يعتبر أمازيغ الجزائر أن شاعرهم سي محند أومحند ذاكرتهم الثقافية وحصن هويتهم والدرع الذي يحميها من النسيان والاندثار. ولد سي محند ابن قرية "إشرعون" عام 1860، وتوفي في عز شبابه عام 1906 وذلك بعد أن عاش 46 سنة.
نسجت الأساطير حول حياة هذا الشاعر مما جعله يتحول إلى أيقونة منقوشة في ذاكرة الأجيال. كان الشيوخ في القرى الأمازيغية يروون الكثير عنه، ويقولون إنه هبة من الطبيعة، وما كان يقوله ليس مجرَد كلام موزون ومقفى، وإنه بمثابة ماء الروح التي تحلق في الليالي المظلمة لتضيئها بأضواء أجنحتها، وتسقي الأعشاب والأشجار الميتة فتقوم من قبورها وتنتشر وترتفع في الحقول ومرتفعات الجبال.
هنا ثلاثة نصوص له مترجمة للعربية، مزيج من الحب والألم والغربة.
1
قبل أن تنشر في السّماء جناحيك..
أيها الصقر..
انثر، وانشر كلامي..
خذ رسائلي..
إلى ما وراء الجبال..
واحك عني بصدق، لكل صديق..
أخبرني..
هل لا زلت في قلوبهم..
وهل لا زالت قلوبهم تتذكر..
ذلك الطّفل الغارق في بحر المنفى.
2
وصلت حياتي إلى محطّتها الأخيرة
بجسد متعب.. ينهشه مرض غريب..
طرقت أبواب الأطّباء والمعالجين..
ليس بينهم من يعرف علّتي
كاهلي مثقل بديون الدهر..
بآمال كاذبة وأحلام كالسّراب..
يئست من أن أشفى..
لم يتبق لي شيء..
إلا بركاتك يا "الشيخ محند أولحسين"..
3
أيها القلب الغارق بين السّحاب..
ها أنذا تركت حياتي تمزقها الأحزان..
إني اشتقت إليكم أود البقاء معكم..
قلبي يتقطر دمًا..
شكواي لمن خلق القلب وأدماه..
إنها "حجة الوداع"..
لمن يريد ان يتأمّل في ما خلق الله..
فلينظر إليّ.. أنا الفقير؛ محند أومحند..
لم يستقر قلبي على رأي..
درست كتاب الله.. لقد كان قلبي قويًا..
اليوم لا أقوى إلا على فتح جفوني
داء من دون دواء.. عذاب يشابه المنفى..
أرتجي من السّماء رحمة.. أنتظر هبوط النجاة..
هنا، في موتي، وفي عالم ما بعد الموت..
لقد كان كل هذا "أمرًا مقضيًا".
اقرأ/ أيضًا: