوقات يلعب بطريقة 4-3-2-1 التي تتغير داخل المستطيل الأخضر حسب مجريات اللعب، مستغلاً وجود عناصر في فريقه تسمح له بذلك.
يملك منتخب الدنمارك لاعبين من طراز عال كالمهاجم برايتويت وبولسين، وفي خط الوسط كريستيان إيريكسن وهويبرغ، أما في الدفاع فتجد كريستنسن والقائد سيمون كايير، إضافة لكاسبر شمايكل حارساً لعرين الفايكينغ.
أبطال كأس القارات 1995 يريدون الوصول لأبعد نقطة ممكنة في مونديال قطر2022، أو على الأقل تكرار إنجاز مونديال 1998، عندما وصلوا للدور ربع النهائي قبل أن يخرجوا من البرازيل، ستكون المباراة الأولى لهم في المونديال ذات أهمية كبرى لوضع القدم الأولى في دور ال16، إذ يتعين عليهم اجتياز المنتخب التونسي، ثم يرحلوا لملاقاة المنتخب الفرنسي الذي يعرفونه تماماً، قبل أن يواجهوا أستراليا في الجولة الثالثة، والتي لعبوا معها في مونديال 2018، وتحديداً في دور المجموعات، عندما انتهت الموقعة بالتعادل الإيجابي بهدف في كل شبكة.
منتخب تونس
يسجل المنتخب التونسي من خلال مشاركته في مونديال قطر 2022 حضوره السادس في كأس العالم، حيث لم يسبق له تجاوز دور المجموعات من قبل، ويحاول نسور قرطاج الاستفادة من عامل إقامة البطولة على أرض عربية، ربما تكون نقطة إيجابية لصالحهم.
لا يملك المنتخب التونسي سجلاً تاريخياً كبيراً في البطولات القارية أو العالمية، بل كانت معظم مشاركاته كضيف شرف. ويعتمد مدرب الفريق جلال قادري على الرسم 433، بأسلوبه الكلاسيكي وهو الشيء الذي لم يستطيع من خلاله مواجهة فرنسا أو الدنمارك، لأنه سيواجه منتخبين يتمتعون بصلابة دفاعية وأسلوب لعب يعتمد على القوة البدنية، بهذا الشكل ستكون أغلب المواجهات رجل لرجل تعطي الأفضلية للاعبي الخصم، باعتبارهم أكثر خبرة ومتفوقين بالأمور الفنية.
نسور قرطاج يحتاجون لعمل كبير في مباراتهم الأولى ضد الفايكينغ، إذ يتوجب عليهم الحصول على نقطة بأقل تقدير، إذا ما أرادوا العبور للدور التالي.
قائمة المنتخب التونسي تضم عدداً من الأسماء الجيدة القادرة على تحقيق حلم جمهورهم، في الهجوم يوجد وهبي الخزري ويوسف المساكني ونعيم سليطي والجزيري والجبالي، في خط الوسط سيف الدين الخاوي ومرتضى بن وناس وغيلان الشعلالي، أما في الدفاع فيلعب ديلان برون ونادر الغندري وعمر الرقيق وحمزة المثلوثي وبلال العيفة.
منتخب أستراليا
يفتتح المنتخب الأسترالي مبارياته في كأس العالم بملاقاة حامل اللقب منتخب فرنسا، ويبدو أن مدرب الفريق غراهام أرنولد سيجد نفسه في امتحان صعب منذ البداية، يحتاج من خلاله الخروج بنتيجة إيجابية لخلط أوراق المجموعة، لمحاولة خطف بطاقة تمنح أستراليا لقب الحصان الأسود في مونديال قطر.
لا يملك منتخب الكنغر نقاط إيجابية كثيرة في مصلحته، ويعتبره الكثير من المحللين أنه سيكون خارج المنافسة، حتى أنه غير قادر على تحقيق أكثر من نقطة واحدة. ويلعب المنتخب الأسترالي بالرسم التكتيكي 442 أو 451، حتى طريقة لعبه للهجمات المرتدة يتم تنفيذه بشكل بطيء، ويعتمد على الكرات العرضية والثابتة في تسجيل الهداف، بالمجمل ليس لدى لاعبيه خبرة كبيرة أو كفاءة عالية، فهو يسجل لكن بالمقابل يتلق أهداف كثيرة، فهو احتل المركز الثالث في مجموعته الآسيوية المؤهلة لكأس العالم ولعب في الملحق ضد الإمارات ثم البيرو حتى وصل لقطر 2022.
مما سبق نجد أن المنافسة في هذه المجموعة ستنحصر بين تونس والدنمارك لخطف البطاقة الثانية، خلف المنتخب الفرنسي، لكن في كرة القدم لا يوجد شيء ثابت ويمكن لتفاصيل صغيرة أن تحسم مباريات غير متكافئة على الورق، بل ربما يسجل المنتخب التونسي أو الأسترالي مفاجأة مبكرة بإقصاء أحد منتخبي أوروبا.