أنا لم أخبركِ عن طيفٍ مرَّ بطفولتي
لكنَّكِ ترينَ الآنَ آثارهُ
سيفٌ في عينِ البهجةِ
وجروحٌ على طولِ الطريقْ.
أزرقُ للحزنِ
أحمرُ للشرِ
أصفرُ للخوفِ
كان دخانُ القصفَ يحجبُ مرحَ السماءْ، وصوت الصواريخِ تهويدةٌ. ليس مفاجئًا أنني شهدتُ أكثر من حربٍ لكنَّ المؤلمَ إنَّ الطفلَ الذي كنتُه ضاعَ مني. جرى أن يِملأ بيتُنا عطرُ البخورِ، أبي يطيرُ بسجادة صلاته وأمي تذوبُ تحتَ الشمعدان، وكنا كأطفالٍ بررةٍ عالقين في صلاةِ الفجرِ،
دمعةٌ في الشفقِ
ارجوحة في الهواء.
نلمسُ أُلفةَ الألوانِ من خلفِ الزجاجِ ونطلقُ على النسماتِ أسماءً بريئة، لم تشغلُنا الدلالاتَ ولا معرفةِ ما يخبئه لونٌ خلفَ طولِه الموجي. نقرأ القرآن كنا، آملين بجنةِ العابٍ،
نبتهلُ لأجل غيابِ المعلمةِ ويُلهينا الضبابَ عن أوضحِ المخاوف. كانت الصباحاتُ جناحَ فراشةٍ والغيومُ ماءَ فضة.
كتبنا أحلامنا بالحناءِ وقرأناها في الحديقة، مستمعين لنموِ العشبِ تحتَ اقدامِنا وسمعنا غناءَ الفاختة فوق سدرة هرِمة:
كوكوختي
وين أختي؟
بالحلة
وين تنام؟
بأرض الله.
صار نشيدُ الفقدِ سيرتَنا، يسألُ أحدنا عن أرضِ الآخر، وتذبلُ فوقَ شفاهَنا الجهات. كل واحدٍ منا رأى موتَه في أكثرِ ما يُحب فسلكَ الطريق إليه، كل واحدٍ منا رأى الحربَ في ضوءِ نظراتِه، ورأى الحياةَ تنتهي بلمعةِ قذيفة، كل واحدٍ منا أكملَ نموَه في قبر، وسار به بقية أيامه.
لم أخبركِ عن طيفٍ مرَّ بطفولتي
فصارتْ شظايا،
لكنكِ ترينَ الآن ألوانَه
أزرق للحزن
احمر للشر
أصفر للخوف.
اقرأ/ي أيضًا: