في خطوة مرافقة لما يتضارب من أنباء عن فشل حتمي لأي مشروع اندماج لفصائل المعارضة في شمال سوريا، كشف قيادي في "لواء المعتصم" عن بدء الخطوات الأولى لتشكيل جيش وطني جديد بدعم تركي، وذلك بالتزامن مع إعلان "التحالف الإسلامي"، أمس الأحد، دعمه لعملية "درع الفرات" التي تقودها تركيا في ريف حلب الشمالي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".
فصائل المعارضة في عموم سوريا، تعيش حالة من الاضطراب الداخلي نتيجة الانتقادات الشعبية الموجهة ضدها بعد خساراتها المتتالية
وفشلت خلال الأشهر الماضية أكثر من محاولة اندماج بين كبرى فصائل المعارضة في الشمال السوري، بعد خلافات حول كيفية اندماج جبهة "فتح الشام" المصنفة على قوائم الإرهاب الدولية مع بقية الفصائل، قبل أن تعلن حركة "أحرار الشام" مع ثمانية فصائل أخرى تشكيلها "مجلس قيادة تحرير سوريا" منذ أيام، دون أن يرافقه أي تطورات ميدانية.
اقرأ/ي أيضًا: سوريا..سباق دولي لكسب أوراق التفاوض في الأستانا
فصائل المعارضة في عموم سوريا، وبالأخص بعد فشلها منع قوات النظام من استعادة الشطر الشرقي لمدينة حلب، وخسارتها لمناطق سيطرتها في ريف دمشق بإبرام اتفاقيات تسوية مع النظام، تعيش حالة من الاضطراب الداخلي نتيجة الانتقادات الشعبية الموجهة ضدها، لعدم إمكانياتها من التوحد لصد هجمات النظام المتوالية.
وقال رئيس "المكتب السياسي" في "لواء المعتصم" مصطفى سيجري عبر صفحته الرسمية على "تويتر" أنه "بدأت الخطوات الأولى في تشكيل الجيش الوطني من أبناء الثورة السورية، وبدعم كامل من الإخوة الأتراك، للوصول إلى إلغاء كامل للحالة الفصائلية"، مشددًا على أن "الالتحاق في صفوف الجيش واجب وضرورة لمن أراد بناء سوريا المستقبل سوريا الثورة، بعيدًا عن التكتلات والتحزبات وأمراء الحرب والمصالح الشخصية"، داعيًا أن تكون "نواة هذا الجيش وكوادره القيادية من النخب والكفاءات وأصحاب الخلق الطيب والعقيدة الصحيحة والشباب المؤمن حتى لا نعيد تجربة جيش آل الأسد".
الخطوة التي أعلنها سيجري جاءت مزامنة لما يتم تناقله عبر عدد من وسائل الإعلام المعارضة، وتفيد بتشكيل جهاز أمن داخلي لتحقيق الاستقرار في المناطق التي تسيطر عليها فصائل "درع الفرات"، وهو ما أكده قائد قوى الأمن والشرطة في مدينة "جرابلس" وريفها، عبد الرزاق أصلان، في تصريحات قائلًا إن "دورات تدريب المتطوعين في قوى وشرطة درع الفرات بدأت بتدريب 500 متطوع كمرحلة أولى".
كما أن عديد الأخبار المتعلقة باجتماع "أستانا" المزمع عقده في الـ23 من الشهر الجاري، بين النظام والمعارضة السورية، تحدثت عن إمكانية توجيه موسكو الدعوة لضباط منشقين عن النظام من أجل حضور الاجتماع، وبدا لافتًا استضافة وسائل إعلام روسية لمثل هؤلاء الضباط، في الوقت الذي تقوم أنقرة بتقديم كافة الدعم الممكن لفصائل "درع الفرات" في ريف حلب.
وإن صح حديث القيادي في "لواء المعتصم" الذي يقاتل في عملية "درع الفرات" المرتبط بتشكيل الجيش الوطني، فإنه يدل على أن الحكومة التركية اختارت الفصائل التي تقاتل معها كحليف لها، كونها أكثر إقناعًا من باقي الفصائل، على غرار ما حصل في دعم واشنطن لـ"قسد" عوضًا عن باقي فصائل المعارضة، وبالتالي فإن هذا الجيش سيكون النواة لعملية استعادة مدينة "الرقة"، إذ ما تم الإعلان عن تشكيله قبل بدئها.
وكانت الحكومة التركية أطلقت في الـ24 من آب/أغسطس الفائت عملية "درع الفرات" لدعم فصائل "الجيش السوري الحر" في معاركه ضد "داعش" شمال حلب، قبل أن ترسل جنودًا لمساندة المقاتلين في عملية السيطرة على مدينة "الباب" آخر معاقل التنظيم في ريف حلب الشمالي.
اقرأ/ي أيضًا: سوريا..اقتراب انهيار هدنة العام الجديد
وبدأت قوات "درع الفرات" منذ التاسع من الشهر الفائت عملية استعادة مدينة "الباب" التي تشهد داخلها مقاومة عنيفة من مقاتلي "داعش"، وقالت هيئة الأركان التركية في بيان لها، أول أمس السبت، أن عملية "درع الفرات" أسفرت منذ انطلاقها عن مقتل 1518 مقاتلًا للتنظيم، وجرح 250 آخرين، بالإضافة لأسر سبعة عناصر.
محاولة لتوحيد الجهود الدولية في محاربة "داعش"، أعلن رؤساء أركان 14 دولة من "التحالف الإسلامي"، دعمهم لعملية "درع الفرات" في سوريا
ومحاولة لتوحيد الجهود الدولية في محاربة "داعش"، أعلن رؤساء أركان 14 دولة من "التحالف الإسلامي" في اجتماعهم بمدينة "الرياض"، أمس الأحد، دعمهم لعملية "درع الفرات" في شمال سوريا، وفق ما نقل عن البيان الختامي، الذي أشار لاتفاق "الدول المشاركة في المؤتمر على مواصلة الجهود المبذولة للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، والنظر في تعزيز مشاركتها في تلك المرحلة الهامة القادمة من مراحل الحملة الدولية ضد التنظيم حسب قدرات كل بلد".
رئيس هيئة الأركان السعودي، عبدالرحمن بن صالح البنيان، أوضح خلال كلمة الافتتاح التي استبقت البيان عن وجود "عدة عوامل تؤثر على تحقيق أهداف الحملة الدولية ضد تنظيم داعش"، مشيرًا أن من ضمنها "الممارسات اللاأخلاقية وغير النظامية للمليشيات الشيعية المتطرفة"، بالإضافة للقصف "المتواصل والعنيف من قبل الطيران الروسي وطيران النظام السوري ضد المعارضة السورية المعتدلة في المدن والقرى السورية مما يؤدي إلى امتداد تنظيم داعش في الأراضي السورية".
وأعلنت رئاسة هيئة الأركان التركية في بيان صادر عنها منذ أيام عن توقيع مذكرة تفاهم مع روسيا لتنسيق الطلعات الجوية فوق سوريا، موضحة أن هدف المذكرة "تحديد آليات التعاون، وتنسيق سلامة الطيران للمقاتلات التابعة للقوات المسلحة التركية والروسية، أثناء قيامهما بهجمات ضد أهداف إرهابية، بعد أيام من تناقل عديد وسائل الإعلام المعارضة تنفيذ مقاتلات روسية ضد مواقع لـ"داعش" في مدينة "الباب".
وكان مسؤولون أتراك كثفوا من انتقادهم لواشنطن بسبب عدم تقديمها الدعم الجوي لعملية "درع الفرات"، في الوقت الذي تقدم دعمًا جويًا ولوجستيًا لـ"قسد" بقيادة "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تعتبرها أنقرة امتدادًا لـ"حزب العمال الكردستاني" المدرج على لائحة "المنظمات الإرهابية" لدى معظم الدول.
إلا أن جهود "التحالف الإسلامي" ستواجه صعوبة نوعًا ما نتيجة التواجد الروسي في سوريا، سيما بعد نقل وكالة "إنترفاكس" الروسية خبرًا مفاده أن موسكو "ستبدأ بإصلاح مدرج ثان في قاعدة حميميم الجوية قرب مدينة اللاذقية في حين سيتم تطوير قاعدة طرطوس البحرية لتتمكن من استقبال سفن أكبر مثل الطرادات".
لكن بشكل عام، فإن جميع الجهود المبذولة إما في التوصل لحل ينهي الأزمة السورية المعقدة، أو في سياق توحيدها للقضاء على "داعش"، لن تستطيع أن تتبلور معالمها بالشكل اللازم، قبل استلام الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، لمنصبه رسميًا بعد أربعة أيام، وتأكيد فريقه السياسي تلقيه الدعوة لحضور اجتماع "أستانا"، ما يجعله حليفًا أكثر صرامة من سلفه أوباما في التعامل مع مثل هذه القضايا، وترى فيه روسيًا شريكًا أساسيًا في محاربة الإرهاب إلى جانب الحليف الجديد تركيا.
اقرأ/ي أيضًا: