ألتراصوت- فريق التحرير
سلّط تقرير جديد لبوليتيكو الأمريكية الضوء على الموقف الأمريكي "الملتبس" من إقدام عدة دول عربية، تدور في فلك واشنطن، على تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد في سوريا وقيادة مساع هادفة إلى إعادة النظام السوري المنبوذ دوليًا إلى الجامعة العربية. فواشنطن تفرض عقوبات على نظام الأسد، كما أنها عبرت في أكثر من مناسبة عن رفضها دعم أي مسار لتطبيع العلاقات مع النظام السوري، رابطةً أي مبادرة من هذا القبيل بتحقيق تقدم صوب حلّ سياسي للنزاع في سوريا.
لم تبذل واشنطن أي جهد لثني أي من حلفائها، على غرار الأردن والإمارات والبحرين، عن تطبيع العلاقات مع نظام الأسد
لكن واشنطن مع ذلك لم تعمل، حسب تقارير مختلفة، على ثني أي من حلفائها، على غرار الأردن والإمارات والبحرين، عن تطبيع العلاقات مع نظام الأسد بل إنها تبدو غير ممانعة للجهود المبذولة في هذا الصدد، الأمر الذي أثار أسئلة عديدة حول حقيقة الموقف الأمريكي من نظام الأسد في ظل الإدارة الحالية التي يقودها بايدن.
الولايات المتحدة لا تمنع شركاءها من التقارب مع الأسد
مطلع الأسبوع الجاري التقى وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان في دمشق رأس النظام السوري بشار الأسد، في توجه واضح، إلى أن دولًا عربية عدة في المنطقة تتطلع إلى مرحلة ما بعد سنوات الحرب التي أودت بحياة أكثر من 400 ألف شخص وشردت الملايين من السوريين. فقبل حوالي شهر أيضًا تحدث ملك الأردن عبد الله الثاني هاتفيًا مع بشار الأسد، منهيًا بتلك المكالمة حسب واشنطن بوست سياسة استمرت لمدة عقد من الزمن، لعزل الدكتاتور السوري بسبب الفظائع التي ارتكبها. كما أدلى وزير الخارجية المصري سامح شكري على هامش لقائه بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد بتصريحات قال فيها إن مصر "تتطلع إلى عودة سوريا إلى محيطها العربي والجامعة العربية"، وبدوره أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، أن بلاده، التي ستحتضن قمة جامعة الدول العربية القادمة، تبحث عن توافُق عربي لضمان عودة سوريا إلى الجامعة، مؤكداً أنه "حان الوقت لاستعادة سوريا مقعدها بالجامعة العربية، دون التدخل في شؤونها الداخلية". كما أعلن لعمامرة يوم أمس الأربعاء، عن "مباركته" زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق، وقال إنّه "قد حان أوان عودة سوريا إلى الجامعة العربية دون تدخل في شؤونها".
يحاجج مسؤولون أمريكيون في الإدارة الأمريكية السابقة والحالية أن السبب الرئيسي لهذا التقارب مع نظام الأسد، بصرف النظر عن الرغبة في مواجهة إيران، هو أن إدارة بايدن لا تحض الشركاء العرب على عدم إعادة التعامل مع الأسد والتطبيع معه.
وفي هذا الصدد يقول جيمس جيفري الممثل الخاص السابق لإدارة ترامب في سوريا، أن المحادثات الأخيرة التي قامت بها بعض القيادات العربية مع النظام السوري لم تلق اعتراضًا أمريكيا، حيث لم يتم إخبار أي منهم، من قبل كبار المسؤولين الأمريكيين، بعدم التحدث مع الأسد، ونتيجة لذلك يقول جيمس جيفري، "يشعر هؤلاء القادة أن لديهم ضوءًا أخضر ضمنيًا لتعزيز العلاقات مع النظام السوري".
كما نقلت بوليتيكو عن مسؤول في الخارجية الأمريكية، فضّل عدم الكشف عن هويته، أن إدارة بايدن سهّلت على الدول العربية إعادة بناء العلاقات مع النظام السوري، وذلك عبر ترحيب وزارة الخارجية الأمريكية بإعلان استئناف النشاط الحدودي بين سوريا والأردن، في البداية، وبتجنب قول أي شيء عن المكالمة الهاتفية بين الملك عبد الله والأسد.
كما يعتبر آخرون أن موافقة الولايات المتحدة على صفقة تزويد لبنان بالغاز والكهرباء من مصر والأردن عبر خطوط تمر من سوريا كانت بمثابة ضوء أخضر أمريكي باستئناف العلاقات مع نظام الأسد دون الخوف من تسليط عقوبات بموجب قانون "قيصر"، علما بأن النظام السوري سيستفيد على الصعيد الاقتصادي من صفقة تمديد خطوط الغاز والكهرباء التي سيتولى تمويلها البنك الدولي.