أطلقت مصر في الأيام الأخيرة مساعي حثيثة لتحريك المفاوضات بشأن وقف إطلاق نار في غزة، وذلك بتقديم مقترح تحاول من خلاله إقناع الأطراف من أجل تخطي الجمود الحاصل، وهو ما كشفت عنه صحيفة "العربي الجديد"، في تقرير نشرته، يوم الثلاثاء، بأن هناك تصوّرًا طرحه المسؤولون المصريون لتحريك ملف التهدئة، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، "يتضمن انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا على مدى زمني طويل نسبيًا".
وأوردت الصحيفة ذاتها أن القاهرة تشهد نشاطًا دبلوماسيًا واسعًا، وقبل وصول وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن للمنطقة، اليوم الإثنين، زار رئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي "الشاباك"، رونين بار، القاهرة الأحد الماضي، حيث التقى برئيس جهاز المخابرات العامة المصري، اللواء حسن رشاد. وبالرغم من أن هذه الزيارة بدت "للتعارف"، إلا أنها تدخل في إطار الدور المصري في تحريك المفاوضات المعطلة، عبر مقترح بخطوط عريضة تنطلق حولها، وبتنسيق مع الولايات المتحدة.
ويقوم المقترح المصري بالأساس على طرح انسحاب إسرائيلي من غزة، يكون مداه الزمني أطول مما تضمنته مقترحات جرى التباحث بشأنها في جولات التفاوض السابقة. ووفقًا لهذا التصور المصري المطروح لاستطلاع رأي الأطراف، يبدأ الانسحاب من جنوب القطاع باتجاه الشمال. هذا وتبدي قيادة حركة حماس رفضًا مبدئيًا لهذا الطرح، بسبب المدى الزمني المقترح، والضمانات الخاصة بالتزام إسرائيل بأي تفاهمات مستقبلية. وتتمسك بالمقابل بـ"الانسحاب الكامل من القطاع لحدود ما قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023"، لأن "حجم التضحيات التي قدمتها غزّة، لا يمكن معها القبول باتفاق من شأنه العودة إلى الوراء".
قدمت مصر مقترحًا لتحريك مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تحاول من خلال إقناع الأطراف من أجل تخطي الجمود الحاصل
وأمس الإثنين، بدأ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، جولته الشرق أوسطية بزيارة للقاهرة، لـ"مناقشة الجهود المستمرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، بشكل يضمن الإفراج عن كافة الرهائن والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، والمساعدة في تحقيق الأمن الإقليمي الأوسع نطاقًا"، حسبما أفاد بيان الخارجية الأميركية، وبعدها حل بلينكن في تل أبيب، اليوم الثلاثاء، من أجل مواصلة المساعي لحلحلة الانسداد الذي تعرفه المفاوضات.
وبحسب "العربي الجديد"، يأتي النشاط الأميركي في أعقاب استشهاد قائد حركة حماس، يحيى السنوار، الخميس الماضي، إذ تعول الإدارة الأميركية على تراجع في موقف المقاومة، كما تعول تل أبيب على تقديم حماس تنازلات إزاء نزيف القياديين الذي واجهته، باستشهاد رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، وخليفته يحيى السنوار، وقبلهما نائب رئيس المكتب، صالح العاروري.
من جهة أخرى، وفق معلومات الصحيفة العربية ذاتها، سعت القاهرة، بناء على مطلب أميركي، إلى الحصول على معلومات بشأن وضع المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة في غزة، في محاولة لبث رسائل طمأنة، وتعزيز موقف المرشّحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية، كامالا هاريس، قبل التصويت في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
⬅️ المفوض العام للأونروا "فيليب لازاريني" في حديثه عن الأوضاع الكارثية شمالي #غزة من خلال تغريدة على منصة "X".@UNLazzarini pic.twitter.com/6khbtgD6VA
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) October 22, 2024
وقال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، حسين هريدي، لـ"العربي الجديد" إن: "بلينكن سيأتي إلى المنطقة لأنه يريد الإفراج عن كل الرهائن قبل انتهاء ولاية الرئيس جو بايدن"، مؤكدًا أنه "لن يقدم شيئًا في مقابل ذلك سوى الوعود الواهية المكررة، لا أكثر ولا أقل".
وتتكتم قيادة حركة حماس على المعلومات الخاصة بمصير الأسرى، وكذلك أعداد الأحياء منهم وحالتهم الصحية، معتبرة أن أي كلمة أو معلومة في هذا السياق يجب أن تعطى مقابل "ثمن"، وأن تكون جزءًا من عملية التفاوض حول وقف إطلاق النار.
وإلى جانب تحريك المفاوضات بشأن الأسرى، شملت زيارة رئيس "الشاباك" رونين بار للقاهرة، الأحد الماضي، تباحث مقترحات بشأن تصور جديد لشكل المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، يتضمن تعديلات توصف بـ"غير القليلة" على وضع المنطقة قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وتتضمن التصورات الإسرائيلية تعديل موقع معبر رفح البري، وإقامة أبراج مراقبة ثابتة في ممر صلاح الدين (فيلادلفيا)، إضافة إلى منفذ بحري بالقرب من الحدود المصرية.