الترا صوت - فريق التحرير
تستضيف إسرائيل من الرابع عشر حتّى الثامن عشر من أيّار/مايو هذا العام مسابقة الأغنية الأوروبيّة المعروفة بالـ"يوروفيجن"، والتي تعقد كلّ عام في دولة أوروبيّة مختلفة، وهذا العام في إسرائيل، مترافقة مع حدث سنوي كبير آخر هو مسيرة الفخر المثليّة في تل أبيب.
تنتشر في الصحافة الإسرائيلية أخبار عن الرعاية الرسمية للحركة المثلية، سعيًا إلى تحويل إسرائيل إلى واجهة للانفتاح على هذه القضايا، بهدف تبييض جرائمها
تستغل إسرائيل هذا الحدث للترويج لنفسها ككيان منفتح وترفيهي، وتشجيع السياحة إليه، استكمالًا لما يسمّيه ناشطون مناهضون للاحتلال بـ"سياسات الغسيل الوردي" (Pinkwashing) التي تتمثّل بالاستراتيجيّة الاستعماريّة الإسرائيليّة للتغطية على جرائمها، من خلال ادّعاء انفتاحها وتسامحها مع المثليين، في ظل ترافق الحدث مع مسيرة الفخر المثليّة.
اقرأ/ي أيضًا: بروباغندا باللون الوردي.. كيف توظف إسرائيل المثلية الجنسية لشرعنة جرائمها؟
يمكن تتبّع بدء العلاقة التي تربط اسرائيل مع مسابقة اليوروفيجن والغسيل الوردي، بالإنجاز الأول الكبير الذي حققته عام 1998 بفوز المغنّية الإسرائيليّة المتحوّلة جنسيًا "دانا إنترناشينال" بالمسابقة، ورفعها لعلم إسرائيل فخورةً بإسرائيليّتها، ما سلّط الضوء عالميًا حينها على إسرائيل كوجهة متسامحة مع المثليين/ات والمتحولين/ات.
كان العام الماضي محطّة أخرى هامّة لإسرائيل مع مسابقة الأغنيّة الأوروبيّة، حيث فازت مرشّحتها "نيتا برزلاي" التي مدحت إسرائيل في المنصّات العالميّة وغنّت لاحقًا في مسيرة الفخر المثليّة في تل أبيب؛ إلّا أن الأهم هو أن هذا النجاح حوّل إسرائيل إلى وجهة استضافة المسابقة هذا العام "على أراضيها".
وتتكرر المشاهد بين الفترة والأخرى، التي تستغل من خلالها إسرائيل هذا الخطاب الحقوقي، حيث تنتشر في المدونات والصحافة أخبار عن الرعاية الرسمية للحركة المثلية في إسرائيل، وعن المساواة التي يحظى بها المثليون والمتحولين جنسيًا في المؤسسات الإسرائيلية، أو عن المكان الآمن الذي يفر إليه بعض المثليين العرب والفلسطينيين من ويلات مجتمعاتهم، لكن الأهم، أن هذا الخطاب يتجاوز هذه الدعايات المتفرقة، وقد وصل بالفعل في السنوات الأخيرة إلى مستوى ممنهج ومنسق من البروبغاندا، ترعاه المؤسسة الإسرائيلية بشكل مباشر.
اعتمدت إسرائيل في هذه الحملة، على مسيرة الفخر السنويةالتي تستقطب عشرات آلاف السياح من جميع أنحاء العالم، ما حولها إلى وجهة للسياحة المثلية، من خلال تصدير صورة المجتمع المنفتح المتقبل، والرائد في قضايا الجنسانية، وهو ما يشكك فيه عبر رصد تحول المجتمع الإسرائيلي يومًا بعد آخر إلى مجتمع متدين أكثر.
في مقابل ذلك، أطلقت مجموعات فلسطينيّة دعوة لمقاطعة المسابقة، شارك في الدّعوة كل من مؤسسة القوس للتعددية الجنسية والجندرية، مجموعة "بينك ووتشنغ إسرائيل"، والمركز الفلسطيني النسوي للحريات الجنسيّة والجندرية- أصوات. وذكرت الدعوة بالارتباط ما بين القمع الذي يتعرّض له الفلسطينيون في ظلّ نظام الاستعمار الاستيطاني المجرم، والقمع الذي يتعرّض له المثليات/ين والمتحولات/ين حول العالم، بما فيه فلسطين؛ مؤكّدة على تمسّك الاحتلال بفرصة "اليوروفيجن" لإلهاء العالم عن جرائمها، وجذب مئات الآلاف من السياح لها. كما انضمّ للدعوة ما يزيد عن ستّين مؤسسة ومجموعة تعمل في قضايا التعددية الجنسيّة والجندرية حول العالم، منها مجموعات من تونس، إيطاليا، سلوفينيا، الهندوراس، وغيرها.
اقرأ/ي أيضًا: دماء "الهنود الحمر" من أجل غسل ذنوب إسرائيل
أما في فرنسا تحديدًا، وجّه نشطاء فرنسيّون وفلسطينيّون نداءً لممثّل فرنسا في المسابقة "بلال حساني" الذي ينحدر من أصول عربيّة مسلمة، يدعونه لـ"عدم الغناء للأبرتهايد الإسرائيلي"، مظهرين له الدّعم والمؤازرة في وجه ما يتعرّض له من عنف وتنمّر بسبب مثليّته الجنسيّة، مع حضّه على عدم المشاركة في تبييض وجه الاستعمار الإسرائيلي.
تستغل إسرائيل مسابقة اليوروفيجن للترويج لنفسها ككيان منفتح وترفيهي، وتشجيع السياحة إليه
وليست هذه المرّة الأولى التي يطلق فيها ناشطون فلسطينيون دعوات لمقاطعة فعاليات الاحتلال التي تحاول استغلال قضايا المثليين، حيث نجحت الدعوات العام الماضي على سبيل المثال، بأن تؤدي لانسحاب تسعة فنانين من مهرجان تل أبيب للأفلام المثليّة، الذي يترافق هو الآخر مع فعاليات "الفخر" الإسرائيلي في تل أبيب.