ألترا صوت - فريق التحرير
تداولت صحف ووسائل إعلام إسرائيلية خلال الفترة الماضية، ثلاثة أخبار متفرقة، لكنها تضمنت جميعها ناظمًا مشتركًا لا بد من قراءته. كان الخبر الأول الذي نشرته صحف ووسائل إعلام إسرائيلية، عن كنيس يهودي تم افتتاحه مؤخرًا في إحدى مدن الإمارات العربية المتحدة، وهي خطوة تترافق مع لقاءات وزيارات لرجال دين يهود، مقربين من إسرائيل، وخطاب عام، نحو التسامح الديني، تتبناه دول "سنية معتدلة"، وتعززه ندوات وإطلالات في وسائل إعلام عربية لمفتين وسياسيين.
لم يعد عصيًا فهم الميل الرائج نحو توظيف دعاية التسامح الديني، بين اليهود والمسلمين، باعتباره جزءًا من حراك تطبيع واسع تقوده دول عربية
بينما كان الخبر الثاني، حول احتجاجات وتذمر داخل أوساط العرب من البدو والدروز الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، من انتهاك حقوقهم، والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية، رغم دورهم في "حماية" إسرائيل. أما الخبر الثالث، الذي انتشر على نطاق واسع، فكان عن إقالة الصحفي الأمريكي مارك لامونت هيل من شبكة "ٍسي إن إن"، بعد انتقاده لسياسات إسرائيل، ومطالبته بدعم الحق الفلسطيني بالوجود والأرض في مؤتمر شارك فيه.
اقرأ/ي أيضًا: البحرين وإسرائيل.. تطبيع بالعلن تحت غطاء التسامح الديني
بخصوص الخبر الأول؛ فإنه لم يعد عصيًا فهم الميل الرائج نحو توظيف دعاية التسامح الديني، بين اليهود والمسلمين، باعتباره جزءًا من حراك تطبيع واسع تقوده دول عربية، لنقل العلاقات مع إسرائيل إلى مستوى جديد كليًا. غير أن ثمة مفارقة، تقع في قلب هذه البروباغاندا، وفي هوية الداعين إلى هذا "التسامح الديني" الإسلامي اليهودي. إذ من اللافت أن أنظمة قائمة أصلًا على أساس حكم أقلية طائفية مثل البحرين، أو عائلات مالكة لا تنفك تقمع الأقليات الشيعية مثل السعودية، تتصدر واجهة هذا التسامح، كما أصبحت، رغم تاريخ طويل من التشدد ودعم الإرهاب، مثالًا يُحتذى به في الاعتدال الإسلامي، على الأقل حسب تعريف إدارتي دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، والمستقاة، أي دعاية الاعتدال، من نظرية شمعون بيريز الثمانينية عن الشرق الأوسط الجديد.
تعجز إسرائيل التي دأبت على تصدير هذا النوع من الخطاب الودي نحو التفاعل "المعتدل" بين الأديان، عن حسم السؤال الأولي جدًا، عن هوية المنتمين لها، على أساس غير ديني
على الجهة المقابلة، فإن إسرائيل التي دأبت على تصدير هذا النوع من الخطاب الودي نحو التفاعل "المعتدل" بين الأديان، غير قادرة على حسم السؤال الأولي جدًا، عن هوية المنتمين لها، على أساس غير ديني. لا يتعلق الحديث هنا بالفلسطينيين أو الموقف منهم فقط، ولكن بمجمل الموقف من "غير اليهود"، بما في ذلك "المواطنين الصالحين/العرب الأخيار" الذين يساهمون في حماية الدولة، ويلقى بهم في الصفوف الأولى من كل معركة. بدءًا من قانون القومية، الذي قام على اعتبار الدولة دولة لليهود، فيما أقصى حتى أولئك "الصالحين"، وصولًا إلى القمع المنظم والتمييز على أساس الدين في المؤسسة القومية الأبرز في إسرائيل، أي الجيش.
اقرأ/ي أيضًا: "عرّاب التطبيع".. أنور عشقي يعترف بمؤامرة السعودية وإسرائيل
إن الهدف الأساسي لهذا الخطاب المتناقض عن التسامح الديني - الذي تقوم عليه دول وأنظمة من الأكثر عنصرية وانغلاقًا - قائم على ما سعت إسرائيل إلى ترويجه منذ عشرات السنوات، أي المطابقة بين اليهودية وإسرائيل، وهو ما يجري على الأرض بالفعل من خلال قمع كل صوت ناقد لأي إجراء إسرائيلي، باعتباره معاديًا للسامية. ولذلك، فإن أي صحفي أو أكاديمي أمريكي أو أوروبي، ينتقد إسرائيل، سيُرى باتهامات المعاداة للسامية، وهو بالفعل ما حدث خلال الأيام الماضية مع لامونت هيل، وقبل ذلك بأشهر مع رئيس حزب العمال البريطاني، جيرمي كوربين، وما يحدث منذ عشرات السنوات مع آلاف غيرهم.
اقرأ/ي أيضًا:
السعودية تستأنف رحلة تطبيعها الكامل مع إسرائيل.. تل أبيب محبوبة "العرب"!
تيران وصنافير في الصحف الإسرائيلية: "السعودية ملتزمة بمصالح تل أبيب"