29-أكتوبر-2024
إسعاف

(GETTY) سيارة إسعاف دمرّها الاحتلال في غزّة

كشفت دراسة أن الاحتلال الإسرائيلي تعمّد قصف مستشفيات غزة بمئات القنابل شديدة الانفجار، وذلك في الفترة بين السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 و17 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أي لفترة 40 يومًا فقط.

الدراسة التي أجرتها مجلة PLOS Global Public Health، بيّنت إسقاط جيش الاحتلال خلال عدوانه على غزة ما يقرب من 600 قنبلة شديدة التدمير من طراز Mark 84، تزن كل واحدة منها 2000 رطلًا (907 كيلوغرامات)، ولديها القدرة على إتلاف البنية التحتية للمستشفيات، وقتل الفلسطينيين أو التسبب في إصابات خطيرة لهم، وفق ما نقله موقع "العربي الجديد" عن المجلة.

وبيّن "العربي الجديد" أن معظم القنابل التي رصدها مؤلفو الدراسة، كانت على مسافة قريبة جدًا من المستشفيات في جميع أنحاء قطاع غزة. حيث تطلق قنابل "مارك 84" أكثر من ألف رطل من الشظايا الفولاذية في جميع الاتجاهات، بنصف قطر يصل مداه القاتل إلى 360 مترًا بعيدًا عن نقطة الانفجار، ويمكن أن يضر البنية الأساسية ويسبب إصابات خطيرة بنصف قطر يصل حتى 800 متر، حيث تصنع هذه القنابل شركة تصنيع الأسلحة الأميركية "General Dynamic and Ordnance Tactical System".

الأضرار التي لحقت بالمستشفيات بسبب هذه الذخائر وغيرها، سيكون لها آثار فورية وطويلة الأمد على صحة الفلسطينيين في قطاع غزة

ورسم مؤلفو الدراسة خريطة لقطاع غزة، عليها مواقع الحفر التي تشكلت نتيجة لقنابل M-84 التي ألقيت من الجو. ومن خلال مطابقة هذه الخريطة مع البيانات المكانية التي حصلوا عليها من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ونظام "خرائط الشارع المفتوحة"، تمكن الباحثون من قياس المسافات بين حفر القنابل والمستشفيات في قطاع غزة.

غزة
خريطة تظهر مدى قرب القنابل من المستشفيات

وأظهر تحليل البيانات أن حفرة قنبلة واحدة على الأقل كانت ضمن مسافة 800 متر من 83% من المستشفيات البالغ عددها 36 مستشفى في القطاع، وكانت تسعة من هذه المستشفيات فيها حفر قنابل M-84 ضمن نطاقات قرب خطيرة.

 أحد القائمين على الدراسة، والأستاذة في جامعة سنترال فلوريدا في الولايات المتحدة ، يارا عاصي، قالت لـ"العربي الجديد": "تدعم هذه الدراسة الأدلة التي تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي تجاهل حماية المستشفيات، التي يفرضها القانون الإنساني الدولي، من خلال النمط المنهجي لإسقاط قنابل M-84 الضخمة بالقرب من المستشفيات، لإحداث أضرار جسيمة وإصابات ووفيات عن عمد".

وأضافت عاصي: "ركّز الفريق البحثي على القنابل التي تزن 2000 رطل، بسبب الحفر التي تتركها، فضلًا عن حجم الضرر الذي تلحقه بالمباني في البيئات البشرية المكتظة بالسكان، وبالتالي فإن الضرر الذي يلحق بالمباني وإصابة أو قتل البشر ضمن النطاق المميت للقنبلة ليس جانبيًا (كما يدعي الاحتلال)، بل هو في الواقع تأثير متوقع لهذه القنابل عندما يتم اختيارها بدلًا من الذخائر الأصغر".

غزة
مدى قرب الأثر التدميري للقنابل من المشتشفيات في الأسابيع الأولى من العدوان على غزة

وتشير الباحثة إلى أن الأضرار التي لحقت بالمستشفيات بسبب هذه الذخائر وغيرها، سيكون لها آثار فورية وطويلة الأمد على صحة الفلسطينيين في قطاع غزة، إذ أدت هذه الهجمات إلى تعطيل العديد من المستشفيات في غزة، مما أدى إلى الحد كثيرًا من قدرة المرضى على الوصول إلى الرعاية الصحية، ليس فقط للاحتياجات المتعلقة بالإصابات، بل وأيضًا لأي احتياجات صحية أخرى، مثل العدوى، والأمراض المزمنة، والحمل والولادة، وما إلى ذلك.

وتوضح الباحثة لـ"العربي الجديد" أن الدراسة وبياناتها اعتمدت على فترة كانت تعمل بها المستشفيات في قطاع غزة: "استُخدم العديد من المستشفيات كملاجئ لآلاف الأشخاص، واضطر موظفو المستشفيات إلى التعامل مع المرضى باستمرار في هذه الظروف، والجمع بين خدمات المستشفيات أو الحد منها، أو في بعض الحالات، عدم القدرة على علاج بعض المرضى بالكامل. لقد فرض هذا الدمار أيضًا ضغوطًا هائلة على المرافق التي (كانت) لا تزال تعمل (وقت الانتهاء من الدراسة) خاصة في الشمال، حيث معظم المستشفيات المتخصصة، ومستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في القطاع".

ونبّهت الباحثة في حديثها إلى أنه رغم نص القانون الدولي على حماية المستشفيات والعاملين الطبيين، فإنه "ولأكثر من عام، وفي كل حرب سابقة على غزة، رأينا هذه الحماية تنتهك تمامًا بسبب الاتهامات الإسرائيلية لهذه المستشفيات بالنشاط الإرهابي، والتي لم تؤكَّد في جميع الحالات بأي دليل".

كما استنكرت عاصي في نهاية حديثها قبول "الجهات الفاعلة الخارجية" الرواية الإسرائيلية بأن هذه المستشفيات تضم "إرهابيين" من دون وجود دليل، رغم مناشدة العديد من الوكالات الإنسانية، مثل منظمة أطباء بلا حدود، ووكالات الأمم المتحدة المتعددة، باستمرار فرض هذه الحماية في غزة، من دون أي تغيير تقريبًا في سلوك إسرائيل أو في سلوك حلفائها العالميين، وفي المقام الأول الولايات المتحدة".