لم يدخل جبران باسيل إلى عالم السياسة من الباب التقليدي الذي يدخل منه معظم القادة في لبنان، حيث يرثون المنصب من آبائهم الذين ورثوها بدورهم عن أجدادهم، حتى تشعر بأن البلد محكوم من عدد محدد من العائلات. في العام 1999 تزوج جبران باسيل من شانتال عون ابنة رئيس الجمهورية الحالي، والقائد السابق للتيار الوطني الحر ميشال عون. في تلك الفترة كان العداء على أشده بين النظام السوري وعون، وكان الأخير يعيش في منفاه الفرنسي على خلفية أحداث ما يعرف باسم "حرب عون".
في موضوع اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، اعتمد باسيل خطابًا يمينيًا عنصريًا، مبنيًا على الكراهية والتحريض ضد الآخر، وقد لاقاه في ذلك جمهور التيار وعدد كبير من قياداته
في 6 شباط/فبراير 2006 وقع التيار الوطني ورقة تفاهم مع حزب الله، وتموضع على إثرها التيار في صف النظام السوري وحلفائه. تلا بنود التفاهم يومها عن التيار، القيادي فيه حينها جبران باسيل، ما خلف انطباعًا بأن الحزبي الشاب (36 عامًا آنذاك) يشق طريقه للوصول إلى مركز القرار الرئيسي في الحزب.
اقرأ/ي أيضًا: ميثاقية "باسيل" الانتقائية
خسر جبران باسيل في انتخابات قضاء البترون في العام 2009 أمام مرشحي فريق 14 آذار، ومع ذلك فقد اشترط ميشال عون أن يتوزر صهره في الحكومة التالية بالرغم من الخسارة، في سابقة لم تحصل من قبل. ورضخ الأفرقاء السياسين لمطالب عون بعد أشهر طويلة من التعطيل والفراغ، وتشكلت حكومة فؤاد السنيورة.
في العام 2015 أعلن ميشال عون عن تنحيه عن رئاسة التيار الوطني، فجرت انتخابات جديدة وتم انتخاب باسيل رئيسًا للتيار، ولا يزال حتى اليوم. وقد أثار القرار غضب الكثير من المحزبين والقياديين في التيار، واعتبروا أن باسيل لا يملك مؤهلات أو تاريخًا طويلًا في التيار ليحصل على المنصب، وأن مصاهرته لعون هي فقط ما أوصله إلى منصبه. وقد استقال العشرات من "العونيين" على أثر هذا الانتخاب.
إضافة إلى رئاسته للتيار، تولى باسيل وزارات الاتصالات ثم الطاقة والكهرباء، ويشغل اليوم منصب وزير الخارجية. خلال توليه لوزارة الطاقة، وعد اللبنانيين بتأمين التيار الكهربائي 24 ساعة في اليوم. لم يتحقق شيء من ذلك، بل إن وضع الكهرباء بات أسوأ. حمّل باسيل المسؤولية لخصومه السياسيين، واعتبر أنهم عرقلوا مشروعه، فيما كانت روائح الفساد تنبعث من صفقات البواخر التي كان يجريها.
في وزارة الخارجية لم يختلف الأمر كثيرًا، فقد مثل باسيل وجهة نظر حزب الله وسوريا في المؤتمرات والاجتماعات العربية والدولية، على حساب مصلحة لبنان حكومة وشعبًا. خرج باسيل عن الإجماع العربي في الكثير من الحالات إرضاء لنظام بشار الأسد، فيما لم يتوان عن توجيه رسائل إيجابية لإسرائيل. ما يجعل أوساطًا واسعة من اللبنانيين تعتقد أنه يمثل الوصولية السياسية بأكثر صورها فجاجة.
يحرض ضد العمال الأجانب.. ويستخدمهم في مؤسساته!
في موضوع اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين، اعتمد باسيل خطابًا يمينيًا عنصريًا، مبنيًا على الكراهية والتحريض ضد الآخر، وقد لاقاه في ذلك جمهور التيار وعدد كبير من قياداته، فشهدنا حملات تدعو إلى طرد النازحين من أماكن عملهم، وإجبارهم على العودة إلى سوريا بحجة أن الأمن عاد إليها، ويتجاهل أصحاب هذا الخطاب ويتعاموا عن حقيقة أن حليفهم بشار الأسد ونظامه هو المسؤول الأول عن النزوح، كما أنه لا يبدي أي تعاون في سبيل عودتهم.
كشف تقرير أعدته قناة الجديد، وعرضته في إحدى نشراتها الإخبارية، أن شركة "بترونيات" التي أسسها وزير الخارجية جبران باسيل في العام 2009، وهو مطعم ومنتجع سياسي في مدينة البترون مسقط رأس باسيل، يستخدم عمالًا أجانب في عمله. وقد أدخل معدو التقرير كاميرا خفية إلى المنتجع فرصدوا عاملين مصريين اثنين وآخرين سوريين وواحد من بنغلادش.
اقرأ/ي أيضًا: جبران باسيل ..العنصرية ضد السوريين كاستراتيجية
الخبر كان من الممكن أن يكون عاديًا وطبيعيًا، في بلد كلبنان يعتمد بشكل أساسي على الخدمات، ويعمل في قطاعاته آلاف العمال الأجانب، لولا الحملة التي يقوم بها باسيل وتياره، والتي استعرت في الأيام الأخيرة، وحملت معها الخطابات العنصرية والتحريضية ضد النازحين السوريين، والمطالبة بطردهم من أماكن عملهم واستبدالهم بلبنانيين.
في وزارة الخارجية لم يختلف الأمر كثيرًا، فقد مثل باسيل وجهة نظر حزب الله وسوريا في المؤتمرات والاجتماعات العربية والدولية، على حساب مصلحة لبنان حكومة وشعبًا
ويشار إلى أن الفيديو الذي عرضه تلفزيون الجديد، إضافة إلى الكثير من الأدلة والوقائع، تثبت أن باسيل نفسه، إضافة إلى رجال الأعمال المقربين منه والقياديين في حزبه، لا يترددون عن استخدام الأجانب في مؤسساتههم، بسبب انخفاض كلفتها، ولأنها تتيح لهم التهرب من التقديمات الاجتماعية من تعويضات وضمان صحي وما إلى ذلك، بالتالي فإن باسيل وأعوانه لا يهتمون كثيرًا للشباب اللبناني العاطل عن العمل، وإلا كانوا بدأوا "الإصلاح" من داخل مؤسساتهم، بل هم مجرد تجار وحيتان أموال لا تهمهم إلا مصالحهم، وما خطاباتهم العنصرية المليئة بمفردات الكراهية سوى مطية لهم لدغدغة مشاعر المواطنين العاديين، وإيهامهم بأن خطرًا محدقًا يحيط بهم ، وأنهم هم من يدافعون عنهم وعن مصالحهم.
اقرأ/ي أيضًا:
لبنان.. "مرصد العنصرية" يرصد ما تغفله الدولة
تفجيرات القاع.. تطرح أسئلة جديدة على اللبنانيين