المقال التالي ترجمة لتقرير "بيزنس انسايدر" عن التغيرات التي حدثت لداعش و"خلافته" بعد عامين من إعلانه "الخلافة".
كانت دعاية داعش من قبل تحث الأجانب على السفر إلى دولته، مؤخرًا، أصدر قادة داعش بياناتٍ تقول إن أنصارهم يمكنهم أن يكونوا أكثر فائدة في بلدانهم
__
نجحت "خلافة" داعش في الاستمرار لعامين.
استطاع التنظيم الإرهابي الاستمرار في السيطرة على بعضٍ من المساحات التي استولى عليها في العراق وسوريا لأول مرة في العام 2014، عندما صدم اجتياحه لمساحاتٍ واسعة في الشرق الأوسط العالم.
لكن منذ ذلك الحين، انكمشت الخلافة التي أعلنتها داعش، وهي المساحة التي يزداد تمزقها من الأرض التي تسيطر عليها وتحكمها كإمارةٍ إسلامية. جذب التنظيم -الذي يعرف أيضًا باسم تنظيم الدولة الإسلامية- آلاف المقاتلين المحليين والأجانب، عبر رسالته "باقية وتتمدد"، لكنه لم ينجح في الوفاء بوعده في السيطرة على العالم.
اقرأ/ي أيضًا: المصالحة مع إسرائيل..تركيا تراجع موقفها الإقليمي
قبل أيامٍ من الذكرى السنوية الثانية لإعلان خلافته، عانى التنظيم من ضربةٍ جديدة. فقد التنظيم رسميًا السيطرة على أول مدينة كبيرة يسيطر عليها، وهي الفلوجة بالعراق.
تحافظ داعش على السيطرة على قواعدها الكبيرة في سوريا والعراق، وهي الرقة والموصل، لكن قواتٍ محلية بدعمٍ من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تستعد لبدء هجومين على هاتين المدينتين كذلك.
"هذا بالتأكيد هو إعلان وفاة داعش كتنظيمٍ يسيطر على الأرض كما كانت تعرف يومًا"، صرح دافيد جارتنستاين-روس، وهو محلل متخصص في مكافحة الإرهاب وزميلٌ بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لبيزنس انسايدر. وأضاف: "لقد انتهت الخلافة بالشكل الذي كانت عليه. لن يكونوا قادرين على الاحتفاظ بأي مناطق كما فعلوا من قبل".
تتطلع داعش الآن إلى إثبات قوتها بطرقٍ أخرى. إذ كانت دعاية التنظيم من قبل تحث الأجانب على السفر إلى الخلافة والانضمام لمشروع بناء الدولة الذي تقوم عليه داعش، لكن مؤخرًا، أصدر قادة داعش بياناتٍ تقول إن أنصار التنظيم يمكنهم أن يكونوا أكثر فائدة في بلدانهم.
"إن أصغر عمل تقومون به في عقر دارهم أفضل وأحب إلينا من أكبر عمل عندنا وأنجع لنا وأنكى بهم"، قال المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني في رسالةٍ صوتية صدرت الشهر الماضي. وتابع: "ولئن كان أحدكم يتمنى ويسعى جاهدًا للوصول إلى دولة الإسلام، فإن أحدنا يتمنى أن يكون مكانكم لينكل في الصليبيين ليل نهارٍ لا ينام".
ألهمت هذه الدعوة هجمات "الذئاب المنفردة" في البلدان الغربية التي يقوم بها أنصار داعش الذين يخططون لهجماتهم بأنفسهم بدون التنسيق مع التنظيم. ويقول جارتنستاين إن التحول من بناء دولة إلى الإرهاب الأكثر تقليدية هو أحد طرق داعش كي تستمر وتحافظ على أهميتها.
اقرأ/ي أيضًا: القفزة البريطانية إلى المجهول
كما أن هجمات الذئاب المنفردة أكثر صعوبةً في منعها، ما يجعل من المحتمل أنه حتى مع استمرار داعش في خسارة المساحات التي تسيطر عليها، سوف يستمر التنظيم في ممارسة نفوذه بتشجيع الهجمات الإرهابية على الأهداف الغربية.
قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جون برينان في اجتماعٍ بمؤتمرٍ للعلاقات الخارجية يوم الأربعاء: "تواجه وكالة المخابرات المركزية تحديًا حقيقيًا لأن هناك أشخاص قد يكونون في منازلهم أو ليس لديهم احتكاك بأشخاص آخرين لكنهم سوف يكونون على الإنترنت وسوف يتشكلون ويتأثرون بما يرونه في سياق تلك السردية".
"سوف يقررون وحدهم، ربما مع قرينٍ (زوج/زوجة) أو ربما مع آخرين أو ربما وحدهم، القيام بهجوم. وإذا حصلوا على أسلحةٍ أو مواد متفجرة، فيمكنهم إحداث دمارٍ هائل قبل أن تظهر الإشارات التي ترتبط تقليديًا بالتنظيمات الإرهابية التقليدية".
لكن لا يبدو أن داعش قد فقدت طموحاتها في السيطرة على الأرض بعد. لا تزال الجماعة تبحث عن فرصٍ للتوسع وقد أسست وجودًا في بعض البلدان البعيدة ومن بينها بنجلاديش وألبانيا والفلبين وكوسوفو وإندونيسيا.
من غير الواضح ما إذا كان لدى داعش خطة للسيطرة على الأرض في تلك البلدان بنفس الطريقة التي اتبعتها في الشرق الأوسط. حتى الآن، واجهت محاولات داعش لتوسيع خلافتها مشكلات عديدة.
حققت داعش بعض النجاح المبدئي في ليبيا، حيث كانت قادرة على السيطرة على مدينة سرت الساحلية. وطد التنظيم وجود عدة آلاف من المقاتلين في البلاد وبدأ في بناء بنية تحتية لدولة في سرت، مطبقًا نسخة متشددة من الشريعة الإسلامية ومؤسسًا "نقاطٍ إعلامية" لنشر دعايته.
قيل إن سرت هي العاصمة الاحتياطية لداعش، مكان تستطيع داعش نقل عملياتها إليه إذا فقدت الرقة أو الموصل.
يعتقد داعش أن "دائرة اضمحلال وإعادة إحياء التنظيم" قد "تتكرر ببساطة" طالما ظلت الإيديولوجيا حية
لكن تلك الخطط قد انهارت إلى نحوٍ كبير. استعادت القوات الليبية الموالية للحكومة أجزاء من سرت، وتساعد الولايات المتحدة في القتال عبر القيام بضرباتٍ جوية في البلاد.
أشار مركز محاربة الإرهاب بالأكاديمية العسكرية الأمريكية في تقريرٍ له في وقتٍ سابق من هذا العام أن داعش قد عانت للتوسع إلى أجزاء ليبيا التي تنازعها عليها الميلشيات الأخرى.
رغم ذلك، لا يعني اضمحلال الخلافة بالضرورة نهاية داعش. إذ أشار شادي حميد، وهو زميلٌ بمعهد بروكنجز، في كتابه الصادر مؤخرًا، "الاستثنائية الإسلامية"، أنه بينما من المرجح أن تكون سيطرة داعش على الأرض غير مستدامة، إلا أن إرث التنظيم سيبقى معنا بعد انهيار الخلافة بفترةٍ طويلة.
كتب حميد: حتى إذا تم تدميره صباح الغد، سوف يظل تنظيم الدولة الإسلامية أحد أكثر مشاريع بناء الدولة نجاحًا و'إسلامية' في العقود الأخيرة".
جزء من نجاح داعش يكمن في تسويق التنظيم لنفسه كحامٍ للسنة المهمشين المهددين في العراق وسوريا
يتجاوز مشروع داعش أيضًا بناء الدولة. وسط الاضطرابات في الشرق الأوسط، خاصةً في سوريا، حيث لا تزال الحرب الأهلية مستعرة وتبدو عصية على الحل، هناك أرضٌ خصبة لتلقيح الإيديولوجيات المتطرفة. جزء من نجاح داعش يكمن في تسويق التنظيم لنفسه كحامٍ للسنة المهمشين المهددين من قِبل قوات بشار الأسد في سوريا والميليشيات الشيعية المدعومة من قِبل الحكومة في العراق و، بدرجةٍ أقل.
"بينما كانت الميليشيات الشيعية تتقدم، كانت تنخرط في عمليات تهجيرٍ طائفي"، قال جارتنستاين-روس، وتابع: "المظالم السنية لا تزال مستمرة". وأشار كول بنزل، طالب الدكتوراه في دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنكتون والذي عمل سابقًا لصالح وزارة الدفاع الأمريكية ويكتب الآن عن التنظيمات المتطرفة، في وقتٍ سابق من هذا الشهر أن داعش تعتقد أن "دائرة اضمحلال وإعادة إحياء التنظيم" قد "تتكرر ببساطة" طالما ظلت الإيديولوجيا حية.
"سوف يتضح مرة أخرى أن انتصار الولايات المتحدة وهمي"، كتب بنزل، معيدًا صياغة عبارة وردت مؤخرًا في إحدى النشرات الإخبارية لداعش. وأضاف: "إذا أرادت الولايات المتحدة الانتصار، فسوف يكون عليها القضاء على 'جيلٍ كامل' من أنصار الخلافة حول العالم".
اقرأ/ي أيضًا: