رفض رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المقترح الذي قدمه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإقامة مناطق آمنة على الحدود السورية، فيما شهد معبر "نصيب" الحدودي مع الأردن جنوب البلاد قصفًا من قبل المروحيات بالبراميل المتفجرة، وذلك بعد أسبوع على الأقل من تنفيذ مقاتلات أردنية لضربات جوية استهدفت مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" في منطقة "حوض اليرموك" أقصى الريف الغربي لمدينة "درعا".
رفض بشار الأسد، المقترح الذي قدمه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإقامة مناطق آمنة على الحدود السورية
الأسد في مقابلة هي الأولى مع موقع أمريكي منذ تسلم الرئيس الأمريكي ترامب لمهامه في "البيت الأبيض"، اعتبر في معرض رده على سؤال موقع "ياهو نيوز" المرتبط بإنشاء مناطق آمنة في سوريا أنها "ليست فكرة واقعية على الإطلاق"، وهو الأمر ذاته التي رفضته روسيا، مشددًة على أنه في حال أقر تنفيذ المقترح يجب أن يكون بالتنسيق مع النظام السوري.
اقرأ/ي أيضًا: هل يقود الأردن تنسيق الاتصالات الأمريكية - السورية؟
وبعد أكثر من شهرين على عدم استهداف مقاتلات النظام للمناطق الواقعة قرب الحدود الأردنية، وتسيطر عليها قوات المعارضة، أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن الطيران المروحي التابع لسلاح جو النظام قصف أمس الخميس بالبراميل المتفجرة منطقة معبر "نصيب" الحدودي مخلفًا جرحى.
وبموازاة ذلك شهدت عدد من الجبهات الموزعة على الخارطة السورية اشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية، كان أبرزها التي حصلت أمس الخميس بين فصائل المعارضة المشاركة في عملية "درع الفرات" المدعومة من تركيا شمال سوريا من طرف، وقوات النظام والميليشيات الأجنبية المرافقة لها من طرف آخر، في قرية "الزندين" قرب مدينة "الباب" أخر معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" في ريف حلب.
وفي تطور آخر يرتبط بجبهة الساحل السوري، نقلت مصادر إعلامية متطابقة أن "الفرقة الساحلية الأولى" نفذت عملية عسكرية، أمس الخميس أيضًا، استهدفت مواقع قوات النظام في مناطق "تبة القلعة، تلة المختار، كنسبا، قلعة شلف، وتلة البيضا" في ريف اللاذقية الشمالي، ما أسفر عن مقتل 30 عنصرًا للأخير، إضافة لإعلان حركة "أحرار الشام الإسلامية" أن مجموعة "انغماسية" تابعة لها نفذت ليل الجمعة عملية ضد مواقع للنظام السوري في "ضهرة الأسود" بريف حماة، أسفرت عن مقتل 11 عنصرًا.
وتأتي التطورات العسكرية الأخيرة في الوقت الذي تشهد منطقة "الغوطة الشرقية" عمليات سيطرة متبادلة بين قوات النظام وفصائل المعارضة، إذ منذ إعلان وقف إطلاق النار نهاية العام الفائت برعاية روسية – تركية، تسعى قوات النظام جاهدة للسيطرة على نقاط لفصائل المعارضة في المنطقة ذاتها ما أدى لتبادل السيطرة على عدد من المناطق خلال الشهر الفائت.
وقال "جيش الإسلام" أكبر فصائل المعارضة في منطقة "الغوطة الشرقية" عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر" أنهم أعطبوا خلال الأسبوع الفائت 18 آلية عسكرية لقوات النظام، في حين تدور اشتباكات عنيفة منذ فجر اليوم الجمعة على جبهة "حوش نصري" في ريف دمشق.
الجولة الثانية من "أستانا" لتحديد "المعارضة المعتدلة
وتظهر الأحداث الأخيرة على الصعيد الميداني، أن التنسيق العسكري بين الدول الفاعلة في الشأن السوري سيكون على جدول مباحثات الجولة الثانية من اجتماع "أستانا" المزمع عقدها منتصف الشهر الجاري، خصيصًا بعد إعلان الحكومة التركية، أمس الخميس، مقتل 3 من جنودها، وإصابة 11 آخرين بقصف لمقاتلات روسية استهدف أماكن تمركزهم في قرب مدينة "الباب" شمال سوريا، وهو ما عزاه الجانب الروسي لـ"سوء التنسيق في تقديم الإحداثيات" من الجانب التركي، وفق ما أعلن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف.
وكشفت صحيفة "إيزفيستيا" الروسية في مقال لها، وفق ما نقل موقع "روسيا اليوم" في ترجمة حرفية لنص المقال أن اجتماع "أستانا" المرتقب سيبحث "الفصل بين المجموعات التي تدخل في جبهة النصرة السابقة وفي أحرار الشام" حسبما ما أكدت على لسان مصدر عسكري روسي.
اقرأ/ي أيضًا: النظام السوري يدخل سباق السيطرة على مدينة الباب
وأشارت "إيزفيستيا" إلى أن روسيا يمكنها أن "تلين موقفها" من فصائل المعارضة التي أعلنت اندماجها مع حركة "أحرار الشام الإسلامية" خلال الشهر الفائت، فيما ستكون الفصائل المندمجة مع جبهة "فتح الشام" هدفًا "دائمًا للغارات الجوية حتى تدميرها بالكامل"، حيثُ أوضحت مستشارة مدير المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، يلينا سوبونينا، في تصريح نقل على لسانها ضمن مقال الصحيفة الروسية أن "الشيء المهم يتلخص في أن المجموعات المعتدلة تستطيع الانضمام إلى المسار السلمي".
التنسيق العسكري بين الدول الفاعلة في الشأن السوري سيكون محور اجتماع "أستانا"، وهو ما سيعيد توزيع القوى العسكرية على الأرض
وعلى ضوء مجمل التطورات السابقة يظهر أن النظام السوري بدأ يوسع حجم تحالفاته العسكرية لتشمل الأردن، وكانت تقارير إخبارية أكدت سابقًا أن تنسيقًا عسكريًا بين الأردن وسوريا تم قبل استهداف المقاتلات الأردنية لمواقع تنظيم الدولة، إلا أن النظام يسعى أكثر لتأمين محيط العاصمة دمشق من جهة "الغوطة الشرقية" التي لم يتمكن حتى الآن من التقدم إليها.
وعليه فإنه من المتوقع أن يفتح النظام معركة ثانية من الناحية الجنوبية للبلاد لاستعادة السيطرة على معبر "نصيب" الحدودي، وذلك بعد تصريحات المسؤولين الأردنيين عن دعمهم لنظام الأسد في محاربة التنظيمات الإرهابية، وسيطرتها على مفاصل القرار العسكري لعدد من فصائل المعارضة الفاعلة في المنطقة، وعلى رأسها "جيش العشائر" الذي يملك نفوذًا كبيرًا في مخيم "الركبان" للنازحين.
كذلك فإن النظام السوري بقدر ما يهمه استعادة السيطرة على مناطق "الغوطة الشرقية" فإنه يبدي اهتمامًا مماثلًا لمدينة "الباب" التي يدخل في سباق مع فصائل المعارضة المشاركة في عملية "درع الفرات" للسيطرة عليها ما يجعله محاذيًا لمدينة "مبنج" المسيطر عليها من "قسد" التي تقودها القوات الكردية.
وبالتالي فإن جميع الدلائل تشيرإلى أن التنسيق العسكري بين الدول الفاعلة في الشأن السوري سيكون محور اجتماع "أستانا"، وهو ما سيعيد توزيع القوى العسكرية على الأرض، وإعلان تحالفات جديدة على صعيد خارطة الفصائل العسكرية، إلا أن المؤكد أنها لن تدخل في سياق تحديد المناطق الآمنة التي يرفضها النظام السوري وحلفائه من الدول الإقليمية.
اقرأ/ي أيضًا: