بينَ العواصفِ الهاربةِ من وديانِ الذاكرةِ خارجًا
والدفءِ المُنبعِثِ منْ حجرتِها
وقفتُ أنا وزجاج النافذة
لا ندري من فينا يحمي الآخرَ من ماذا.
كانَ رأسي مُثقَلًا بعشراتِ الصوَر
فلا أتوقّفُ عنِ التساؤلِ عمّا لا أعرفُه
حتّى أعرفَ ما أخافُه:
هل ما تجلّى قبلَ قليل
كان ملامحها تصطاد ولَعِي بها
أو كان انعكاسِي فيها؟
أدركتُ أنّي بتُّ مُستلَبًا
حينَما أضعتُ ظلّي وهي تضعُ زينتَها
أخذتْ عينايَ تستقبلانِ تفاصيلَ كثيرة
أخْفَتْ وراءَها تفاصيلَ أخرى نسيتُها
كنتُ أسترقُ منَ الهواءِ اضطرابَهُ
وهو يلامسُ ما تكشّفَ عن نهدَيها
وكأنّهُ الوحيُ الذي لا يُقال
لم أكنْ شاعرًا
لكنّي اخترتُ الاستسلامَ لسطوةِ الجمال
لم أمانعْ حينَها
أن أمنحَها كلَّ أسلحتي كي تنتصر
وكأنّها لم تكنْ تعلم
أو كأنّني لم أكن كافيًا.
فتمادتْ في الاحتفاءِ بجبروتِها
واستنزفَتْنِي
حتّى صارَ الهواءُ الوالجُ إلى صدري
إنهاكًا هوَ الآخر.
حاولتُ جاهدًا ألا أفسّر الأشياءَ
كي لا تفقدَ معانيها
إلا أنَّ جسدي ما برحَ ينتفضُ
انتقامًا منّي عنْ سنواتٍ خلتْ
احتجتُ قدرًا كبيرًا منَ الحكمة
وربّما قدرًا أكبرَ منَ الجنون
كي أستمرّ
لم تتركْ لي سوى كأسِي
أدرايها في ظلالِهم
وكأنّها آخر ما سأُعطى منْ نبيذ
وحالما شعرتُ بالعجز
استعرتُ من شَعرِها خصلةً
وصرتُ نبيًّا.
اقرأ/ي أيضًا: