في مبنى هادي سنتر، وهو المجمع الذي احترق بكامله ومن فيه بسبب التفجير الانتحاري في منطقة الكرادة يوم 2 تموز/يوليو 2016، وجدنا جثة متفحمة بعد مرور 24 ساعة على التفجير، جاءت إمرأتان بلباس أسود يصيحان وهما تركضان بإتجاه الجثة: "هذا ابننا. نُريد رؤيته. دلونا على ابننا".
ليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها منطقة الكرادة بسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة، لكن هذا التفجير هو الأعنف في تاريخها
على الشارع بين عمارتي مجمع الليث وهادي سنتر كانت إمرأة تنوح على فقيد لها. تقابلها مجموعة من النسوة اللاتي بقين يلطمن على صدورهن، بينما كانت هناك العشرات من الجثث التي ما تزال حتى الآن مفقودة.
اقرأ/ي أيضًا: المصالحة مع إسرائيل..تركيا تراجع موقفها الإقليمي
في مبنى الهادي سنتر كان يوجد ما يقارب الـ300 شخص في كافتيريا المجمع وفي محال بيع الملابس، بالإضافة للمارة على الرصيف والسيارات التي كانت متوقفة بسبب الزحام. يقابله مجمع الليث الذي يكتض بالمتبضعين، بالإضافة الى البسطات على الرصيف التي تنتشر بالعشرات امامه وبجانبه، فضلًا عن المئات الذين يمرون من امامه كل دقيقة.
وصل عدد قتلى الكرادة وهي منطقة تعد مركز بغداد ويزورها الآلاف كل مساء من بقية المناطق، إلى 200 قتيل بضمنهم 81 جثة متفحمة لم يتم التعرف عليها حتى الآن. أما عدد الجرحى فوصل لـ175 جريح، بحسب مصادر طبية.
ليست هذه المرة التي تستهدف فيها منطقة الكرادة بسيارات مفخخة واحزمة ناسفة، لكن هذا التفجير هو الأعنف. رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي زار مكان التفجير في صباح اليوم التالي، لكن المدنيين الغاضبين من سكان منطقة الكرادة طردوه بالشتائم والحجار.
العراقيون يعانون منذ سنوات من جهاز كشف المتفجرات الموجود بنقاط التفتيش المنتشرة في العاصمة بغداد. هذا الجهاز أثبت فشله بعدما استوردته وزارة الداخلية العراقية قبل عشر سنوات تقريبًا من شركة بريطانية اعترفت بعد ذلك بأن هذا الجهاز غير صالح لكشف المتفجرات، وإنما لإلتقاط مكان كرات الجولف!
اقرأ/ي أيضًا: ماهي تأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟
المدونون والصحافيون العراقيون أطلقوا بعد تفجير الكرادة وسم (#كاشف_الزاهي) في إشارة إلى جهاز كشف المتفجرات الذي يلتقط مواد التنظيف السائلة إذا ما كانت موجودة في السيارة. وعلى إثر الضغط الإيجابي الذي مورس من قبل الناشطين أمر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بإلغاء العمل بهذا الجهاز، وهو الذي لا يعد هذه الأيام في أفضل أقواته، فالمعارك ليست كما هي الوعود والاختراقات الأمنية تحصل في قلب عاصمة الرشيد، مما دفع بعض الحضور والأهالي الغاضبين بالقرب من مكان التفجير إلى رمي العبادي بالحجارة والأحذية تعبيرًا عن سخطهم على القصور الحكومي العام والأمني خاصة.
تعتبر الكرادة رئة بغداد التي تجمع بين الرقي المناطقي وبين الحركة الشعبية. في هذه المنطقة المطلة على نهر دجلة توجد عشرات الفضائيات ووكالات الانباء والصحف والمنظمات ومكاتب صحافية غير عراقية، بالاضافة لذلك فإن مقار ومكاتب عدد من الأحزاب هناك، فضلًا عن المطاعم والمولات التجارية الكبيرة.
أشخاص عدة أدينوا بصفقة فساد كبيرة تم من خلالها إستيراد جهاز كشف المتفجرات، لكن أي منهم لم يُحاسب، وبقي الجهاز يُستخدم حتى هذه اللحظة في نقاط التفتيش التي تمر منها السيارات المفخخة.
باتت بغداد بعد التفجير مباشرة مدينة كئيبة، حتى الطقس تغير، فعم الغبار سماء المدينة وراح شبابها يبكون في أزقة الكرادة على من فقدوه. يقال ان هناك عدد من الجثث حتى الان بقيت داخل مجمع الليث التجاري تراكمت عليها الأنقاض ولا أحد وصل إليها. ما يؤكد ذلك أن هناك عدد من العوائل تبحث عن مفقودين لديها.
وكالعادة تبنى تنظيم "داعش" التفجير الذي استهدف منطقة الكرادة، وقال إن "الانتحاري أبو مها العراقي تمكن من تفجير سيارته المفخخة في منطقة الكرادة وسط بغداد".
اقرأ/ي أيضًا: