24-أكتوبر-2024
صور اللبنانية

(Getty) تركز إسرائيل قصفها على مدينة صور اللبنانية

يركّز جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أيام قصفه على مدينة صور جنوب لبنان، مستهدفًا المدنيين والمباني الطبية والاقتصادية المحمية بموجب القانون الدولي. وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على أنّ عمليات القصف إما عشوائية، لأنه لا علاقة لها بأنشطة أو مقار حزب الله اللبناني، أو غير عشوائية بهدف الضغط وتحقيق مكاسب في المفاوضات غير المباشرة التي انطلقت بلقاء المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري.

وعلى هذا الأساس أصبح التساؤل عن دوافع هذا التركيز على مدينة صور سؤالًا مطروحًا بقوة في الأوساط اللبنانية؟

قُدّمت مجموعة من الإجابات العسكرية والسياسية، ركّز بعضها على ما بات يعرف بـ"استراتيجية التدمير" التي ينتهجها جيش الاحتلال في حروبه الأخيرة، لا سيما في حربه المستمرة في غزة، وبالتحديد في شمال القطاع حيث يريد الاحتلال تحويله إلى منطقة عسكرية مغلقة بعد تهجيره من سكانه نحو جنوب القطاع.

أمّا الشق الثاني من الإجابات فربط تركيز القصف على صور بعملية التفاوض التي يقوم بها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري نيابةً عن حزب الله الذي يرفض مبدأ المفاوضات في ظل استمرار القصف وإطلاق النار والاشتباكات، مستفيدًا في ذلك من تجربة المفاوضات حول وقف الحرب في غزة التي تستخدمها إسرائيل غطاءً لاستمرار عملياتها، بإفشالها تارة وبإلقاء مسؤولية فشلها على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تارةً أخرى.

يبدو أن إسرائيل بحاجةٍ إلى ضغط تدميري كبير، وخاصةً على مدينة صور لفرض تصورها على حزب الله

الضغط التدميري

يبدو أن إسرائيل بحاجةٍ إلى ضغط تدميري كبير، وخاصةً على مدينة صور لفرض تصورها على حزب الله، علمًا بأنّ الأفكار والشروط التي جاء بها المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين وُصفت لبنانيًا بأنها قاسية.

وقد قدّم هوكشتاين لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري على هامش اللقاء الذي جرى بينهما في بيروت، تفاصيل العرض الإسرائيلي والأميركي للتوصل إلى وقف إطلاق النار في المواجهة المفتوحة بين حزب الله وإسرائيل.

وكانت جيش الاحتلال الإسرائيلي قد ضرب وسط مدينة صور بـ3 غارات متتالية. وجاء القصف الإسرائيلي العنيف بعد أن طلب جيش الاحتلال من سكان في منطقة بصور إخلاء مساكنهم "قبل عمل عسكري" ينوي القيام به.

وتعدّ مدينة صور إحدى مدن لبنان الكبيرة، فضلًا عن كونها مدينة أثرية وتاريخية لها تأثيرها في وجدان وبيئة أهل جنوب لبنان، وخاصةً المقاومة ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري.

ويرى المحللون العسكريون في استهدافات صور مرحلةً جديدة من التصعيد في المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن رفض الحزب "القبول بالضغط الإسرائيلي وبشروط الاستسلام وقرر المواجهة بالمعايير نفسها".

ردّ حزب الله اللبناني

يرى الخبراء العسكريون أن حزب الله اللبناني يتبع ما يمكن أن يطلق عليه "استراتيجية المناورة المتدرّجة"، في استعمال قوته، مركزًا على عنصر المفاجأة وطول النفس. وقد ظهر ذلك جليًا في إدخاله هذا الأسبوع صواريخ جديدة "نوع قادر"، ومسيرات دقيقة، على غرار تلك التي استهدفت منزل نتنياهو في قيساريا ومقر قاعدة لواء غولاني ومحيط مطار بن غوريون الدولي.

 ومن المرجّح حسب المراقبين العسكريين أن يؤدي هذا التكتيك العسكري إلى إحداث تحول في المواجهة، لأن سلاح المسيرات من الصعب التعامل معه بأنظمة الدفاع الجوي المصممة أساسًا للتعامل مع الصواريخ ذات الحجم الكبير مقارنةً بالمسيرات الانقضاضية والانتحارية.

بناءً على هذه التطورات، يمكن القول، إنّ حزب الله ملتزم بالرد على استراتيجية التدمير الإسرائيلية ردًّا عسكريًا لا سياسيًا أو تفاوضيًا. وهذا يجعل المواجهة مرشحةً للاستمرار لفترة زمنية أطول ممّا كان الاحتلال يتوقعه من أنّ معركة الجبهة الشمالية لن تطول على غرار الحرب في غزة.

وعلى ضوء ذلك، من المرجح أن يواصل الجيش الإسرائيلي محاولات تقدمه برًّا، مع توقعات بأن يوجه تركيزه على "الاتجاه الشرقي لأنه الطريق الأقصر إلى نهر الليطاني". مع التأكيد على أنّ طريق تقدمه ليست مفروشة بالورد في ظل الكمائن والفخاخ التي نصبها مقاتلو حزب الله اللبناني، والتي كبّدت جيش الاحتلال حتى الآن عشرات الجنود ما بين قتلى وجرحى.

وتكشف معلومات حزب الله عن سقوط أكثر من 70 قتيلًا في صفوف جيش الاحتلال، وأكثر من 600 جريح، كما يقول الحزب إنه دمر 28 دبابة من نوع ميركافا و4 جرافات عسكرية وآلية مدرعة وناقلة جند، بالإضافة إلى إسقاط 3 مسيرات من طراز هرمز 450 وواحدة من طراز هرمز 900.