نشرت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، أمس السبت، مقالًا تحليلًا تناول واقع ومآلات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والاشتباكات المتواصلة بين قوات الاحتلال و"حزب الله" في جنوب لبنان، حيث يتوقع كثيرون أن تتحول الاشتباكات المتقطعة إلى حرب واسعة في ظل التصعيد الأخير.
وقالت الصحيفة إنه لا توجد نهاية في الأفق للحرب التي يخوضها رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في غزة وجنوب لبنان. وأكدت، في السياق نفسه، أن وعود المسؤولين الإسرائيليين، الآن أو خلال السنوات السابقة بتحقيق "نصر سريع" أو "حاسم"، في الحرب مع "حزب الله" أو حركة "حماس"، تبيّن أنها مجرد أوهام.
واستعادت الصحيفة تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، أفيف كوخافي، حول عقيدة "النصر الحاسم" التي قال إنها عقدية عملياتية جديدة قائمة على: "عمليات هجومية سريعة تعتمد على استخدام وحدات أصغر مدعومة بقوة نيران هائلة"، تسمح لدولة الاحتلال بتحقيق نصر سريع في حربها ضد "حزب الله" أو "حماس"، أو كلاهما معًا.
وعود المسؤولين الإسرائيليين بتحقيق نصر سريع وحاسم، سواء في غزة أو جنوب لبنان، مجرد أوهام
ولكن ما هو واضح الآن، بعد أكثر من 8 أشهر من الحرب، ورغم استخدام قوة نيران هائلة ترتبت عليها عواقب مدمرة على المدنيين في قطاع غزة، أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين مجرد أوهام غير قابلة للتحقيق.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن ديناميكيات الحرب طويلة الأمد فرضت وقعها الخاص، سيما في ظل الضغوط الدولية التي تقودها الولايات المتحدة لإجراء محادثات هادفة لوقف إطلاق النار في القطاع والتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى والمحتجزين بين "إسرائيل" و"حماس"، بدعم من مجلس الأمن الدولي، بحسب زعمها.
واعتبرت أن رسائل رئيس "حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار، التي تحدّثت عنها عدة تقارير مؤخرًا، تُشير إلى أن الحركة ترى تقدم الصراع في ضوء مختلف جذريًا عن المسؤولين الإسرائيليين، وأنها تنظر إلى الحرب الحالية من منظور حروب حركات التحرير الوطنية التاريخية، مثل نضال الجزائر من أجل الاستقلال عن فرنسا.
وذكرت الصحيفة أن "حماس" لا تنظر إلى الحرب المتواصلة منذ أكثر من 250 يومًا على أنها واحدة من سلسلة صراعات عرضية، وإنما صراع طويل تعتقد أنها ستنتصر فيه في نهاية المطاف. كما أشارت، ضمن السياق نفسه، إلى أن الحركة حققت أهم مكاسبها لا في جبهات القتال، وإنما على الجبهة الدبلوماسية.
ورغم العزلة الدبلوماسية التي تواجهها "إسرائيل" بسبب المعاناة غير المسبوقة التي خلّفها عدوانها على قطاع غزة، واتهامها بارتكاب جرائم حرب مختلفة وإبادة جماعية واستخدام التجويع كسلاح حرب؛ إلا أن موقفها في مفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين لا يزال، وعلى عكس التمنيات الأميركية، يتسم بعدم المرونة.
ولفتت إلى استقالة بيني غانتس وحزبه من حكومة الطوارئ الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو، لم يجعل الأخير أكثر اعتمادًا على الأحزاب اليمينية المتطرفة المعارضة لوقف إطلاق النار فحسب، بل فشل في إثارة أزمة سياسية في "إسرائيل"، وأدى إلى تزايد دعم الإسرائيليين لنتنياهو وحكومته وفق استطلاعات الرأي.
وكان غانتس، زعيم حزب "معسكر الدولة"، قد أعلن عن استقالته من حكومة الطوارئ، برفقة غادي آيزنكوت، في التاسع من حزيران/يونيو الجاري، قائلًا في خطاب استقالته إن: "نتنياهو يحول دون تحقيق نصر حقيقي. الاعتبارات السياسية في حكومة نتنياهو تعرقل القرارات الاستراتيجية في حرب غزة"، داعيًا إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وتشكيل: "حكومة وحدة وطنية صهيونية قومية.
وقدّر غانتس، في مقابلة مطوّلة مع التلفزيون الإسرائيلي، الخميس الفائت، بأن الحرب في قطاع غزة مستمرة لعدة سنوات قادمة. فيما رأى أن الحل السياسي هو الخيار الأفضل في الجبهة الشمالية مع "حزب الله"، التي تشهد تصعيدًا مستمرًا منذ عدة أيام.
وقال غانتس إن الحرب منذ بدايتها كانت تدار بالتوافق، انطلاقًا من التماسك ورؤية مصالح "إسرائيل"، إلا أن اعتبارات أخرى بدأت تسيطر مع مرور الوقت. كما أشار إلى أن وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، أفشل مقترح صفقة الأسرى الذي صادق عليه نتنياهو بعد اتصاله به.
ولليوم الـ254، تواصل "إسرائيل" عدوانها الهمجي على قطاع غزة الذي أسفر، حتى يوم أمس السبت، عن استشهاد 37.296 فلسطينيًا، وإصابة 85.197 بحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية بغزة.
وتزامنًا مع العدوان، وبسببه، إضافةً إلى منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية، تستمر الأزمة الإنسانية في القطاع بالتفاقم، حيث لا يزال سكانه يواجهون مستويات بائسة من الجوع بحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، التي أكدت، أمس السبت، أن هناك: "أكثر من 50 ألف طفل في قطاع غزة بحاجة ماسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد".