21-يونيو-2024
يدفع الفلسطينيون مبالغ كبيرة للخروج من قطاع غزة (GETTY)

(Getty) يدفع الفلسطينيون مبالغ كبيرة للخروج من قطاع غزة

لا تقتصر معاناة سكان قطاع غزة على القتل والتدمير والتهجير والمجاعة والعيش في ظروف تهين الكرامة الإنسانية، بل امتدت لتشمل حتى الخروج من القطاع الذي يتطلب وسطاء ودفع مبالغ كبيرة.

الطريقة الوحيدة للهروب من أهوال الحرب الإسرائيلية هو الخروج إلى مصر، لكن الأمر يبدوا معقدًا ومكلفًا، إذ يتطلب تنسيقًا مع شركة مصرية عبر وسطاء لتُدرج أسماء الراغبين في المغادرة بقوائم السفر المعتمدة لدى الجانب المصري من معبر رفح، مقابل دفع آلاف الدولارات.

تشير صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنّ العديد من الفلسطينيين الراغبين في الخروج من القطاع يلجؤون إلى منصات التبرع الرقمية كموقع "GoFundMe"، لتوجيه نداءات لجمع أموال لتغطية التكاليف الباهظة التي تفرضها شركة "هلا" للسياحة لصاحبها رجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني، الذي تربطه علاقات وثيقة مع كبار المسؤولين المصريين.

وعلى مدى الأشهر الثمانية الماضية، غادر نحو 100 ألف شخص قطاع غزة وفق تصريحات السفير الفلسطيني بالقاهرة دياب اللوح.

وعلى الرغم من أن البعض تمكن من الخروج من خلال الاتصالات بالمنظمات أو الحكومات الأجنبية، إلا أنه بالنسبة للآخرين من سكان غزة، فإن الخروج لا يمكن يتحقق إلا عن طريق شركة "هلا".

يطلب سماسرة الحرب أموالًا باهظة من سكان قطاع غزة لتنسيق مغادرتهم إلى مصر في غضون أيام قليلة

تحدثت الصحيفة الأميركية إلى عشرات الأشخاص داخل غزة وخارجها، ممن كانوا يحاولون مغادرة القطاع، أو مساعدة أفراد أسرهم أو أصدقائهم على الخروج. المشترك بين الجميع باستثناء واحد فقط، هو اشتراطهم عدم الكشف عن هويتهم بسبب مخاوف من قيام السلطات المصرية بالانتقام منهم أو من أقاربهم أو أصدقائهم.

توجد طرق عدة للخروج من غزة، لكن العديد منها يتطلب دفع أموال ضخمة، وإحدى هذه الطرق الدفع لوسطاء غير رسميين إما في القطاع أو في مصر، وعادة ما يطلب الوسطاء مبلغ يتراوح ما بين 8 آلاف إلى 15 آلف دولار للشخص الواحد، مقابل ترتيب عملية المغادرة في غضون أيام، بحسب أربعة أشخاص قابلتهم الصحيفة قاموا بدفع المبالغ، أو حاولوا القيام بذلك.

تمكن بعض الفلسطينيين الذين لهم علاقات مع منظمات دولية وحكومات، وحاملو جوازات السفر أو التأشيرات الأجنبية، والجرحى، وبعض الطلاب المسجلين في جامعات خارج القطاع من المغادرة دون دفع رسوم كبيرة، لكن الغالبية العظمى من سكان القطاع لا تنطبق عليهم هذه الصفات.

ووفقًا لسبعة أشخاص التقتهم الصحيفة، تقوم شركة "هلا" بتحصيل 5000 دولار لتنسيق خروج الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم الـ16 عامًا أو أكثر، بينما تطلب 2500 دولار للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن الـ16 عامًا.

ولم يرد المسؤولون في "هلا" على الأسئلة التي أرسلتها "نيويورك تايمز" عبر البريد الإلكتروني، بخصوص الموضوع.

في حين أن إبراهيم العرجاني، الذي أُدرجت مجموعته العرجاني "هلا" كواحدة من شركاتها، يصف نفسه بأنه مساهم، وينفي للصحيفة أن تكون شركته فرضت هذه المبالغ، وأصر على أن الأطفال يسافرون مجانًا، وأن البالغين دفعوا 2500 دولار. قائلًا: إنّ هذا المبلغ ضروري لأن الخدمة التي تقدمها هلا هي خدمة VIP"، وجادل العرجاني بأن تكاليف التشغيل قد ارتفعت بشكل كبير خلال الحرب.

ووصف العرجاني شركته بأنها شركة سياحة: "مثلها مثل أي شركة موجودة في المطار".

وأشار رجل الأعمال المصري إلى أن شركة "هلا" تأسست عام 2017، لتوفير خدمات للمسافرين الفلسطينيين الذين يريدون العبور من معبر رفح البري نحو مصر. 

وقال العرجاني: "أنا أساعدهم فقط عندما يريدون الدخول عبر خدمة VIP، إنهم يتناولون وجبة طعام، ثم يتوجهون إلى القاهرة بسيارة BMW جميلة"، وأضاف: "دورنا هو تقديم أفضل خدمة ممكنة، هذا كل شيء".

لكن العديد من الفلسطينيين الذين تعاملوا مع شركة "هلا" خلال الحرب أكدوا أنهم لم يحصلوا على خدمة "VIP"، وأنه تم نقلهم إلى القاهرة في حافلة صغيرة، وتم إعطاؤهم الطعام الأساسي فقط. 

وبرّر العرجاني الرسوم المفروضة على الفلسطينيين بأن الطلب المتزايد أجبر الشركة على رفع أسعارها.

ووفقًا لعدد من الأشخاص الذين قابلتهم "نيويورك تايمز"، فإن شركة "هلا" تفرض على الراغبين بالحصول على خدماتها المرور بعملية بيروقراطية معقدة، فتطلب الشركة من أحد أفراد الأسرة زيارة مكاتبها بالقاهرة ودفع تكاليف الخدمة في فواتير بقيمة 100 دولار صادرة في عام 2013 أو بعده، لكن العرجاني نفى معرفته بهذه الممارسة قائلًا إنّ: "أولئك الذين دفعوا فواتير بقيمة 100 دولار قد خدعوا من قبل سماسرة غير قانونيين".

وتحدث العرجاني، وهو رجل له تاريخ في محاربة الجماعات المتطرفة في شبه جزيرة سيناء إلى جانب الحكومة المصرية، من داخل مكتب عُرضت على أحد جدرانه صورة كبيرة له مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وعندما سُئل عن علاقات شركته بالمسؤولين المصريين والاتهامات بأن "هلا" تستفيد من العقود المربحة، أصر على أنه يتعرض للتشهير من قبل وسائل الإعلام المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين. 

تقول "نيويورك تايمز" إنه في زيارة إلى المبنى الزجاجي الشاهق بوسط القاهرة، الذي يضم مكاتب شركة "هلا"، اصطف حوالي 40 شخصًا في الخارج حاملين أكوامًا من الوثائق المنسوخة وحزم من النقود.

كان هؤلاء المجتمعون يتحدثون بصوت عال حول أسعار الصرف باللهجة الفلسطينية أثناء انتظار اثنين من موظفي "هلا" المصريين للسماح لهم بدخول المبنى. وفي مكان قريب، أنزلت سيارات وسيارات أجرة المزيد من الأشخاص المتوجهين إلى المبنى.