ألترا صوت – فريق التحرير
في إطار المساعي الإماراتية لتدويل عملية التطبيع مع الحكومة الإسرائيلية على المستوى العربي، وتزامنًا مع استعدادات رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإعلان عن ضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن مطلع الشهر القادم، جدد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش استعداد أبوظبي للتعاون في بعض قطاعات الصحة والتكنولوجيا رغم استمرار الخلافات السياسية بين البلدين على حد تعبيره.
في إطار المساعي الإماراتية لتعميم التطبيع مع إسرائيل على المستوى العربي، وتزامنًا مع الخطط الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية، جدد وزير إماراتي استعداد أبوظبي للتعاون مع إسرائيل
وأكد القرقاش، أحد أبرز المسؤولين المقربين من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، في كلمة أمام مؤتمر للجنة الأمريكية اليهودية وصفت بـ"التاريخية"، على أن استمرارية التواصل مع تل أبيب مهم بالنسبة لأبوظبي لما سيؤدي لنتائج أفضل من مسارات أخرى اتبعت في الماضي، ووجه حديثه للحضور بالسؤال: "هل يمكن أن يكون هناك خلاف سياسي بيني وبين إسرائيل؟".
اقرأ/ي أيضًا: العتيبة عبر "يدعوت أحرنوت".. نقاش إسرائيلي إسرائيلي
وتابع المسؤول الإماراتي مجيبًا بدون رد مفصل على السؤال: "لكن أستطيع في نفس الوقت أن أحاول أن نعمل في مجالات أخرى من العلاقة.. أعتقد أنني أستطيع وأعتقد أن هذا هو ما نحن عليه أساسًا"، وتابع بالإشارة إلى أن التعاون بين أبوظبي وتل أبيب لمواجهة جائحة فيروس كورونا الجديد لن تؤثر على معارضة الإمارات لضم أراضي الضفة الغربية الذي تقترحه تل أبيب أو حتى قضايا سياسية أخرى.
وأرسلت شركة الاتحاد الإماراتية للطيران خلال الشهر الماضي طائرتين إلى مطار اللد الإسرائيلي محملتين بمساعدات إنسانية لمساعدة السلطة الفلسطينية في مكافحة الفيروس التاجي، ورفضت السلطة استلام المساعدات الإماراتية واصفةً إياها بأنها "غطاء للتطبيع"، وفي وقت لاحق من الشهر الجاري أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عزام الأحمد أن العلاقات بين السلطة وأبوظبي شبه مقطوعة، مشددًا على عدم تقديمها أي مساعدات للفلسطينيين منذ سنوات.
تأتي كلمة الوزير الإماراتي بالتزامن مع حراك تقوده أبوظبي وجهت خلاله رسالة للرأي العام الإسرائيلي عبر مقال لسفيرها في واشنطن يوسف العتيبة نشر في صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية قبل أيام تحت عنوان "إما الضم أو التطبيع"، استعرض في مضمونه الخطوات التي قطعتها أبوظبي باتجاه التطبيع مع إسرائيل، مطالبًا الإسرائيليين بعدم تنفيذ خطة ضم الضفة من أجل مواصلة هذا التطبيع.
وقالت القناة 13 الإسرائيلية إن الملياردير اليهودي الأمريكي حاييم سابان نصح العتيبة، وتوسط له لنشر المقال عينه في وسيلة إعلام إسرائيلية كبيرة، بعدما كانت أبوظبي تبحث نشر المقال في صحيفة نيويورك تايمز أو واشنطن بوست الأمريكيتين، غير أن سابان اقترح على العتيبة توجيه رسالته للإسرائيليين عبر وسيلة إعلام إسرائيلية كبيرة.
كما عدد العتيبة في مقاله الذي نشر باللغة العبرية الخطوات التي قطعتها أبوظبي للتطبيع مع تل أبيب، من خلال عمله مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على التخطيط "لخطوات بانية للثقة، تعود بالفوائد الكبيرة على إسرائيل (...) مقابل حكم ذاتي موسع واستثمارات في فلسطين"، والدعوة التي وجهتها الإمارات إلى تل أبيب للمشاركة في معرض إكسبو الذي كان مفترضًا افتتاحه نهاية العام الجاري، قبل أن يتم تأجيله بسبب جائحة كورونا، فضلًا عن وقوف بلاده إلى جانب تل أبيب في صراعها مع حزب الله اللبناني، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وبعد تعداد خطوات أبوظبي المتسارعة نحو التطبيع مع تل أبيب، أشار العتيبة إلى أن عملية الضم "ستقلب رأسًا على عقب، التطلعات الإسرائيلية لعلاقات أمنية واقتصادية وثقافية جيدة مع العالم العربي ومع الإمارات"، وأنها "ستزيد من تصلب وجهات النظر العربية ضد إسرائيل، في الوقت الذي تبادر فيه الإمارات لمشاريع التبادل الثقافي وفهم أوسع لإسرائيل"، معتبرًا أن أبوظبي وتل أبيب "تملكان جيشين من أفضل الجيوش المدربة في المنطقة، مع مخاوف مشتركة في مجال الإرهاب والعدوان".
في السياق، أكد العتيبة في المقال عينه على رغبة بلاده في "تصديق أن إسرائيل فرصة وليست عدوًا، وترى القدرة الكبيرة المحتملة في علاقات أحسن، لكن قرار الضم سيكون مؤشرًا إلى أنه يمكن أن نكون مخطئين في ما إذا كانت إسرائيل ترى الأمور بنفس الشكل"، متمسكًا بخيار بلاده للمبادرة العربية للسلام، قبل أن يذكر بمساهمة بلاده الإيجابية فيما يعرف بصفقة القرن التي تروج لها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
غير أن تقارير صحفية اعتبرت أن العتيبة كرر في أكثر من موضع "بطريقة متناقضة" تهديد الضم للمبادرة العربية، متجاهلًا واقع أن خطة الإدارة الأمريكية لصفقة القرن التي بدأ الإعلان عنها في ورشة المنامة التي ناقشت الشق الاقتصادي لها، كانت بمثابة انقلاب على المبادرة العربية وعلى حل الدولتين، كما أنها كانت بمثابة تشريع لضم مناطق واسعة من الضفة الغربية لإسرائيل تحت مبررات تنموية.
وكانت مقالة العتيبة قد قوبلت بانتقادات حادة في الأوساط اليمينية الإسرائيلية، فقد ردت الكاتبة اليمينية كارولين غليك في مقال نشر في صحيفة يسرائيل هيوم العبرية على مقال العتيبة بالقول إن كل تعاون بين إسرائيل والإمارات هو "وليد مصلحة مشتركة، وليس ثمة طرف يصنع معروفًا للآخر"، مؤكدة أن "إسرائيل هي الطرف الأقوى في هذه المعادلة".
ومضت الكاتبة المعروفة بدعوتها إلى ضم إسرائيل جميع الأرض بين البحر والنهر، في مقالها متساءلة إن كانت الإمارات قد قدمت دعمًا لتل أبيب في مواجهة حركة حماس "خلال عملية الجرف الصامد انطلاقًا من رحابة صدر، وحبًا في الصهيونية؟ أم لأن أميرًا ما كان في لندن على علاقة بإسرائيلية تقيم في أحد الكيبوتسات"، مشيرةً إلى أن إشادت وسائل الإعلام العبرية بمقال سفير أبوظبي ليست إلا "تجليًا للصداقة وعلاقات السلام التي يجري نسجها بين إسرائيل ودول الخليج"، غير أن هذه التقديرات من وجهة نظرها ليست في مكانها.
وبدأت الإمارات حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا بخطوات تدريجية للتطبيع مع إسرائيل منذ ما يزيد على عامين، بدأت باستقبال وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف على رأس وفد رياضي قادم من تل أبيب، للمشاركة في بطولة أبوظبي للجودو في عام 2018، تخللها إجراء جولة خاصة للوزيرة الإسرائيلية زارت فيها مسجد الشيخ زايد الكبير.
اقرأ/ي أيضًا: سفير إماراتي يكتب للإسرائيليين: الضم يعرقل محاولاتنا لتعاون أعمق معكم
كما أنه عقب استضافة البحرين ورشة المنامة بحضور مسؤولين ورجال أعمال وإعلاميين إسرائيليين، أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي السابق يسرائيل كاتس زيارة لأبوظبي ناقش فيها التهديد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط مع مسؤولين إماراتيين في عام 2019، ومن المقرر أن تشارك تل أبيب في معرض إكسبو العالمي المزمع تنظيمه في دبي في وقت لاحق لم يحدد بعد.
عقب استضافة البحرين ورشة المنامة بحضور مسؤولين ورجال أعمال وإعلاميين إسرائيليين، أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي السابق يسرائيل كاتس زيارة لأبوظبي
وكانت تقارير صحفية قد كشفت أن أبوظبي عرضت إجلاء مواطنين إسرائيليين عالقين في المغرب بسبب جائحة كورونا في نيسان/أبريل الماضي، وقال موقع المونيتور الأمريكي إن السلطات المغربية وافقت على إجلاء مواطنين إسرائيليين إلى تل أبيب، إلا أن عرض أبوظبي بإجلاء الإسرائيليين مع إماراتيين الذي حظي بموافقة الجانب الإسرائيلي قوبل برفض مغربي لأنه لم يتم إبلاغ الرباط بالتفاصيل.