تصدرت قضية الهجرة الرأي العام في تركيا، مع حملة عنصرية على المهاجرين، شملت الاعتداء عليهم والهجوم على المحال التجارية، وصولًا إلى تحطيم وتمزيق اللافتات العربية، وذلك بعدما كان ملف الهجرة أحد أبرز بنود الحملة الانتخابية للمعارضة التركية، مما حوله إلى نقاش سياسي بارز، طوال الأشهر الماضية.
استخدمت المعارضة التركية ملف اللاجئين كورقة لمحاولة كسب المزيد من الأصوات في الشارع التركي
العودة الطواعية
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحل مشكلة الهجرة، وذلك بالتزامن مع بدء ما أطلق عليها "مشاريع العودة الطوعية للاجئين السوريين"، باتجاه الشمال السوري حيث يتم بناء مشاريع سكنية في 13 موقعًا هناك.
وبعد فوز الرئيس التركي وتحالف "الجمهور" بالانتخابات على حساب المعارضة، وحصول علي يري كايا على حقيبة وزارة الداخلية، أجرى الوزير الجديد تغييرات واسعة على مناصب رئاسة إدارة الهجرة التركية، طالت العديد من المديرين العامين ورئيس الإدارة ذاتها، وذلك عبر مرسوم رئاسي، صدر في الجريدة الرسمية التركية.
على مدار أسبوعين، بدأت السلطات التركية حملة تستهدف المهاجرين، تركزت في مدينة إسطنبول تحديدًا، ورغم أن الحملة ليست الأولى، فقد سبقتها حملات أخرى شهدتها تركيا أكثر من مرة، إلا أن التصريحات والمواقف الرسمية للمسؤولين الأتراك تشير إلى أن الحملة الأخيرة تدخل في إطار سياسة جديدة أكثر "تشددًا وحزمًا" من الحملات السابقة، قررت الحكومة التركية العمل عليها.
وخلال لقاء جمع وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، مع صحفيين سوريين وعرب في إسطنبول، يوم السبت، أكد المسؤول التركي أن الحملة التي بدأت خلال الأيام الماضية تستهدف "المهاجرين غير الشرعيين، الذين دخلوا إلى البلاد عبر شبكات تهريب، ومن جنسيات مختلفة"، وفق وصفه.
وتحدث الوزير التركي عن "مشروع من أربعة أشهر"، لحل مشكلة "المهاجرين غير الشرعيين" في مدينة إسطنبول، وأن الحكومة التركية بصدد "إنشاء مركز جديد لإيواء طالبي اللجوء في منطقة أرناؤوط كوي، بدلًا من المركز السابق، والمعروف باسم مركز توزلا"، مشيراً إلى أنه "اعتبارًا من مطلع أيلول/سبتمبر المقبل، سيكون مركز الإيواء الجديد جاهزًا لاستقبال أكثر من 6 آلاف شخص".
ونفى كايا، المعلومات التي تفيد بوجود حالات ترحيل لسوريين يحملون "كملك" (بطاقة الحماية المؤقتة) في إحدى الولايات، ويقيمون في ولاية أخرى، مشيرًا إلى أن "المخالف في هذه الحالة تتم إعادته إلى ولايته المسجلة في الكملك وليس ترحيله"، على حدّ قوله.
وشدد الوزير التركي على ضرورة تعامل الحكومة "بحزم إزاء المهاجرين غير الشرعيين، والأشخاص الذين يتخلفون عن حيازة إقامات قانونية داخل الأراضي التركية"، زاعمًا أن "الحملة الأمنية القائمة حاليًا تستهدف هؤلاء الأشخاص فقط"، وأضاف أن "السوريين، ومختلف الأجانب المقيمين داخل تركيا، ممن يحملون وثائق ثبوتية كبطاقة الحماية المؤقتة أو إقامة سياحية أو إقامة عمل أو إقامة تعليم... لا توجد لدينا أي مشكلة معهم، ونحن نعمل على حمايتهم كما نحمي المواطنين الأتراك بالضبط"، وفق وصفه.
وتابع الوزير التركي: "شاهدت بأم عيني بعض السياح الأجانب الذين بمجرد وصولهم إلى مطار إسطنبول، يقدمون على إتلاف جوازات سفرهم ورميها في القمامة، بالإضافة إلى وجود العديد من المخالفين لمدة الإقامة السياحية (90 يومًا)، ويقضون سنة أو سنتين داخل البلاد. هؤلاء هم المستهدفون من الحملة الأمنية لأنهم يشكلون تهديدًا للبلاد"، وفقه.
وعن الممارسات العنصرية والانتهاكات بحق اللاجئين من قبل أفرد من شرطة والأمن والتي وثقتها العديد من المقاطع المصورة، اعتبرها كايا "تصرفات فردية ولا تمثل المؤسسة"، مشيرًا إلى أن "أصحاب تلك التصرفات تمت معاقبتهم".
ولفت إلى أن وزارته "تشرف حاليًا على تدريب 200 ضابط ورئيس مخفر بهدف تحسين الكفاءة في التعامل مع اللاجئين وضمان عدم وقوع أي تصرفات مسيئة بحقهم".
وكشف وزير الداخلية التركي عن "بدء العمل ضمن آلية التأكد من الشخصية عبر البصمة، بحيث يمكن معرفة كافة بيانات اللاجئين من خلال البصمة فقط، بدون الحاجة إلى حمل بطاقة الكملك كما كانت تجري الأمور في السابق".
ورغم التغير في السياسة المتعلقة بمكافحة الهجرة، أكد كايا أن هذه الإجراءات لا تنعكس على المسار المتعلق بمنح الجنسية، نافيًا أن يكون قد أدلى بأي تصريحات تصب في هذا السياق مؤخرًا.
إغلاق إسطنبول أمام تصاريح الإقامة
يذكر أنه تم تداول معلومات في وسائل الإعلام المحلية، تفيد بإغلاق جميع مناطق ولاية إسطنبول أمام تصاريح الإقامة الجديدة الممنوحة للأجانب.
وفي هذا الإطار، نفت إدارة الهجرة التركية المعلومات المتداولة وقالت، إن "الادعاءات القائلة بأن 39 منطقة في إسطنبول مغلقة أمام تصاريح الإقامة الجديدة، لا تعكس الحقيقة"، وأكدت إدارة الهجرة أن "المناطق المغلقة حاليًا أمام إقامات الأجانب الجديدة هي 10مناطق فقط من إسطنبول، مع الاستمرار بدراسات المراقبة والتقييم الخاصة بالتركيز المكاني".
ويأتي تعليق منح الإقامة في بعض مناطق إسطنبول في إطار الحملة التركية على الهجرة.