ألترا صوت – فريق التحرير
نشرت هذه القصيدة في الديوان الأخير للشاعر الراحل سركون بولص (1944 - 2007) "عظمة أخرى لكلب القبيلة"، الذي صدر بعد وفاته بسنة.
وعن هذا الديوان كتبت الناقدة العراقية فاطمة المحسن تقول: "تلك المكابدة، التي تتوضح على امتداد أعمال سركون بولص، هي في الأصل موقف جديد من الشعر، موقف فلسفي وفكري، فالشاعر كما اعتدنا، لا يسأل القصيدة عن سرها، بل يسأل عبر بداهة الوجود المتحقق للشعر، عن أسرار الكون وطبيعة الاجتماع والسياسة والحب وغيرها من المشاغل، ولكن سركون يلوب حائرًا قلقًا يبحث عن سر الكلمات، كما هو عنوان واحدة من قصائد هذا الديوان. (...) إنه يدرك أن ليس بمقدوره ان يضاهي هذا العالم (عالم لا يُضاهى) عنوان أحد قصائده، فالشعر يقف في منعطف يبتعد عن هذا العالم كي يراه، لا كما يرى العالم نفسه، بل من داخل المرايا التي تملكها مجرة الشعر وهو تدور وتدور في كل الاتجاهات. وهو لا يدرك تفصيل الشعر في القصيدة التي يكتبها، بل في نص غيره أيضًا، حين يدخل عالمه مشاركًا لا ضيفًا طارئًا".
يُحتمَلُ أن أكون أنا من يمشي طائعًا أمرًا، من فوق أو تحت، جاءني
لا أدري متى.
مَن جاءني، من يأمرُ: هذا ما لا أدريه. ولا أُعنَى بأن أدري. ماشٍ، في الريح
الشائكة، يُخدّشُ الهواءُ جلدي.
هذا العالمُ حديقةُ أشواك.
يُحتملُ أن أكون أنا السائر، وذكرياتي على ظهري مثلَ خِرج أو بُردُعَة
ومن حولي تاريخُ أهلي يُلَملَمُ، تحتَ جنح الظلام، على
عجَلٍ، كرايةٍ مهزومة.
تَحَفُّزي، الذي انفقأ مثل فَقّاعة في غدير آسن، يستحثّ الضفادع، قبلَ صلاة المغرب
على النقيق.
شَللُ أطرافي إشاعة صحيحة.
يُحتمل أن أطيلَ شَعري حتّى تضربَ لحيتي ركبتيّ. وأن أقَنّعَ وجهي بلحية نبيّ.
أو ربّما أكتفي بسرّ عاديّ، لا يُثيرُ حفيظةَ السَّحَرة
ورجال الدين المتربّصين بأتفَهِ شارة تصدرُ عنّي، ولا يدفَعُ درويشَ المحلّة
إلى حافّة الهوّة حيثُ يحلمُ، كعبّاس بن فرناس، بالتحليق.
يُحتملُ أنني، رغم كلّ الظواهر، مجرّد رُقعة بشريّة تتنقّلُ في جُغرافيّة الألوهة
العاقر. أو بيدقٌ ربّانيّ تحرّكهُ يدٌ مجهولة
على رقعة شطرنج.
يُحتملُ... يُحتملُ أنّ آدم لم يُطرَد من الجنّة، وحوّاء داست بقبقابها على
رأس الثعبان.
هذا، عادةً، ما يحدثُ في الليل، عندما تحلمُ بما يكون
أو يُحتَملُ أن يكون.
اقرأ/ي أيضًا: