16-سبتمبر-2024
الانتخابات الأردنية

موظفان يفرزان الأوراق قبل فتح صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية الأردنية (رويترز)

شهد الأردن، في 10 أيلول/سبتمبر 2024، انتخابات نيابية لمجلس النواب العشرين، شارك فيها 32.2 في المئة ممن يحقّ لهم الاقتراع، والبالغ عددهم قرابة خمسة ملايين ناخب وناخبة، مقارنةً بنسبة 29.9 في المئة في انتخابات المجلس التاسع عشر لعام 2020 التي جرت في ظل وباء فيروس كورونا المستجد كوفيد-19. وتصدّر حزب جبهة العمل الإسلامي، الممثّل السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، نتائج الانتخابات، بفوزه بـ 31 مقعدًا من أصل 138؛ أي ما نسبته 22.5 في المئة من المقاعد.

سياق الانتخابات

تُعدّ هذه الانتخابات الأولى التي جرت وفق مخرجات اللجنة المَلكية لتحديث المنظومة السياسية، التي أُنشئت على خلفية عدد من الأزمات السياسية التي عصفت بالبلاد، مثل أزمة حل مجلس نقابة المعلمين، وما سمي في الأردن بـ"أحداث الفتنة"، وقضية النائب المفصول أسامة العجارمة. وبموجب توصيات اللجنة، صدر قانون جديد للأحزاب السياسية، نقل مهمة الإشراف عليها من وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية إلى الهيئة المستقلة للانتخابات، وسُنّ قانون انتخاب جديد لمجلس النواب منح القوائم الحزبية المغلقة على مستوى البلاد 41 مقعدًا نيابيًا أول مرة في تاريخ الأردن، و97 مقعدًا محليًا وفق القائمة النسبية المفتوحة.

جرت الانتخابات في ظل وضع اقتصادي صعب، وتحديات خارجية أبرزها حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، والتصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، ومخاوف من وجود مشروع لتهجير سكانها نحو الأردن، وسط اتهامات شعبية للحكومة بالسماح بإنشاء جسرٍ بري لنقل البضائع عبر الأردن إلى إسرائيل، بديلٍ من الخطوط البحرية التي هددتها هجمات الحوثيين. كما يواجه الأردن تحديات أمنية على الحدود الشمالية والشرقية مع سورية والعراق، نتيجة وجود ميليشيات مسلحة مدعومة من إيران، يمارس بعضها تهريب السلاح والمخدرات، في حين تحاول أخرى اختراق الساحة الأردنية بحجّة إسناد الشعب الفلسطيني.

جرت الانتخابات في ظل وضع اقتصادي صعب، وتحديات خارجية أبرزها حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، والتصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية

ومع اندلاع حرب الإبادة الجماعية على غزة، ظهرت آراء في أروقة السلطة تدعو إلى تأجيل الانتخابات، خشية أن تسفر عن فوز حزب جبهة العمل الإسلامي، لكنّ الحكومة تجاهلتها وقررت إجراءها في موعدها، في ظل التعديلات التي أدخلتها على قانون الانتخاب فيما يخص احتساب عتبة الحسم في الدوائر المحلية، والتي تحدّ من فوز أكثر من مرشح من القائمة ذاتها في الدوائر التي تتمثل في ثلاثة مقاعد فأقل، الأمر الذي عدّه حزب جبهة العمل استهدافًا له.

وعلى الرغم من أن مؤسسات الدولة لم تكن جميعها على مسافة واحدة من العملية الانتخابية، فإن الهيئة المستقلة للانتخاب أدارت العملية بكفاءة وبما يتماشى مع المواعيد القانونية، ما يعكس رغبة صانع القرار في معرفة توجهات الناس الحقيقية ورأيهم السياسي قبل الانتقال إلى المراحل التالية من خطة التحديث السياسي.

مشهد التنافس الحزبي

جرت الانتخابات ضمن رؤية رسمية متدرجة للتحديث السياسي تُفضي في مرحلتها الثالثة في عام 2032 إلى تشكيل حكومة برلمانية، حيث ستخصص للأحزاب في المجلس الحادي والعشرين 50 في المئة من المقاعد، وفي المجلس الثاني والعشرين 65 في المئة.

تنافس في الانتخابات 1623 مرشحًا ومرشحة، ضمن 197 قائمة، منها 25 قائمة حزبية وتحالفًا حزبيًا. وترشّح للمقاعد المخصصة للدائرة العامة 697 متنافسًا ومتنافسة عن 36 حزبًا شارك في الانتخابات، من أصل 38 حزبًا مرخّصًا في الأردن، في حين ترشّح حزبان للدوائر المحلية فقط، التي خصص لها قانون الانتخاب الجديد 18 دائرة محلية.

مثّل أحزاب المعارضة التقليدية في الانتخابات حزب جبهة العمل الإسلامي، والحزب الشيوعي الأردني، وتحالف "نهوض" الذي يمثّل الأحزاب اليسارية والقومية مثل حزب البعث العربي الاشتراكي، وحزب الشعب الديمقراطي "حشد"، وحزب الإصلاح والتجديد "حصاد"، في حين نافس حزب الوحدة الشعبية في الدائرة المحلية لعمّان الثانية.

أما الأحزاب القريبة من السلطة، والتي تأسس أغلبها بعد صدور قانون الأحزاب السياسية في عام 2022، فقد برز منها اثنان: حزب الميثاق الوطني الذي يضم في عضويته أعيانًا ووجهاء من وزراء وبرلمانيين سابقين ورجال أعمال ومسؤولين كبار خدموا في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، أما الحزب الآخر فكان حزب "إرادة" الذي ينشط في أوساط الطبقة الوسطى وداخل الجهاز البيروقراطي للدولة.

وشارك أيضًا في الانتخابات الحزب الوطني الإسلامي الذي تأسس في عام 2022، نتيجة اندماج حزب الوسط الإسلامي الذي تأسس في عام 2001 بعد انشقاق قياداته عن جماعة الإخوان المسلمين، وحزب المبادرة الوطنية "زمزم" الذي أسسته أيضًا قيادات انسحبت من جماعة الإخوان في عام 2016. ويصنّف الحزب الوطني الإسلامي حزبًا وسطيًا قريبًا من الحكومة.

تنافست أيضًا الأحزاب "الوسطية"، مثل تحالف التيار الديمقراطي الذي يضمّ الحزب المدني الديمقراطي الذي تأسس في عام 2023، ويدعو إلى توسيع نطاق الحريات العامة وتبنّي نظام اقتصاد السوق الاجتماعي، وأيضًا الحزب الديمقراطي الاجتماعي الذي تأسس في عام 2016، ويضم في صفوفه شخصيات يسارية وليبرالية خاصة بعد اندماجه مع تيار التنمية والتحديث في عام 2024، إضافة إلى حزب العمال الذي تأسس في عام 2013، وتحالف نماء والعمل.

وإذا ما استثنينا حزب جبهة العمل الإسلامي، فإنه يغلب على معظم الأحزاب المتنافسة ضعف التجربة الحزبية، وغياب هوية حزبية معروفة للناس، وقلة الخبرة في إدارة الحملات الانتخابية وتنظيمها، وضعفها جماهيريًا على امتداد البلاد، إضافةً إلى شح التمويل، ويُستثنى من ذلك أحزاب الميثاق الوطني وإرادة وتقدم والاتحاد الوطني وعزم التي أظهرت دعايتها الانتخابية قدراتها المالية.

نتائج الانتخابات وتوزيع المقاعد ونسب المشاركة

تجاوزت عشر قوائم حزبية تنافست على الدائرة العامة عتبة الحسم البالغة 2.5 في المئة؛ أي ما يعادل قرابة 38 ألف صوت، وحصلت القوائم المتنافسة على الدائرة العامة مجتمعةً على 1378125 صوتًا، من أصل 1638351 صوتًا على مستوى الدائرة العامة والدوائر المحلية.

تصدّر حزب جبهة العمل الإسلامي نتائج الانتخابات وحصل على 31 مقعدًا، منها 17 مقعدًا في الدائرة العامة، و14 مقعدًا في الدائرة المحلية، بنسبة 22.5 في المئة من مقاعد المجلس البالغة 138 مقعدًا. وجاء في المرتبة الثانية حزب الميثاق الوطني الذي فاز بـ 21 مقعدًا، منها 4 مقاعد في الدائرة العامة، و17 مقعدًا في الدوائر المحلية. ثم حزب إرادة الذي حصل على 19 مقعدًا، منها 3 مقاعد في الدائرة العامة والباقية في الدوائر المحلية. في حين حصل حزب تقدّم على 8 مقاعد، 3 منها في الدائرة العامة؛ والحزب الوطني الإسلامي على 7 مقاعد، 3 منها في الدائرة العامة؛ والاتحاد الوطني على 5 مقاعد، اثنان منها في الدائرة العامة؛ في حين حصل حزب العمال على مقعدين في الدائرة العامة، وكذلك حزب نماء، والعمل، وعزم. ووفقًا لإعلان الهيئة المستقلة للانتخابات، حصلت الأحزاب على 104 من المقاعد النيابية في البرلمان، بنسبة 75 في المئة.

وعلى الرغم من إعلان فوز 104 نواب حزبيين، فإن غالبية الأحزاب، باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي، لم تعلن عن مرشحيها عن الدوائر المحلية في أثناء الحملة الانتخابية للحزب، بل انخرط معظمهم في قوائم محلية على أسس جهوية وعشائرية من دون أن يفصحوا في حملاتهم الانتخابية عن انتمائهم الحزبي. لذا يرى البعض أن تصنيف 104 من النواب باعتبارهم حزبيين ليس دقيقًا، لأنهم لم يفوزوا بفضل أحزابهم، بل بسبب قواعدهم الاجتماعية القائمة غالبًا على انتماءاتهم الجهوية والعشائرية، وهذا السبب الذي دفع بالأحزاب إلى السعي لأن يكون هؤلاء المرشحون منتسبين إليها.

من هذا الباب، جاءت مفاجأة حصول حزب جبهة العمل الإسلامي على 464350 صوتًا على مستوى القائمة العامة؛ أي ما نسبته 44.8 في المئة من الأصوات المحتسبة، وهو أكبر عدد أصوات ناله الحزب في تاريخه. وتصدّرت قائمة الحزب جميع الدوائر الانتخابية على مستوى الدائرة العامة، باستثناء دائرة بدو الوسط التي حلّ فيها ثالثًا، وهذا يعني أن قاعدة دعمه توزعت على جميع محافظات المملكة، وليس في المدن الكبرى التي تضم المخيمات والأردنيين من أصول فلسطينية، وذلك خلافًا لما يجري الترويج له. وعلى الرغم من حصوله على نحو 184 ألف صوت في عمّان والزرقاء، فإنه نال في محافظتي الطفيلة ومعان جنوب الأردن النسبة الأكبر من الأصوات، مقارنةً بباقي مناطق المملكة وهي 55 في المئة و44 في المئة، على التوالي، من الأصوات في الدائرة العامة.

لكنّ المفارقة أن قوائم الحزب مجتمعةً في الدوائر المحلية حصدت ما مجموعة 158907 أصوات، من أصل 1101967 صوتًا؛ أي ما نسبته قرابة 14 في المئة، وهي نسبة أقل من عدد الأصوات التي حصلت عليها في انتخابات أعوام 2016، و2003، و1989. ويبدو أن التصويت في الدائرة العامة كان تصويتًا سياسيًا لمجتمع محافظ دينيًا واجتماعيًا، في حين كان التصويت في الدوائر المحلية يتأثر بالعوامل العشائرية، وروابط الدم والمصاهرة والعلاقات العامة وتقديم الخدمات والرشوة الانتخابية.

وعلى صعيد تمثيل المرأة، وصلت 27 امرأة إلى مجلس النواب في سابقة تاريخية؛ 9 منهن خارج إطار الكوتا المخصصة للنساء، والمحددة بـ18 مقعدًا، فقد فازت 9 سيدات بالتنافس الحر على الدائرة العامة؛ 4 منهن من حزب جبهة العمل الإسلامي.

وعاد إلى المجلس العشرين 52 نائبًا كانوا في مجالس نيابية سابقة، فاز 13 منهم على مستوى الدائرة العامة، وهذا يعني أن 86 نائبًا جديدًا بينهم 6 نواب شباب تقلّ أعمارهم عن 35 عامًا، يُتوقع منهم إثارة القضايا التي تهمّ الفئات التي ينتمون اليها.

تفسير النتائج

يمكن إرجاع تصدّر حزب جبهة العمل الإسلامي نتائج الانتخابات إلى تصويت المقترعين له باعتباره عنوانًا أبرز للمعارضة، وذلك لعدة عوامل أهمها:

أولًا: أدى التصويت العقابي دورًا رئيسًا في فوز الحزب، مع ملاحظة أن هذا التصويت كان عابرًا للمحافظات، وجاء بمنزلة صرخة احتجاجية على الأوضاع العامة السياسية والاقتصادية، وخاصة ما يتصل بالموقف من الحرب على غزة؛ ففي استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، عبّر 86 في المئة من الأردنيين عن عدم رضاهم عن مواقف الحكومات العربية من الحرب. في المقابل، تعامل حزب جبهة العمل الإسلامي مع حرب غزة كأنها حدث أردني داخلي، وخرج منذ يومها الأول إلى الشوارع للاحتجاج، وشارك في تأسيس الملتقى الوطني لدعم المقاومة، واعتُقل العديد من منتسبيه بسبب الوقفات الاحتجاجية أمام السفارة الإسرائيلية في عمّان. ويبدو أن الناخب ميّز بين الحزب الذي انخرط بفاعلية ضد الحرب، وأحزاب الموالاة التي شاركت في وقفات رمزية وبشعارات داعمة لجهود الحكومة في وقف العدوان الإسرائيلي.

ثانيًا: موقف الحزب من استشهاد ماهر الجازي عشية الانتخابات في عمليةٍ على معبر الكرامة بين الأردن والضفة الغربية وقتل فيها ثلاثة إسرائيليين، حيث أمّ وفد من الحزب بيت العزاء في مدينة الحسينية في معان، وأصدر بيانًا صحافيًا مؤيدًا للعملية، في حين تجاهلت معظم الأحزاب الأخرى الحدث، وربما يكون هذا أحد الأسباب في حصوله على المزيد من الأصوات، خاصة في مدينة معان التي حصل فيها على 44 في المئة من أصوات الدائرة العامة، وكذلك المركز الأول في دائرة بدو الجنوب التي توجد فيها عشيرة الجازي.

ثالثًا: رفع الحزب شعار استعادة نقابة المعلمين مع ترشيح نائب نقيب المعلمين السابق على قائمته على مستوى الدائرة العامة، وهو الذي أُغلقت النقابة في عهده، وخاض نضالًا للدفاع عن النقابة والمعلمين، واعتُقل وأحيل إلى التقاعد، وكان هذا عاملًا في حصول قائمة الحزب على مستوى الدائرة العامة على مزيدٍ من الأصوات، خاصة أصوات المعلمين الذين يبلغ عددهم قرابة 140 ألفًا، إضافة إلى وجود مرشحين من الحزب في الدوائر المحلية والعامة، كانوا أعضاءً في مجالس النقابة السابقة.

رابعًا: ضعف القدرات التنظيمية لبقية الأحزاب مقارنةً بتماسك حزب جبهة العمل الإسلامي، والتزامه التصويتي الكبير داخل القوائم المحلية، وعمله تحت قيادة موحدة؛ فهو أكثر الأحزاب تنظيمًا، والوحيد الذي لديه بنى تحتية متنوعة، خيرية وتعليمية واقتصادية ودعوية واجتماعية، في مقابل تراجع أحزاب "تاريخية"، قومية ويسارية، فشلت مجتمعةً على اختلاف ألوانها ومرجعياتها في تجاوز العتبة الانتخابية.

وعلى الرغم من حصول حزب جبهة العمل الإسلامي على 22.5 في المئة، فإنه لا يمكن مقارنة ذلك بما جرى في انتخابات عام 1989، عندما حصلت جماعة الإخوان المسلمين على 25 في المئة من مقاعد المجلس، في حين حصدت المعارضة مجتمعةً نحو نصف عدد المقاعد تقريبًا، ما مكّن الجماعة حينها من الحصول على رئاسة المجلس ثلاث دورات متتالية، إضافةً إلى قيادة لجان برلمانية مهمة، والمشاركة بستة وزراء في الحكومة. ومن ثمّ، هذه البيئة غير متوافرة في المجلس العشرين، إذ إن الحزب هو حزب المعارضة الرئيس في المجلس، ويمثّل بهذا المعنى أقلية برلمانية، ويصعب عليه تشكيل تحالف معتبر داخل المجلس نظرًا إلى علاقته المتوترة مع مؤسسات الدولة، وسعي أحزاب الموالاة وباقي الفائزين لتشكيل تحالف أغلبية، ومن غير المتوقع أن تلجأ مؤسسات الحكم إلى مسار الشراكة وتقاسم السلطة، مع الاستمرار في سياسة المساومة والاحتواء.

سيبقى تأثير فوز حزب جبهة العمل الإسلامي محدودًا إذا استمر التعامل معه بصفته أقلية معارضة كما حصل في المجلس التاسع عشر

حقق حزب جبهة العمل إنجازًا سياسيًا، ولكن حصل ذلك في انتخاباتٍ لبرلمان في دولةٍ يسود فيها نظام غير برلماني. فبموجب الدستور، لا يستطيع نواب الحزب طلب حجب الثقة برئيس الوزراء أو بأحد الوزراء من دون دعم آخرين في المجلس، لأن الدستور يشترط أن يوقّع الطلب ما لا يقل عن ربع أعضاء مجلس النواب، كما لا يستطيعون وحدهم الطعن مباشرة في دستورية القوانين والأنظمة لدى المحكمة الدستورية، كونهم يمثّلون أقل من ربع أعضاء المجلس، في حين يجيز الدستور لعشرة نواب أو أكثر اقتراح القوانين. ويمكن القول أيضًا إن فاعلية مجلس النواب في الحياة السياسية الأردنية محدودة أيضًا؛ ففي الجانب التشريعي يمتلك مجلس الأعيان، الغرفة العليا في البرلمان، وهي هيئة غير منتَخبة، القدرة على تعطيل التشريعات، علاوةً على أن الحكومة هي صاحبة الحق في صياغة مشاريع القوانين وتقديمها إلى مجلس النواب. أما في الجانب السياسي والرقابي، فبعد التعديلات الدستورية المتتالية في أعوام 2014، و2016، و2022، والتي ركزت الصلاحيات في يد الملك، وأضعفت الولاية العامة للحكومة، تحوّل دستور البلاد من نظام حكم نيابي مَلكي، تكون فيه الأمة مصدر السلطات، إلى مَلكية شبه مطلقة.

بناءً عليه، سيبقى تأثير فوز حزب جبهة العمل الإسلامي محدودًا إذا استمر التعامل معه بصفته أقلية معارضة كما حصل في المجلس التاسع عشر، حيث أُقصي نوابه من قيادة اللجان والمكتب التنفيذي للمجلس. لكن ذلك سيعتمد على تطورات الحرب على قطاع غزة، ومدى انفتاح مؤسسات الدولة، خاصة الأمنية منها، على التشبيك والتعاون مع قيادات الحزب ونوابه.

خاتمة

لا تشكّل نتائج الانتخابات تهديدًا لاستقرار النظام في الأردن، بل تؤطر المعارضة ضمنه، وتزيد من حرص قوى دولية وإقليمية على استقراره. وتمثّل هذه الانتخابات تطورًا مهمًا في الحياة النيابية الأردنية يمكن البناء عليه، والاستثمار فيه، لردم الهوة بين الناس ومؤسسات الحكم، خاصة التمثيلية منها، والتمهيد للانتقال إلى المراحل التالية من خريطة الطريق، للوصول إلى حكومات برلمانية كما تقتضي أجندة التحديث السياسي، لأن البديل يعني فقدان الثقة بالمؤسسات السياسية والبحث عن التغيير من خلال الشارع في ظروف سياسية واقتصادية بالغة الصعوبة.