22-يونيو-2024
تغيرت مواقف بومان بعد زياراته للأراضي الفلسطينية المحتلة (بوليتيكو)

تغيرت مواقف بومان بعد زياراته للأراضي الفلسطينية المحتلة (بوليتيكو)

يسعى اللوبي الصهيوني الداعم لإسرائيل في الولايات المتحدة لقطع الطريق على النائب الديمقراطي، جمال بومان، بسبب مواقفه الداعمة للفلسطينيين.

وبحسب تقرير لمجلة "بوليتيكو"، فإن مواقف النائب بومان التي تغيرت بعد زيارته للأراضي المحتلة، ربما قد تكلفه إعادة انتخابه.

وكانت الزيارة في نهاية عام 2021، عندما نزل النائب الديمقراطي من حافلة سياحية في مدينة الخليل، التي تخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية وتحيط بها الأسلاك الشائكة وتنتشر فيها نقاط التفتيش.

وفي نفس اليوم، زار مدرسة تديرها الأمم المتحدة، حيث كان يسمع صوت الرصاص الحي واستنشق رائحة العجلات المحترقة التي تسربت من نوافذ المدرسة.

وبحسب تقرير لمجلة "بوليتيكو"، فإن مواقف النائب بومان التي تغيرت بعد زيارته للأراضي المحتلة، ربما قد تكلفه إعادة انتخابه

قضاء بومان ثلاثة أيام في الشرق الأوسط كان كافيًا  لتغير موقفه من القضية الفلسطينية وإسرائيل. وحين عاد، بمعنويات متدنية، قال "هناك شوارع لا يمكنك المشي فيها وأماكن لا يمكن الذهاب إليها، فقط لأنك فلسطيني"، ونشر تغريدة أرفقها بصورة له مع التلاميذ، وكتب: "عندما سألت عن أحلامهم، كانت إجابتهم بسيطة: الحرية ويجب أن ينتهي الاحتلال". ولاحقًا، كتب كذلك: "تستطيع أن تشعر بمدى الاختناق الذي تعيشه الضفة بسبب المستوطنات".

تشير الصحيفة الأميركية إلى أن هذه الرحلة كانت لحظة تغير بالنسبة له، وتركت ظلالًا من الشك حول منظور حل الدولتين، وهي السياسة التي تتبناها الإدارة الأميركية.
وقال بومان: "كان حل الدولتين هو ما تقوله للجميع حتى لا يزعجوك، وتستطيع من خلاله إرضاء الجميع، حرية للفلسطينيين ودولة يهودية".

 لكن الاستنتاجات التي توصل إليها بومان بعد رحلة استمرت خمسة أيام، هو أن الحكومة الإسرائيلية ليس لديها رغبة بدعم عملية سلمية مستدامة، وأن استمرار الولايات المتحدة تقديم الدعم لإسرائيل دون شروط أمر غير حكيم.

ألقت الرحلة بضلالها على مواقف بومان، ليصبح واحدًا من أشد النقاد لإسرائيل في الكونغرس، وتخلى عن دعمه لموقف الحزب الرسمي، وانتقل من التصويت لدعم المساعدات لإسرائيل وجهود التطبيع، إلى المطالبة بسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ودعم حركة المقاطعة لإسرائيل.

وهذه المواقف الجديدة للنائب الديمقراطي لاحظها الناخبون في دائرته الانتخابية في ضواحي نيويورك أين يعيش أكبر تجمع لليهود الأميركيين.

 تلفت "بوليتيكو" إلى أنّ بومان يواجه الآن تحديًا في الانتخابات التمهيدية المقبلة بسبب تغير مواقفه. إذ سيواجه مدير شركة "ويستشتر كاونتي"، جورج لاتيمر، الذي جعل من دعم إسرائيل جزءًا من حملته الانتخابية.
وقبل أسبوع من الانتخابات، تبدو استراتيجية لاتيمر قد أثمرت جهودها، بحسب ما تقول الصحيفة الأميركية.

ففي واحد من استطلاعات الرأي التي أجراها مركز "بيكس-11" بداية الشهر الجاري، أظهرت تقدم لاتيمر على بومان بـ 17 نقطة.

بومان مع أطفال فلسطينيين

فقد تصبح رحلة بومان إلى الضفة الغربية عام 2021 علامة مهمة قد تنهي مسيرته السياسية، وفق تعبير "بوليتيكو". وكان بومان مديرًا مدرسة، ودخل حلبة الصراع السياسي. ففي عام 2020 دخل السباق الانتخابي في مواجهة النائب الديمقراطي المفضل لـ"إيباك"، إليوت إنجل الذي مثل الدائرة لفترة طويلة.

أنفقت المنظمات المؤيدة لإسرائيل مليوني دولار على الحملة، لكن بومان فاز بدعم من منظمة العدالة الديمقراطية، وفي ذروة نشاط حركة "حياة السود مهمة" (Black Lives).  

ومع ذلك سعى بومان إلى التقليل من خسارة اللوبي المؤيد لإسرائيل، مشيرا إلى تأييده حل الدولتين وأعرب عن رفضه لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات التي يتبناها التيار اليساري في الحزب الديمقراطي. كانت هناك مساحة رمادية كافية في وجه نظره. 
وعندما دخل الكونغرس، كان مواقفه تعبيرًا عن خياراته، حيث صوت خلال 10 أشهر من انتخابه على رزمة مساعدات بقيمة 3.3 مليار دولار دعمًا لإسرائيل ولتمويل القبة الحديدية. ودعم مشروع قرار لتعزيز اتفاقيات "إبراهام" بين إسرائيل ودول عربية منها الإمارات والبحرين والمغرب.
ورغم كونه جزءًا من المجموعة في الكونغرس المعروفة بـ "الفرقة"، إلا أنه انفصل عنها واختار الانحياز لمواقف الحزب الديمقراطي الرسمية فيما يتعلق بإسرائيل، مع أنه دعم مشروع قرار لتحديد الدعم لها. وأغضب اليسار عندما زار إسرائيل، فيما نظر إليها على أنها دعم تكتيكي للحكومة الإسرائيلية، وبخاصة بعد ظهوره في صورة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، إلا أن الرحلة غيرت نظرته وجعلته قريبًا من تيار اليسار في الحزب.

وفي شباط/فبراير 2022 سحب دعمه لمشروع يقوي اتفاقات "أبراهام" للتطبيع، ودعم مشروع قرار للاعتراف بيوم النكبة. وبعد نجاته من تحديات عدة دعمتها الجماعات المؤيدة لإسرائيل، صوت ضد قرار في مجلس النواب يؤكد أن إسرائيل ليست "دولة عنصرية"، وشجب معاداة السامية، وقاطع خطاب الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ في الكونغرس، مع أنه التقى به في خلال زيارته لإسرائيل.

وفي بداية عام 2023 كتب عدد من الحاخامات رسالة مفتوحة بعنوان "13 حاخامًا من نيويورك" إلى بومان، جاء فيها: "توقف عن مهزلة معاداة إسرائيل".

ودعم نفس الحاخامات لاتيمر وساعدوا بجمع الأصوات لهزيمة بومان. ورغم شجبه لهجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، إلا أن النائب الديمقراطي كان أول من دعا لوقف إطلاق النار في الكونغرس، وصوّت لصالح تحديد الدعم لإسرائيل، مما دفع مجموعة "جي ستريت" للتوقف عن دعمه، مشيرة لخلافات في النهج.

الاستنتاجات التي توصل إليها بومان بعد رحلة استمرت خمسة أيام، هو أن الحكومة الإسرائيلية ليس لديها رغبة بدعم عملية سلمية مستدامة، وأن استمرار الولايات المتحدة تقديم الدعم لإسرائيل دون شروط أمر غير حكيم

تقول "بوليتيكو": إنّ "إيباك والجماعات المرتبطة بها ضخت ملايين الدولارات لهزيمة بومان ودعم لاتيمر، الذي يتهم النائب الحالي بأنه لم يفعل الكثير لمساعدة دائرته".

وفي أخر مقابلة أجراها بومان مع الصحيفة الأميركية، قال: "دعمت إيباك ماغا (حركة ترامب واليمين المتطرف الجمهوري، وهم نفس الجمهوريين الذين حاولوا تغيير نتائج عام 2020)، ويقوم المعارضون الأشداء لي في الحزب الديمقراطي بالتعاون مع هؤلاء الناس للتخلص مني"، وأضاف: "كان لدى إيباك قبلي إليوت إنجيل، ولهذا كان لديهم السيطرة الكاملة على المنطقة، كما لديهم السيطرة الكاملة على الكونغرس".