ضمن محاولاته لجعل الفن وثيق الصلة بالحياة وأحداثها، يواكب الفنان السوري بطرس المعري، على صفحاته الشخصية في السوشيال ميديا، مجريات عالمنا بطرق قوامها البساطة والمباشرة، عبر التقاطات عميقة ومؤلمة.
ومع كل نائبةٍ جديدة، يجد المعري نفسه متورطًا في تقديم موقف منها، أو مشاركة حالته الشعورية تجاهها، وذلك على شكل رسومات تتراوح بين روح الكاريكاتير وأسلوب التشكيل، بحيث إنها تنتمي إلى عالمه الفني الخاص الذي شيّده في لوحاته من جهة، وتبحث عن حوار عموميّ من جهةٍ أخرى.
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قبل 124 يومًا، راح الفنان السوري الذي يقيم في ألمانيا يقدّم أعمالًا ترصد لحظاتٍ إنسانية من حياة غزة وهي تواجه حرب الإبادة، أو تؤكد على معاني فلسطينية راسخة.
تقف رسومات بطرس المعري ضد الطمس الذي يجري فرضه من قبل الغرب، وتؤكد على قوة الفن بوصفه وسيلة الإنسان للتعبير عن قضاياه
يصف المعري أعماله هذه، في حديثه لـ"ألترا صوت"، بأنها "أضعف الإيمان"، قاصدًا أنها أقل ما يمكن أن يقدّمه لفلسطين وشعبها وقضيتها، التي شدَّد على أنها ليست قضية الفلسطينيين فقط، بل قضية المنطقة وكل شخص يدّعي الإنسانية ويملك ضميرًا حيًا.
معظم رسومات المعري هذه منفذة على قطع من كرتون التغليف، وتُركز كل منها على فكرة واحدة، مختَصِرةً الكثير من الكلام الذي ينبغي علينا تقديمه للغربيين الذين لا يعرفون شيئًا عن فلسطين وقضيتها، ممن لا يخبرهم إعلامهم المنحاز إلى "إسرائيل" إلا بما هو مضاد ومضلِّل.
ولهذا يضمّن رسوماته بعبارات بالإنجليزية والفرنسية، من أجل جعل هذا الهدف ممكنًا، وللمساهمة في الحراك العالمي المناصر للقضية الفلسطينية، والرافض لحرب الإبادة الإسرائيلية، برؤية فنية.
تنقسم لوحات الفنان السوري إلى قسمين، يواكب بعضها مواقف وقضايا معينة، مثل تحية جنوب إفريقيا على رفعها دعوى ضد دولة الاحتلال في محكمة العدل الدولية، وبعضها الآخر مستلهم من الواقع الدموي الذي يعيشه قطاع غزة وأهله.
في رسمه المشار إليه سابقًا، وضع علم جنوب إفريقيا في فم طائر، وكتب إلى جواره: "يا طير الجنوب، يا حب الجنوب".
في رسم آخر، نرى فتاة تحمل مظلة هي عبارة عن "بطيخة"، الرمز الذي يختصر العلم الفلسطيني، وتسير تحت المطر. ويطلب الرسام، بالإنجليزية، ألا نتوقف عن الحديث عن فلسطين.
وفي لوحة أخرى، جمع بين كلمة "غزة" و"2024" كإشارة إلى أن السنة الجديدة تدخل على وقع مجزرة يريد البعض تجاهلها وكأنها تحدث في عالم آخر غير عالمنا.
وذكّر في أخرى بمدن محتلة مثل بيسان وحيفا كشكلٍ من أشكال ربط ما يجري بمسار النكبة الفلسطينية المستمرة منذ عام 1948، وكأنه يقول إن القصة أبعد وأعمق مما حدث يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
أرفق المعري هذه اللوحات بنصوص شعرية، فنقرأ في اللوحة التي رسمها لحيفا نصًا لسمر عبد الجابر تقول فيه: "يقول لي جدي دائمًا إن حيفا هي أجمل مدينة في العالم. أنا لم أرَ حيفا، وجدي لم يزر كل مُدن العالم.. لكنني رغم هذا أصدقه كثيرًا".
وبينما ضمّن بعض لوحاته قصائد ونصوص شعرية، فإنه استلهم أخرى منها، وكأنه يقدّم ما يعادلها فنيًا، فنرى لوحة رسم فيها عجوزًا فلسطينية وإلى جانبها كلمات قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش: "خذيني، إذا عدت يومًا، وشاحًا لهُدبك.. أمي".
بينما رسم في أخرى رجلًا يُحيط بعنقه علم فلسطين، وإلى جواره مقطع من قصيدة للشاعر اللبناني خليل حاوي: "وتبقى، فارغ الكفّين، مصلوبًا، وحيدْ".
ومع أنها بسيطة من حيث التقنية، كرتون العلب والألوان، لكنها تنطوي على رسائل وقيم عديدة. إنها رسومات ضد الطمس الذي يجري فرضه من قبل الغرب، وهي تأكيد على قوة الفن بوصفه وسيلة الإنسان للتعبير عن قضاياه، ورفضه لمختلف أشكال فصله عن الواقع، وهي فوق ذلك كله تقنيات جديدة للتضامن مع القضية الفلسطينية، ومناصرة العدالة.
- من الشام إلى فلسطين.. سلام
- يا طير الجنوب.. يا حبّ الجنوب
- لا تتوقفوا عن الحديث عن فلسطين
- حيفا هي أجمل مدينة في العالم
- قهوة ممزوجة بطعم الدم
- سيعبر وردًا ودمًا
- سنة جديدة في غزة على وقع المجزرة
- وتبقى، فارغ الكفّين، مصلوبًا، وحيدْ
- كيفك خيّا؟
لم يواصل كسله.. مزّقته طائرة
- وشو الدني يا ابني وشو طعم الدني..
- خُذيني، إذا عُدتُ يومًا، وشاحًا لهُدْبكِ.. أُمّي
- ضيعتنا كان اسمها بيسان
- قصة الذئب والمدينة
- وسلامي لكم