الترا صوت – فريق التحرير
أقدم الرئيس التونسي قيس سعيّد على اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتعيينات عززت المخاوف من سعيه للانقلاب على مؤسسات الدولة، مستغلّا اصطفاف بعض الأطراف السياسية مع قراراته وصمت النظام الدولي إزاءها. حيث نشرت الجريدة الرسمية الأمر الرئاسي بتعليق اختصاصات مجلس النواب ورفع الحصانة عن الأعضاء لمدة شهر قابلة للتمديد، وذلك بعدما تحدثت مصادر عن إمكانية تراجعه عن تلك الإجراءات نتيجة للضغوض الداخلية والخارجية بسبب عدم نشرها في الجريدة الرسمية مع بقية القرارات المتخذة.
أقدم الرئيس التونسي قيس سعيّد على اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتعيينات عززت المخاوف من سعيه للانقلاب على مؤسسات الدولة
إضافة إلى ذلك عيّن الرئيس التونسي قيس سعيّد مستشاره للشؤون الأمنية رضا غرسلاوي، وزيرًا للداخلية، وفي ذات المؤسسة أقال المدير العام للمصالح المختصة "المخابرات" لزهر لونغو، وفي وزارة الدفاع عيّن كذلك كاتب عام الوزارة وزيرًا للدفاع بعد إقالته للوزير السابق إبراهيم البرتاجي، وجاءت هذه التعيينات قبل تعيين رئيس الحكومة الذي من المفترض أن يعين باقي الفريق الحكومي، وهو ما رأى فيه مراقبون محاولة من قيس سعيّد لتسيسس المؤسستين العسكرية والأمنية بتعيين مقربين منه.
اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة: لا يزال هناك أمل بإنقاذ الديمقراطية التونسية
على صعيد تحريك الملفات القضائية أفاد المتحدث باسم محكمة الاستئناف بتونس الحبيب الطرخاني بأن النائب العام التونسي أمر بفتح تحقيق ضد الرئيس الأسبق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب، على خلفية اتهامات بالتدليس. كما أمر بفتح تحقيق ضد رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، وضد كل من رئيس لجنة التحكيم والمصالحة بهيئة الحقيقة والكرامة خالد الكريشي، والنائب عن الكتلة الوطنية والوزير السابق في دائرة الأمن القومي لدى رئاسة الجمهورية مبروك كورشيد.
وما يزال الرئيس التونسي إلى الآن يتحدث عن جهة ولوبيات خفية تسيطر على الدولة وتعمل ضد مصالح الشعب، ففي آخر تصريح له، قال الرئيس إن "الدولة ليست دمية تحركها الخيوط، وإن هناك لوبيات وفاسدين يحركون الخيوط من خلف الستار"، معتبرًا أنه لا مجال للتلاعب بالدولة أو تقسيمها أو تفجيرها من الداخل.
الفاعلون السياسيون والمجتمع المدني يستعدون لطرح خارطة طريق
في الأثناء يسعى الفاعلون السياسيون والمجتمع المدني إلى تقديم خارطة طريق للخروج من الحالة الاستثنائية وإنقاذ المسار الديمقراطي في تونس، خاصة وأن سعيّد لم يعلن حتى الآن عن خريطة متكاملة لمستقبل توتس، وفي هذا الصدد يستعد الاتحاد التونسي للشغل لتقديم خريطة طريق لرئيس الجمهورية في الأيام القليلة المقبلة تتضمن تصورات للمرحلة المقبلة.
ونقلت صحيفة العربي الجديد عن سامي الطاهري الأمين العام المساعد للاتحاد والمتحدث باسمه، أن "مبادرة الاتحاد ستركز على المسائل العاجلة والمتعلقة بسد الفراغ الحكومي، واتخاذ إجراءات اجتماعية واقتصادية وصحية، موضحًا أنه سيتم التحضير لما بعد الوضع الاستثنائي، أي كيف سيُحسم وضع البرلمان والدستور والقانون الانتخابي، مشيرًا إلى أنه سيتم النظر في تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة أم لا".
كما وضح الطاهري أن خريطة الطريق التي يعدها الاتحاد ستقدّم سريعًا إلى رئيس الجمهورية لأن المسألة عاجلة وستشمل توصيفًا للوضع والأسباب التي قادت إلى هذه الإجراءات والتي كانت في مجملها في إطار الدستور، مضيفًا أن البرلمان مجمّد طيلة 30 يومًا والاتحاد سيقدّم تصورًا لما بعد هذه الفترة وكيف سيكون العمل لاحقًا لأنه لا يمكن عودة البرلمان بصيغته الحالية. وحول الانتخابات التشريعية المبكرة، أوضح المتحدث باسم الاتحاد أن المناخ الحالي لن يسمح بانتخابات عادية وسليمة، ويجب توفر عامل الاستقرار ووضع آليات جديدة بخصوص القانون الانتخابي والأحزاب وتمويلها، والتي لا تخلو من إشكاليات، ولكن هذا الأمر قد يتطلب بعض الوقت، ولذلك لا يمكن الحديث عن انتخابات مبكرة حاليًا، ولكنها من الآفاق المستقبلية وستكون أولوية ولكنها ليست آنية.
في سياق متصل عبّر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية عن استعداد حزبه لأي تنازلات من أجل إعادة الديمقراطية، مشيرًا إلى أن الدستور أهم من تمسك حزبه بالسلطة. لكن الغنوشي نبّه في الوقت ذاته إلى أنه إن لم يكن هناك اتفاق بشأن الحكومة المقبلة، فإنه سيدعو الشارع للدفاع عن ديمقراطيته، وفرض رفع الأقفال عن البرلمان، حسب تعبيره.