في الوقت الذي تنتفض فيه دول العالم والأمم المتحدة والمؤسسات الإغاثية الدولية للمطالبة بفك الحصار، الذي يفرضه نظام الأسد وحليفه حزب الله اللبناني، على عدد من المناطق السورية وعلى رأسها مدينة مضايا، يعلن أنصار الأسد و"الجمهورية العربية السورية" دعمهم وتأييدهم لاستمرار حصار المدينة.
بدلًا من نشر صور ومقاطع فيديو لأطفال المدينة الجوعي قام عدد من أنصار الأسد وحزب الله بنشر صور لولائمهم استعراضًا لقسوتهم تجاه المحاصرين
فبدلًا من دعم الحملات والفعاليات المطالبة بفك الحصار عن مضايا، وبدلًا من الضغط على النظام الذي يؤيدونه -حتى الموت- لتنفيذ وعوده بالسماح بدخول المواد الغذائية إلى أهالي المدينة، قام عدد من أنصار نظام الأسد بالتغريد على هشتاغ #متضامن_مع_حصار_مضايا ليتضامنوا مع "حصار المدينة" وليس مع أهاليها الجوعى.
وبدلًا من نشر صور ومقاطع فيديو لأطفال المدينة الموتى وشيوخها الجوعى وأسرها التي تأكل أوراق الشجر بعد أن أكل الجوع أمعاءها، قام عدد من أنصار الأسد وحزب الله بنشر صور لولائمهم الفاخرة والتي تحتوي على لحوم وأسماك وفاكهة وما تشتهيه الأنفس من شتى أنواع الطعام، مستعرضين قسوتهم تجاه المحاصرين، ولسان حالهم يقول لأهالي مضايا المحاصرة "لا. لن تموتوا جوعًا فقط. ولكن ستموتون غيظًا وكمدًا أيضًا".
استهجان
أثار ما أظهره أنصار الأسد وحزب الله من استهزاء بمعاناة أهالي مضايا وشماتة في الجوع الذي أودى -حتى الآن- بحياة حوالي ثلاثين شخصًا من أبناء المدينة، موجة من الغضب و"الاشمئزاز" على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث عبر عدد من نشطاء حقوق الإنسان ورواد مواقع التواصل عن استنكارهم لما قام به أنصار نظام الأسد واعتبروه "انعدامًا للإنسانية" على حد تعبير بعضهم.
كما قامت عدد من الصحف الأجنبية والعربية، بتغطية الحملة التي يشنها أنصار الأسد وحزب الله اللبناني دعمًا لاستمرار حصار مضايا، ونقلت صحيفة الإندبندنت البريطانية، عن بعض المعلقين، قولهم إن هذا "السلوك سادي ومثير للاشمئزاز إلى حد لا يصدق".
مساعدات من الجو
اقترح عدد من نشطاء حقوق الإنسان أن تقوم قوات التحالف الدولي، التي تحارب تنظيم داعش في سوريا والعراق، بإسقاط مساعدات إنسانية للمحاصرين في مضايا والزبداني عبر الجو، أسوة بما حدث في كوباني/عين العرب، عندما أسقطت طائرات التحالف الدولي للقوات الكردية التي تحارب تنظيم داعش مساعدات عسكرية وإنسانية.
وتبنى الاقتراح الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية؛ حيث طالب الولايات المتحدة الأمريكية بإسقاط المساعدات الإنسانية للمحاصرين في مضايا والزبداني والمعضمية ودير الزور وكافة المناطق المحاصرة عبر الجو.
ونشرت الجزيرة. نت، نقلًا عن مصدرين مطلعين أن مساعدات إغاثية ستسلم، صباح الاثنين المقبل، إلى مدينة مضايا السورية في ريف دمشق، ولبلدتي الفوعة وكفريا، المحاصرتين من قبل المعارضة السورية المسلحة، في شمال غرب البلاد، بمقتضى اتفاق، تم اليوم السبت، بين المعارضة ونظام الأسد.
لماذا مضايا والزبداني؟
حصار قوات الأسد وحزب الله اللبناني لمدينتي مضايا والزبداني لم يأت من فراغ، فالحصار له بعدين؛ يتمثل أولهما في الضغط على المعارضة المسلحة التي تحاصر عددًا من البلدات الموالية لنظام الأسد -وإن بدا حصار المعارضة لهذه البلدات أقل وطأة بكثير من حصار حزب الله وقوات الأسد لمضايا والزبداني-، والبعد الآخر يتمثل فيما يبدو أنه ترتيبات دولية لوضع حد للحرب في سوريا؛ تلك الترتيبات التي يتوقع أن تنتهي بتقسيم سوريا إلى دويلات يرأس الأسد إحداها، ومن هنا يستمد الموقع الجغرافي للمدينتين الثوريتين -من حيث وقوعهما على الحدود السورية اللبنانية-، ثقلًا استراتيجيًا، فالأسد لن يجلس على مائدة المفاوضات النهائية إلا إذا ضمن أن الطريق بينه وبين حليفه في لبنان (حزب الله) آمن، وحزب الله لن يسمح بأن تكون هناك مدن غير تابعة للأسد على حدود لبنان/حدوده.
وبين هذين البعدين يعاني الآلاف من سكان مضايا والزبداني من أوضاع إنسانية غاية في الصعوبة؛ فالصور الواردة من الأماكن المحاصرة لا تظهر بشرًا من لحم ودم ولكن تظهر هياكل عظمية أنهكها الجوع وأضناها الحصار، والتقارير الصادرة عن عدد من المؤسسات الإغاثية المستقلة تتحدث عن مأساة حقيقية يعيشها السكان.
اقرأ/ي أيضًا: