لليوم الـ103، تستمر حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها "إسرائيل" على قطاع غزة، الذي يواجه سكانه بعد كل ما تعرضوا له على مدار أكثر من 100 يوم، مأساة إنسانية تكبر يومًا بعد آخر، وتُنذر بكارثة غير مسبوقة لم تتوقف الدعوات المحلية والدولية لتدخل المجتمع الدولي لمنع وقوعها، وسبق أن أكدت المنظمات الأممية أنه لن يكون بوسعها التعامل معها.
وكما في كل الأيام الماضية، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف القطاع واستهداف سكانه وتدمير بنيته التحتية، استكمالًا لمساعيه الهادفة لجعل القطاع غير صالح للعيش، بهدف الانتقام من سكانه على ما جرى في 7 أكتوبر.
شهدت الأحياء القريبة من مستشفى ناصر بخان يونس اشتباكات عنيفة بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال التي تحاول التقدّم إلى المستشفى
وكثّف جيش الاحتلال في اليوم الـ103 من العدوان، قصفه على مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، حيث استهدفت مدفعيته محيط مجمع ناصر الطبي بالمدينة بعدد كبير من القذائف، ما دفع النازحين فيه إلى مغادرته خوفًا من ارتكاب الاحتلال مجزرة داخله. فيما أفادت وسائل إعلام محلية بإطلاق مسيّرات الـ"كواد كابتر" النار باتجاه النازحين في محيط المستشفى.
وأسفر القصف المستمر على محيط المستشفى، خلال ساعات الليل وحتى صباح اليوم الأربعاء، إلى استشهاد أكثر من 13 فلسطينيًا وإصابة آخرين، بينهم 7 شهداء على الأقل ارتقوا في القصف الذي استهدف الحي النمساوي الملاصق للمجمع.
وشهدت الأحياء القريبة من مستشفى ناصر اشتباكات عنيفة وضارية بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية التي تحاول منعها من التقدّم إلى المستشفى، الذي يؤوي عددًا كبيرًا من النازحين، إلى جانب مئات الجرحى والمرضى والكوادر الطبية.
واستُشهد ما لا يقل عن 10 فلسطينيين، بينهم طفلتان، في قصف استهدف عدة منازل وسط وغرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة. فيما استُشهد أكثر من 25 فلسطينيًا، وأُصيب العشرات، جراء قصف قوات الاحتلال منازل المدنيين في حي الدرج بمدينة غزة.
وبحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أمس الثلاثاء، ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، إلى 24.285 شهيدًا و61.154 مصابًا أكثر من 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال.
وقالت الوزارة في بيان مقتضب، عبر منصة "تلغرام"، إن جيش الاحتلال ارتكب خلال الساعات الـ24 الماضية 15 مجزرة راح ضحيتها 158 شهيدًا و320 مصابًا، ناهيك عمن لا يزال تحت ركام المباني المدمرة، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم بسبب شدة القصف وغياب الإمكانيات.
ولليوم السادس على التوالي، لا تزال خدمات الاتصالات والإنترنت مقطوعة عن قطاع غزة من قِبل جيش الاحتلال. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الثلاثاء، إن قطع الاتصالات والإنترنت: "يعني حدوث كوارث تهدّد حياة المواطنين، ويعني أن هناك العديد من الشهداء والجرحى لن يتمكن أحد من الوصول إليهم، وبالتالي ارتفاع أعداد الضحايا بشكل مضاعف في ظل استمرار الحرب الوحشية والقصف المتواصل".
وعلى الصعيد الإنساني، أعلنت الخارجية القطرية، مساء الثلاثاء، نجاح وساطة دولة قطر، بالتعاون مع فرنسا، في التوصل إلى اتفاق بين "إسرائيل" وحركة "حماس"، يشمل إدخال أدوية وشحنة مساعدات إنسانية إلى المدنيين في قطاع غزة، لا سيما في المناطق الأكثر تأثرًا وتضررًا، مقابل إيصال الأدوية التي يحتاج إليها المحتجزون في القطاع.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن الأدوية والمساعدات سترسل اليوم الأربعاء إلى مدينة العريش بمصر على متن طائرتين تابعتين للقوات المسلحة القطرية تمهيدًا لنقلها إلى غزة.
وساطة قطرية تنجح في التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحماس على إدخال أدوية ومساعدات إلى غزة#الخارجية_القطرية pic.twitter.com/c2QgineZeE
— الخارجية القطرية (@MofaQatar_AR) January 16, 2024
ميدانيًا، لا تزال الاشتباكات متواصلة بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية في مختلف محاور القتال شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، وخاصةً في مدينة خان يونس، حيث تسعى قوات الاحتلال إلى التقدّم باتجاه مجمع ناصر الطبي.
وأعلن جيش الاحتلال، اليوم الأربعاء، مقتل ضابط وجندي خلال المعارك التي دارت مع فصائل المقاومة شمال قطاع غزة الليلة الماضية، ليرتفع بذلك عدد قتلاه المُعلن عنهم رسميًا إلى 525 منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، بينهم 195 قُتلوا منذ بدء العملية البرية أواخر الشهر نفسه.