سمحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لتنفيذ ضربات عميقة داخل الأراضي الروسية، وفقًا لما أفاد به مسؤولان أميركيان ومصدر مطلع أمس الأحد لوكالة "رويترز" للأنباء. ويُعتبر هذا القرار تغيرًا كبيرًا في سياسة إدارة بايدن بشأن الحرب الأوكرانية-الروسية.
وتخطط أوكرانيا لشن هجوم واسع النطاق في الأيام المقبلة، وفقًا لمصادر تحدثت لـ"رويترز"، دون الكشف عن التفاصيل بسبب اعتبارات أمنية متعلقة بالعمليات.
يأتي هذا القرار قبل شهرين من تسلُّم الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 كانون الثاني/يناير القادم، وبعد أشهر من مناشدات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للإدارة الأميركية بالسماح للقوات الأوكرانية باستخدام الأسلحة الأميركية لضرب أهداف عسكرية روسية داخل العمق الروسي.
من المتوقع أن تُنفذ أوكرانيا أولى ضرباتها العميقة باستخدام الصواريخ الباليستية "ATACMS" بعيدة المدى، التي يصل مداها إلى أكثر من 300 كيلومتر
وهذا التغيير في سياسة إدارة بايدن جاء ردًا على نشر قوات برية من كوريا الشمالية في روسيا لتعزيز جهود القوات الروسية في حملتها العسكرية ضد أوكرانيا، وهو تطور أثار قلق واشنطن وكييف، وفقًا لما ذكره المسؤول الأميركي والمصدر المطلع.
وفي خطاب ألقاه الرئيس زيلينسكي مساء أمس، قال: "الصواريخ ستتحدث عن نفسها"، وأضاف: "اليوم، تتحدث وسائل الإعلام عن أننا حصلنا على الإذن لاتخاذ الإجراءات المناسبة. لكن الضربات لا تُنفذ بالكلمات، فهذه الأمور لا تُعلن".
إنهاء الحرب الأوكرانية.. مراوغات #ترامب و #بوتين قد تكلف #كييف ثمنًا قاسيًا.
اقرأ أكثر في التقرير: https://t.co/Wrnd3yMU7q pic.twitter.com/IK6ZfAeUVi
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 17, 2024
وامتنع كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية عن التعليق. ولم يصدر أي رد فوري من الكرملين، الذي سبق أن حذر من أن أي تخفيف للقيود على استخدام أوكرانيا للأسلحة الأميركية سيُعتبر تصعيدًا كبيرًا.
من جهته، حذر النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، فلاديمير دجباروف، من أن "قرار واشنطن السماح لكييف بشن ضربات داخل روسيا قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة".
بدوره، قال العضو البارز في مجلس الاتحاد الروسي، أندريه كليشاس، عبر منشور على تطبيق تليغرام: "لقد قرر الغرب مستوى من التصعيد يمكن أن ينتهي بانهيار الدولة الأوكرانية بالكامل بحلول الصباح".
من المتوقع أن تُنفذ أوكرانيا أولى ضرباتها العميقة باستخدام الصواريخ الباليستية "ATACMS" بعيدة المدى، التي يصل مداها إلى أكثر من 300 كيلومتر، وفقًا للمصادر نفسها.
ورغم أن بعض المسؤولين الأميركيين أبدوا شكوكًا في أن السماح بالضربات عبر صواريخ طويلة المدى سيغير مسار الحرب، إلا أن القرار قد يساعد أوكرانيا في لحظة يحقق فيها الروس مكاسب ميدانية، وربما يمنح كييف موقعًا تفاوضيًا أفضل في حال إجراء محادثات لوقف إطلاق النار.
وليس من الواضح ما إذا كان ترامب سيعكس قرار بايدن عند توليه الرئاسة، وقد انتقد ترامب سابقًا حجم الدعم المالي والعسكري الأميركي لأوكرانيا، وتعهد بإنهاء الحرب بسرعة دون توضيح الكيفية.
ولم يستجب المتحدث باسم ترامب لطلب التعليق، لكن مستشار السياسة الخارجية المقرب من ترامب، ريتشارد غرينيل، انتقد القرار في منشور على منصة "إكس"، قائلاً: "التصعيد في الحروب قبل مغادرته المكتب".
وقد دعا بعض الجمهوريين في الكونغرس الرئيس بايدن إلى تخفيف القيود على كيفية استخدام أوكرانيا للأسلحة الأميركية المقدمة.
ومنذ فوز ترامب في الانتخابات في 5 تشرين الثاني/نوفمبر، صرحت إدارة بايدن مرارًا بأنها ستستغل الفترة المتبقية لضمان "قدرة أوكرانيا على القتال بفعالية العام المقبل أو التفاوض على السلام مع روسيا من موقع قوة".
وتعتقد الولايات المتحدة أن أكثر من 10 آلاف جندي كوري شمالي يتواجدون شرق روسيا، انتقل معظمهم إلى منطقة كورسك وبدأوا المشاركة في العمليات القتالية.
ورغم الخسائر الفادحة التي منيت بها، تتقدم القوات الروسية بمعدل هو الأسرع منذ عام 2022، فيما أفادت أوكرانيا بأنها اشتبكت مع بعض القوات الكورية الشمالية المنتشرة في كورسك.
وقال الزميل البارز، غير المقيم، في المجلس الأطلسي، أليكسي بلتساس: "رفع قيود الاستهداف سيسمح للأوكرانيين بالتوقف عن القتال بيد واحدة مقيدة خلف ظهورهم"، لكنه أضاف: "التاريخ سيحكم بأن القرار جاء متأخرًا جدًا، تمامًا مثل هيمارس والدبابات والطائرات التي كانت مطلوبة في وقت أبكر".
رغم مناشدات زيلينسكي، كانت إدارة بايدن مترددة سابقًا في السماح باستخدام الأسلحة الأميركية لضرب أهداف داخل روسيا
ورغم مناشدات زيلينسكي، كانت إدارة بايدن مترددة سابقًا في السماح باستخدام الأسلحة الأميركية لضرب أهداف داخل روسيا، خشية تصعيد النزاع. واعتبر رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، النائب الجمهوري مايك تورنر، أن قرار بايدن كان متأخرًا، لكنه أضاف: "هذه الخطوة الأولى ستضغط على فلاديمير بوتين مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض".
وحثت واشنطن حلفاء كييف على تزويدها بالأسلحة مع فرض قيود على كيفية استخدامها داخل روسيا، تجنبًا لأي ردود فعل قد تجر دول حلف الناتو إلى الحرب أو تؤدي إلى صراع نووي.
وقال وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي: "القرار جاء ردًا على مشاركة كوريا الشمالية في القتال"، وأضاف: "رد بايدن على دخول القوات الكورية الشمالية للحرب، والهجوم الصاروخي الروسي المكثف بلغة يفهمها بوتين، من خلال إزالة القيود عن استخدام أوكرانيا للصواريخ الغربية".