بعد التفجير الذي طال مدينة طرابلس شمال لبنان خلال الأسبوع الماضي عشية عيد الفطر، كتبت النائبة في تيار المستقبل ديما جمالي تغريدة دافعت فيها عن مدينتها طرابلس التي اتهمها البعض بأنها تشكل بيئة خصبة وحاضنة للإرهاب. لكن المشكلة كانت أن رد جمالي كان أسوأ من الاتهامات نفسها، حسب ناشطين، فجاء سطحيًا ويحوي الكثير من المغالطات والمقاربات الخاطئة. حذفت جمالي تغريدتها وأصدر مكتبها بيانًا "أهاب فيه بالغيارى عدم التسرع بفهم تغريدات النائبة".
نشهد في الأيام الأخيرة خطابًا عنصريًا ضد اللاجئين في لبنان، ويقود الحملة بشكل أساسي جبران باسيل ونواب التيار الوطني وقادته. وتساهم وسائل التواصل في نشر خطاب الكراهية هذا
وكانت جمالي قد انتخبت نائبًا عن طرابلس في أيار/مايو 2018، وطعن المجلس الدستوري بصحة نيابتها فأعاد الطرابلسيون إعادة انتخابها في معركة مليئة بالهفوات أظهرت خفة وسطحية مع خطاب فوقي استعلائي يسيء لفقراء المدينة. لاحقًا، يبدو أن ماكينة المستقبل السياسية والإعلامية لم تنجح في تلميع صورة جمالي وتنظيف أخطائها.
اقرأ/ي أيضًا: جبران باسيل ..العنصرية ضد السوريين كاستراتيجية
الهفوات الفادحة التي تقع فيها جمالي، وخاصة من خلال صفحاتها على مواقع التواصل، تسلّط الضوء مرة أخرى على خطورة هذه الوسائل على الشخصيات العامة السياسية، الإعلامية والفنية. فعلى عكس البيانات المكتوبة والمؤتمرات الصحفية، تتيح وسائل التواصل لمستخدميها التعبير عن آرائهم وتفاعلهم مع الأحداث بطريقة فورية. عامل السرعة هذا يعتبر سلاحًا ذا حدين، لأنه يزيد من فرصة الوقوع في الأخطاء، كما أنه يعبر عن المكنونات المباشرة للمستخدم، في حالات تتطلب أحيانًا لغة منمقة. وغالبًا ما يعود أصحاب التغريدات والمنشورات بسحب كلامهم والتراجع عنه، واعتبار أن كلامهم قد أسيء فهمه.
يعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أهم مستخدمي تويتر ولديه ملايين المتابعين على صفحته، ويستخدمه بكثرة للتعبير عن آرائه، بعيدًا عن الإجراءات البيروقراطية والبيانات المكتوبة. يستعين اليوم ترامب بنظام يقوم بتنقيح التغريدة قبل نشرها، بعد الأخطاء الكثيرة التي وقع بها قبل سنوات. التجربة الترامبية التويترية امتدت اليوم إلى الساسة اللبنانيين، ولعل أبرز المغردين من السياسين هو الوزير السابق والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي قلّل إطلالته الإعلامية بشكل كبير، وبات يعبر عن كل مواقفه من خلال تويتر، مستخدمًا أسلوبه التهكمي الساخر.
يستخدم السياسيون اللبنانيون تويتر اليوم كمنصة يشنون خلالها حروبًا كلامية فيما بينهم. قبل أيام مثلًا شهدنا هجومًا متبادلًا بين وزير الدفاع الياس بو صعب المنتمي للتيار الوطني الذي يترأسه جبران باسيل، وأمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري. استخدم الطرفان لغة سوقية ولا تليق بالمواقع التي يشغلونها، وقد استخدما مصطلحات من أحد المسلسلات التي عرضت في شهر رمضان. وهو ما جعل المتابعين والمغردين يسخرون من الإسفاف الذي وصل إليه بو صعب والحريري، وتفاعلوا بشكل كبير مع التغريدتين.
اقرأ/ي أيضًا: ميثاقية "باسيل" الانتقائية
نشهد في الأيام الأخيرة خطابًا عنصريًا طائفيًا ضد اللاجئين والنازحين السوريين والفلسطيينيين، ويقود الحملة بشكل أساسي جبران باسيل ونواب التيار الوطني وقادته وجماهيره. وتساهم وسائل التواصل في نشر خطاب الكراهية هذا، وتروّج بعض الصفحات لمعلومات مغلوطة تلقى صدىً إيجابيًا لدى شرائح من الجماهير.
يحاول الخطاب الباسيلي اليوم أن يصور اللاجئين وكأنهم السبب الرئيس في المشاكل التي يمر بها لبنان، ووسائل التواصل هي الأرض الخصبة التي تسمح بنمو هذا الخطاب وانتشاره
يحاول الخطاب الباسيلي اليوم أن يصور اللاجئين وكأنهم السبب الرئيس في المشاكل التي يمر بها لبنان، ووسائل التواصل هي الأرض الخصبة التي تسمح بنمو هذا الخطاب وانتشاره. هناك اليوم صفحات مخصصة للتحريض ضد اللاجئين، والتبليغ عن مخالفاتهم، بل ونشر أرقام هواتف للإبلاغ عن المواطنين من أصحاب المصالح الذين يستخدمون عمالًا سوريين وفلسطينيين. وقد زادت وتيرة تغريدات جبران باسيل في الأيام الأخيرة، وتركزت جميعها حول اللاجئين والنازحين، ويزايد فيها بلبنانيته وانتمائه للوطن، ليبرر لنفسه الشعبوية واليمينية والكراهية للآخر، حتى وصلت الأمور به لاعتبار أن الجينات التي يمتلكها اللبناني تعطيه تفوقًا على الآخرين، وكأننا في حضرة أدولف هتلر!
اقرأ/ي أيضًا: