مع بدء فعاليات "مهرجان دهوك السينمائي الدولي السابع"، يرى المشاهد عددًا كبيرًا من الأفلام التي أخرجتها مخرجات نساء مشاركة في المهرجان سواء في المسابقة الرسمية أو خارجها، وهذه الأفلام متعددة الأنواع بين وثائقي وروائي، ومن أنحاء مختلفة من العالم فعدد منها عربية وعدد آخر عالمية وبعض منها كردية، ومن هذا المنطلق استطلعنا ما قدمته المخرجات في السينما العربية من أعمال، مستعرضين تاريخ السينما العربية بصورة سريعة.
بدأت المرأة مسيرتها مع بداية السينما في العالم العربي في مصر، ولم يقتصر عملها على الإخراج بل كانت منتجة ومصورة وكاتبة وممثلة
بدأت المرأة مسيرتها مع بداية السينما في العالم العربي في مصر، ولم يقتصر عملها على الإخراج بل كانت منتجة ومصورة وكاتبة وممثلة، وترى الناقدة منى فياض هذه الظاهرة ملفتة للنظر، ذلك أن "المرأة في العالم العربي التي لا تزال تعاني التمييز والتهميش نجدها موجودة في السينما العربية منذ بداياتها، وفي وقت كانت لا تزال تناضل فيه كي تخلع الحجاب، ويسمح لها بالدخول إلى الجامعة، وهي لم تعمل في ميدان التمثيل فقط، بل في إنتاج الأفلام وإخراجها أيضًا، كما عملت على تأسيس شركات سينمائية بكثافة" (مجموعة مؤلفين، 2013).
اقرأ/ي أيضًا: "عيون الحرامية".. استعادة الانتفاضة الثانية
لاحظت فياض كثرة الاعتماد على المرأة في المونتاج، وأرجعت ذلك إلى كونها أكثر انتباهًا للتفاصيل وتتميز بدقة الملاحظة، فضلًا عن أن دورها في المونتاج ليس سوى انعكاس لدورها في البيت، إذ بعد تجهيز أقسام الفيلم يكون عمل المرأة في المونتاج نوعًا من الترتيب كعملها في البيت (مجموعة مؤلفين، 2013)، وأختلف مع هذا الربط انطلاقًا من أن فهمي للمونتاج لا يتوقف عند إعادة ترتيب المادة المجهزة، بل يتعدى ذلك إلى دور يقترب من دور كاتب نص الفيلم، فالمونتاج هو الكتابة الأخيرة للفيلم السينمائي.
أما في مجال التصوير السينمائي فنجد النساء أكثر ندرة إذ "قليلًا ما تسلم الكاميرا للمرأة لأنها تمثل السلطة ويتضاءل الشخص أمام الكاميرا والعمل عليها يترتب عليه حمل مسؤولية كبيرة" (مجموعة مؤلفين، 2013) وهذا فعلًا ما أثبته الجرد الذي أجريناه على العاملات في السينما في العالم العربي ولا سيما في العراق، إذ لا تشير المصادر ولا الموسوعات إلى أية مديرة تصوير أنثى كما أشارت إلى المخرجات والكاتبات، فيما عدا مديرة التصوير العراقية الرائدة سناء علي التي كانت ولا تزال المرأة العراقية الوحيدة المتخصصة في مجال التصوير السينمائي والمحترفة فيه، فضلًا عن دورها في الإخراج (الميالي، 2018)، وإن مرّرنا على أعداد المخرجات في الدول العربية نجد القدح المعلى لمصر تلحقها فلسطين ثم لبنان وتونس ثم المغرب والجزائر.
لم يكن اشتراك المخرجات فقط في تقديم الأعمال، وإنما حققت أعمالهن في عدد منها نتائج على أرض الواقع كما حصل مع المخرجة اليمنية خديجة السلامي التي قدمت مجموعة من الأفلام أهمها "أمينة"، وهو فيلم وثائقي مقتبس عن قصة حقيقية لفتاة قاصر في السجن بعد أن قتلت زوجها وهي حامل، ويتجلى تأثير هذا الفيلم بعد عرضه وتكريم مخرجته بوسام "جوقة الشرف الفرنسي" أمر الرئيس اليمني، وقتها، علي عبد الله صالح بإعادة النظر بقضية الفتاة أمينة، فأعيدت محاكمتها وأطلق سراحها مع طفلتها التي ولدتها في السجن وبهذا حققت السلامي أكبر انتصار للسينما اليمنية (عبد الأمير، 2013)، وهذا ما عجز عن تحقيقه عدد كبير الأعمال التي قدمتها مخرجات أخريات في العالم العربي.
اقرأ/ي أيضًا: