05-نوفمبر-2024
التجنيد

تخوض إسرائيل حربًا على جبهات متعدد ومع ذلك تواجه أزمة في التجنيد (غيتي)

صادق وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت على إصدار 7 آلاف أمر تجنيد إضافي من اليهود الحريديم المستنكفين عن أداء الخدمة العسكرية، ويعد قرار غالانت هذا مؤشرًا، حسب الكثيرين، على تفاقم أزمة التجنيد في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يخوض حربًا متعددة الجبهات. إذ تتزايد المخاوف في إسرائيل من احتمالية إخفاق الجيش في تجنيد العدد الكافي من الجنود للالتحاق بصفوفه، الأمر الذي قد يؤدي إلى إلحاق "هزيمة استراتيجية بإسرائيل"، والتي لم تتمكن بعد مرور أكثر من عام على العدوان من القضاء على المقاومة في غزة.

يشار إلى الأحزاب الأرثوذكسية في الكنيست تحرص على تمرير قانون يعفي المتدينين من التجنيد، في وقتٍ يلاحظ فيها، حسب يديعوت أحرنوت، اتساع  نطاق حجم التهرب من الخدمة العسكرية، وتزايد الإعفاءات الطبية الممنوحة للمرشحين لأدائها.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، يعتقد محلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرنوت يوسي يهوشع أن "جيش الاحتلال يجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى احتياجاته من المجندين" والتي تقدر بـ7 آلاف عنصر.

يبذل الائتلاف الحكومي قصارى جهدها لإعفاء الحريديم من التجنيد

ومنذ آب/أغسطس الماضي يسعى جيش الاختلال " لتجنيد نحو 3 آلاف من الحريديم، لكن الخطة تعثرت ودخلت في نفق مظلم" ومع ذلك وقع غالانت أمرًا باستدعاء 7 آلاف منهم، وكأنه منفصل عن معطيات المشهد الإسرائيلي الذي تبذل فيه الحكومة قصارى جهدها لإعفاء الحريديم من التجنيد.

ففي العام الماضي تكشف البيانات الإحصائية أن 1200 فقط من الحريم تم استدعاؤهم للتجنيد، وذلك من أصل حوالي 13 ألف مرشح للخدمة العسكرية. وعلى الرغم من محدودية العدد المستهدف بالتجنيد، إلا أنه  لم يحضر للتجنيد سوى 240 فردًا، أي ما يعادل حوالي 8% فقط من الذين تم استدعاؤهم، وفقًا لتقرير يديعوت أحرنوت.

وبتوسيع الرؤية أكثر، تعزز الأرقام من المخاوف، ففي السنوات الأخيرة لم تصل نسبة 33% للتجنيد وأداء الخدمة العسكرية (باستثناء الجمهور العربي)، كما أن 15% تسربوا أثناء خدمتهم ولم يدخلوا مجموعة الاحتياط على الإطلاق، بينما قفز عدد المستفيدين من الإعفاء الطبي والصحة العقلية من 4% إلى 8%. أما أثناء الخدمة، فإن هذا العذر هو الأكثر شيوعا في حالات التسريح من الخدمة"وفق يديعوت أحرنوت.

وطال الإعفاء  أو التهرب من الخدمة أيضا جنود الاحتياط، الأمر الذي يزيد من خطر الأزمة، فحوالي 18 ألفًا من جنود الاحتياط القتاليين لا يحضرون عند استدعائهم. وبحسب تصريح أدلى به اللواء يانيف آسور ليديعوت أحرنوت فـ "إن هؤلاء كانوا متهربين متسلسلين لا يمكن جلبهم بالقوة"، وأوصى بـ"تغيير جذري في برامج الأجور والتقدير لأولئك الذين يخدمون، وفوائد كبيرة لأولئك الذين يخدمون أكثر، وفقدان الحقوق لأولئك الذين لا يخدمون على الإطلاق".

التراجع طال أيضًا مستوى الجودة والفعالية القتالية، فبحسب تقرير لموقع واينت وآخر ليديعوت أحرنوت، فإن "النظام القتالي الإسرائيلي عانى من مزيد من التآكل بسبب الانخفاض الكبير في مؤهلات الرجال الذين تم تجنيدهم، ففي كل عام خلال السنوات الأخيرة كان هناك انخفاض في المتوسط بنسبة 1% من جميع الذين يتم تجنيدهم".

فضلًا عن ذلك، ثمة عامل آخر لا يقل أهميةً عمّا سبق ذكره، من عزوف عن الخدمة العسكرية وتهرب منها، ويتعلق الأمر بالفشل في تحقيق أهداف العملية العسكرية في غزة ولبنان، وبالنظر  إلى عدم القدرة على تجنيد العدد المطلوب من الحريديم، فإنّ تحقيق أهداف الحرب سيكون مسألة صعبة.

ولرفع هذا  التحدي دعت قيادة الجيش إلى زيادة الأعداد المستهدفة من اليهود المتدنيين إلى الضعف تقريبًا (13 ألف شاب)، لكنّ هذا يستدعي موافقة سياسية من الحكومة، وهو سيناريو مستبعد نظرًا للدور المحوري للصهيونية الدينية المتطرفة في الحكومة الائتلافية. وليس من المستبعد أن يجد غالانت نفسه خارج التشكيلة الحكومية إذا استمر في إصراره على تجنيد الحريديم بالآلاف. وسيشترط في البديل حينها أن يكون على استعداد للتنازل عن مطلب تجنيد أعداد كبيرة من الحريديم.