وقّعت الحكومة الأردنية في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، اتفاقيّة مع شركة "نوبل إنيرجي" الأمريكيّة، وهيّ الشركة المسؤولة عن تطوير حوض البحر المتوسّط وذلك تمهيدًا لبدء استيراد الغاز من دولة الاحتلال الإسرائيلي.
منذ إعلان الحكومة الأردنية خطوات فعلية لبدء استيراد الغاز من إسرائيل، انطلقت فعاليات شعبيّة للتنديد بالصفقة ورفضها
وكانت الأردن قد وقعّت أواخر عام 2014 مع الشركة نفسها مذكّرة تفاهم إلى حين البتّ بأمر الاتفاقية والتشاور بشأنها والترتيب لها، وهذا ما تمّ بالفعل، إذ ستبدأ إسرائيل بتوريد الغاز الطبيعي للأردن لخمسة عشر سنة ابتداءً من العام 2019، وذلك مقابل عشرة مليارات دولار أمريكيّ مقابل 1.6 تريليون قدم مكعب من الغاز من حقل لِفياثان شرق البحر المتوسّط قبالة حيفا المحتلّة.
اقرأ/ي أيضًا: هل ستصبح إسرائيل مورّد الغاز الرئيسي في المنطقة؟
ومنذ إعلان الحكومة عن هذه التوجّهات والخطوات الفعليّة للبدء باستيراد الغاز من إسرائيل انطلقت فعاليات شعبيّة للتنديد بالصفقة ورفضها، علمًا أنّ جزءًا من المبلغ المقرّر سيذهب مباشرة للحكومة الإسرائيلية. فأطلق ناشطون حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة الشعب للتعبير عن رفضه للصفقة بأي وسيلة من الوسائل السلميّة، كالمسيرات الاحتجاجية والاعتصامات والنّدوات، بالإضافة إلى بعض الفعاليات الشعبية كالدعوة لإطفاء الأنوار في ساعة محدّدة في مساء بعض أيام الأسبوع للضغط على الحكومة وعلى شركة الكهرباء الوطنيّة التي وقّعت الاتفاقيّة ممثّلة للحكومة. وكان الشعار الأبرز لهذه الفعاليات هو "غاز العدو احتلال".
كما توجّه بعض المواطنين في الجمعة التي تلت توقيع الاتفاقيّة للمشاركة في وقفة احتجاجيّة أمام شركة الكهرباء الوطنيّة، رافعين لافتات تستنكر إقرار الحكومة للصفقة وتدعو لإلغائها. وقد تعرّض المتظاهرون لمضايقات من رجال الشرطة والدّرك وسحبت اليافطات، التي كانوا يحملونها.
وتم تنظيم حملة خاصّة باتت تعرف باسم الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط صفقة الغاز مع الكيان الصهيوني، وقامت بالدعوة لاعتصامات ومسيرات في العاصمة عمّان وعدد من المحافظات والاعتصام أمام مجلس النوّاب. وقد دعت الحملة المواطنين الأسبوع الماضي للمشاركة في اعتصام أمام مبنى رئاسة الوزراء، تحت عنوان "لا ثقة شعبية لحكومة صفقة العار".
اعتقلت أجهزة الأمن الأردنية أعضاء أحزاب ونقابات ومحامين وصحفيين بسبب نشاطهم في الحملة لإسقاط صفقة الغاز مع الكيان الصهيوني
اقرأ/ي أيضًا: خطاب العرش في الأردن..الكرة عند الحكومة
لكنّ الأجهزة الأمنيّة منعت هذا الاعتصام السلميّ بالقوّة وحالت دون وصول المتظاهرين إلى مقرّ رئاسة الوزراء. وعبّر أحد المسؤولين المحليين لوسائل إعلام محليّة أنّ "صاحب القرار، محافظ العاصمة هو الذي أعطى إيعازًا بمنع الفعاليّة، وأنّ الدوّار الرابع خطّ أحمر".
وقامت أجهزة الأمن باعتقال العشرات من المعتصمين وحوّلتهم إلى مركز أمن في منطقة العبدلي في العاصمة عمّان، وكان من بين المعتقلين الدكتور هشام البستاني، الناطق الإعلاميّ باسم الحملة. وقد صدر بيان رسميّ على صفحة الحملة في "فيسبوك" يشير إلى أنّ أجهزة الأمن الأردنيّة اعتقلت قرابة خمسين مواطن ومواطنة، وأعضاء قياديين في أحزاب أردنية ونقابات عمّالة ومحامين وصحفيين.
وقد احتُجز المعتقلون، حسب ما ورد في التصريح الصحفيّ، قرابة ساعتين وأُجبر بعضهم على التوقيع على تعهّدات بعدم "المشاركة في التجمهرات غير المشروعة" قبل إخلاء سبيله كما تعرّض بعضهم للضرب من قبل رجال الأمن بحسب بعض الناشطين بالإضافة إلى منع عدد من الصحفيين من تصوير عمليّات اعتقال المواطنين وتهديدهم بتحطيم معدّاتهم.
وقد أدانت شخصيّات وفعاليّات شعبيّة التعامل الأمنيّ مع فعالية الاعتصام وقمع المتظاهرين، كما وأشارت الحملة في بيانها إلى أنّ هذه الإجراءات التي تستهدف أنشطة سلميّة كفل الدستور الحقّ في تنظيمها والمشاركة بها ما هي إلا "تضييق على الحريّات العامة وعودة إلى صيغة الأحكام العرفيّة وتكميم للأفواه".
اقرأ/ي أيضًا: