09-يونيو-2023
رينيه شار

الشاعر رينيه شار

ولد الشاعر رينيه شار في منطقة الفانكلوز، في 14 يوليو/تموز 1907. كان لموت والده في سنّ مبكّرة تأثيرًا كبيرًا على حياته. دخل إلى المدرسة الداخلية في الليسيه دافينيون، ثم التحق في كلية التجارة لمدينة مارسييه في العام 1925.

عام 1925 نشر رينيه شار باكورة أعماله وهي مجموعة قصصيّة. جاء بعده مجموعة شعريّة بعنوان "أرسونال"، قام شار بإرسالها إلى الشاعر بول إيلوار. هذه الخطوة، مهّدت لبداية علاقة صداقة وطيدة  بين الشاعرين. بعد ذلك، انتقل شار عام 1930 إلى باريس ليبدأ رحلته مع السورياليين، أندريه بريتون ولويس أراغون.

حين بدأت الحرب العالميّة الثانيّة التحق رينيه شار بالمقاومة الفرنسيّة. شعره القريب من الصّمت يدعو إلى المقاومة ويظهر انتفاضة الشّاعر.


الشّموسُ تغنّي

 

حتّى لو لم نكُن قادرينَ على محبّة هذا الكاتب

أو على فهمِ الاختفاءاتِ الغامضة

الحوادثِ غير المتوقّعة

الإخفاقات الكبيرة نوعًا ما

الكوارث من كلِّ نوع

البراكين والزّلازل الّتي تُغرِقُ والّتي تُحرِق.

...

حتّى لو لم نكُن قادرينَ على تفهُّم الانتحار الّذي يعتبرهُ البعضُ جريمة

تفهُّمِ الانحرافاتِ المستعصية

كما الّذين يعتبرونَ أنفسَهم نظيفي الكفّ

حتّى لو لم نتفهَّم الأغبياء من الطّراز الرّفيع

الّذين يتخلّصون من كفن أمّهاتهم ويرمونَهُ في البئر

حتّى لو لم نكُن قادرين على استيعابِ الأدمغة الجاهلة

الأدمغة الجلديّة الّتي تتقوقعُ ولا تسمحُ بتسرُّب المعلومات

الّذين يقبعونَ في المستشفى

الّذينَ تعفُّ رائحةُ ملابسهم الدّاخليّة

حتّى لو لم نكُن قادرين على فهمِ

رائحةِ السّجون البنفسجيّة

نباتِ القرّاص الّذي يلفُّ السُّجون

المساواة في السّجون

شجرةُ التّين الّتي تلِدُ الدّمار

كما الصّمتُ الّذي ليس لهُ دواء.

 

إلى عذراء

 

كلمسةِ الإسفنجِ والعسلِ النّاعمة

على قلبٍ من شجرِ قصبِ السّكر

لملاكٍ حديثِ الولادة

تلمعُ في اللّيل رذاذاتُ المياه كالمفاتيحِ الرنّانة

ويموتُ الملاكُ تحتَ تأثير النّجمة الخالية

ترهِقُ جفونُها الذّكريات

عندما يهربُ القمرُ تحتَ الحجر

وتفتحُ السّماء ذراعيها عندما تلتقي فيما بينها

عندما تسطعُ في السّماء مجموعةٌ من الحشائش الخضراء

تشبهُ شراعًا أبيضَ يقوم بربطِ أوزاره

حينها يسيلُ قلبٌ مطعونٌ بأسهمٍ حادّة

يلدُ العذراء الملفوفة في المغارة.

 

جبال البيرينيه

 

يا جبلَ الأناسِ المظلومين بشدّة

على قممكَ الدّافئة يخفتُ الضّوء الأخير

لا شيء سوى الفراغِ والانهيارات

الحزن والندم!

كلُّ الشّعراء الجوّالين المضطهدين

قد رأوا أحلامهم المتشائمة تنهار في صيف ما.

...

آه!

إنّ الثلجَ لا يرحم

إنّه يُحبُّ أن نتألّمَ تحت أقدامه،

إنّه يُحبُّ أن نموتَ صقيعًا

مثلما كنّا نحيا في التّراب.

 

لا أحد في الموت

 

أنتَ تريدُ الكتابة بسرعة

كما لو كنتَ قد تأخّرت على الحياة

إذا كان ذلكَ حالكَ فقُم بوداعِ جذورك.

هَلُمّ

هَلُمّ بإرسالِ حصّتك من الخيال

من الثّورة

من العملِ الصّالح.

...

في واقع الحال أنتَ متأخّرٌ على الحياة

الحياة الّتي لا يوجد كلماتٌ لوصفها،

الحياةُ الوحيدةُ الّتي في النّهاية أنتَ تقبلُ بالتوحّد معها

الّتي تحصُل منها على أجزاء صغيرة وهزيلة

من هنا ومن هناك

في نهاية صراعات وحشيّة.

...

خارج هذه الحياة لا يوجدُ سوى موتٍ محتّم

نهايةٌ غيرُ سعيدة

اذا التقيتَ بالموتِ خلال عملكَ

استقبلهُ كما تفعلُ الرّقبة الغارقةُ بالعرقِ عندما ترى المحرمةَ النّاشفة

تنحني.

...

إذا كنتَ تريدُ أن تضحك

قُم بالاستسلام

لا تُشهر أبدًا سلاحك

لقد جئتَ إلى الحياة لكي تحيا أوقاتًا غير مسبوقة

قُم بالتحوّل

اختفِ دونَ ندم

دون ضجة كالقوّة النّاعمة

دون توقف

دون ضياع.

...

الوجهةُ القادمةُ

يا أسرابَ الغبارِ

لا أحدَ يعي توحُّدَكُم.