في الثاني من شباط/فبراير الجاري، حلّت الذكرى الـ47 لوفاة الشاعر الفلسطيني راشد حسين إثر حريق في شقته بمدينة نيويورك عام 1977. يُعد حسين، وهو من مواليد قرية مُصْمُصْ في منطقة المُثلّث في الأراضي المحتلة عام 1936، من أبرز شعراء المقاومة الفلسطينية، ويرى كثيرون أنه شاعرها الأول، وأن شعره كان بمثابة مدرسة تعلّم منها شعراء كُثر جاؤوا بعده.
يقول الكاتب والروائي اللبناني إلياس خوري إن حسين: "ابن زمن بدايات الشعر الفلسطيني الحديث، وأول من طرح إشكالية العلاقة بالأرض التي ستصبح الإشكالية الأساسية في مسار هذا الشعر. لكن راشد حسين، ككثير من الشعراء، لم يترك خلفه شعرًا فقط، بل صار شعره إطار حكاية يمكن أن تكون أكثر بلاغة وتراجيدية من الشعر نفسه، وتشكل مرآة للزمن الذي عاش فيه الشاعر".
لا تنطبق مواصفات هذه الزاوية على القصيدة التي اخترنا نشرها للشاعر الفلسطيني الراحل "حبيبتي غزة"، ذلك أنها ليست قصيدة من ديوان، وإنما مسودة قصيدة لم تكتمل عُثر عليها بعد وفاته بين أوراقه مكتوبة بخط يده، ونُشرت لأول مرة في عام 2013، في الذكرى الـ36 لرحيله.
حبيبتي غزة
متعبٌ من خُطَبِ الأقزامِ
يا غزّة
متعبْ..
وورائي البحرُ
والنّارُ أمامي
ولذا.. أمشي على قلبي
إلى النّارِ
وأشربْ
*
متعبٌ..
جلدي استوى
عظمي استوى
عقلي استوى
والنّارُ من عينيَّ
تشربْ
ولهذا..
أنا لا أحملُ صلبانًا
ولكنْ..
أحرقُ الصّلبانَ
أو أصنعُ منها
سفنًا تحملُ أطفالي
إلى أجملِ ثورة
أو لصبحٍ...
يتدرَبْ
*
متعبٌ...
حتّى صلاحَ الدّين
يا حطّين
أمسِ ناداني إلى حلمٍ وقال:
بالأغاني حرَّروني
بالأغاني
حوَّلوا حتّى خيام الموتِ
في أرضي.. أغاني
رسموني بدمي الباكي
على أعلى المباني
كتبوني..
لخَّصوني..
وأذاعوا كلَّ عمري.. وبلادي
في ثواني..
ثمّ لمّا اعتقلوني..
بالأغاني اعتقَلوني
بالأغاني.