09-مايو-2024
كرست سعدية مصباح نشاطها الحقوقي في محاربة العنصرية والتمييز (AP)

(AP) كرست سعدية مصباح نشاطها الحقوقي في محاربة العنصرية والتمييز

تشهد تونس حملة من التضييق والاعتقالات ضد نشطاء ومنظمات تدافع عن حقوق المهاجرين في تونس. فقد اتهم الرئيس التونسي قيس سعيّد بعض منظمات المجتمع المدني بـ"الخيانة"، وتحدث عن "مخطط لتوطين المهاجرين في تونس"، متهمًا "جمعية" (دون أن يذكر اسمها) بالتواطؤ في ذلك.

وبعد ساعات خطاب الرئيس التونسي، داهمت قوة أمنية منزل الناشطة الحقوقية المناهضة للعنصرية ورئيسة منظمة "منامتي" لمناهضة الميز العنصري، سعدية مصباح، وقامت باعتقالها، فيما أمرت النيابة العامة في تونس، يوم الثلاثاء، بالتحفظ عليها بشبهة "جرائم مالية".

اتهم الرئيس التونسي قيس سعيّد بعض منظمات المجتمع المدني بـ"الخيانة". وتحدث سعيّد عن "مخطط لتوطين المهاجرين في تونس

وقد عبّرت منظمات حقوقية في تونس عن تضامنها مع رئيسة جمعية "منامتي"، معتبرةً ما يحدث على علاقة بموضوع تدفقات مهاجرين أفارقة غير النظاميين من جنوب وغرب الصحراء الكبرى إلى تونس.

كما نددوا بما تتعرض له سعدية مصباح رفقة أعضاء جمعية "منامتي" ونشطاء آخرين مدافعين عن المهاجرين غير النظاميين، من حملة تحريض ضدهم. 

من جهتها، طالبت جمعية "منامتي" في بيان صادر عنها، مساء الثلاثاء، بـ"الإفراج الفوري وإيقاف كل التتبعات في حق الجمعية وممثلتها القانونية سعدية مصباح التي ناصرت كل القضايا العادلة منذ اندلاع الثورة التونسية"، وعبر البيان عن رفض الجمعية أن تكون "كبش فداء وشماعة لغياب مقاربة وحلول وطنية لمسألة الهجرة غير النظامية".

كرست الناشطة سعدية مصباح، المولودة في باب سويقة في تونس العاصمة، حياتها لمكافحة التمييز العنصري والتحيز، وكذلك للدفاع عن حقوق "التونسيين من ذوي البشرة السوداء".

تنحدر مصباح من منطقة تبلبو، التي تتبع معتمدية قابس بالجنوب التونسي، لكنها تعيش الآن في منطقة باردو بضواحي العاصمة التونسية. 

بعد حصولها على شهادة الثانوية العامة من معهد بورقيبة النموذجي (Lycée Carnot de Tunis) التحقت بكلية الحقوق بتونس، حيث تخرجت منها بشهادة الليسانس في الحقوق.

 في بداية حياتها المهنية عملت كمضيفة طيران ثم مديرة خدمات المقصورة في الخطوط الجوية التونسية. لكن خلال حياتها المهنية عانت من عديد المواقف العنصرية. ما دفعها للتفكير في إطلاق جمعية تحارب هذه الظاهرة.

بعد محاولتين فاشلتين لإطلاق الجمعية في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن على، تمكنت مصباح من إطلاق جمعية " منامتي " لمناهضة الميز العنصري، وعرفتها بأنها "شيء صامت، زاحف، وضد إنكار السلطات التونسية للمشكلة".

شاركت مصباح بنشاط عبر جمعيتها وأعربت عن أسفها فيما يتعلق بالبنود الخاصة بحقوق الأقليات وتعريف التمييز في دستور عام 2014، الذي اعتبرته غير دقيق، كما عبرت عن آسفها للتمثيل الضعيف للتونسيين من ذوي البشرة السوداء في الحكومة ومجلس نواب الشعب التونسيين.

في عام 2015، سعت إلى إثارة نقاش وطني حول هذا موضوع العنصرية، والحصول على اعتراف بأن العبودية جريمة ضد الإنسانية.

ومنذ الثورة طالبت عدة مؤسسات من المجتمع المدني، من أبرزها جمعية "منامتي" بإقرار قانون يجّرم العنصرية في تونس.

وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2018، ساهمت مصباح من خلال عملها الحقوقي في اعتماد قانون "مناهضة العنصرية والتمييز العرقي"، الذي حصل على أغلبية ساحقة بـ 125 صوتًا مقابل صوت واحد ضده، في حين امتنع 5 نواب عن التصويت.

في عام 2019 رحبت مصباح بإعلان الرئيس التونسي الراحل، الباجي قائد السبسي، يوم 23 كانون الثاني/يناير من كل عام عيدًا وطنيًا لإلغاء العبودية والرق.

ومع ذلك، عبرت مصباح في عدة مناسبات عن شعورها بالقلق إزاء عدم وجود اهتمام سياسي بموضوع العنصرية والتمييز في البلاد، قائلةً:"لم نر إرادة السياسية في التحدث عن العنصرية. وهذا ما سيدفعنا بالعودة إلى المربع الأول، هناك مشكلة في العودة إلى الإنكار".

في آذار/مارس 2023، نددت بما وصفته "انحراف الرئيس الذي تبنى خطاب القطاعات العنصرية والشعبوية في المجتمع التونسي".

في آب/أغسطس 2023 أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، أن اسم مصباح سعدية ضمن الأسماء التي نالت "جائزة وزير الخارجية لأبطال مكافحة العنصرية الدولية للعام 2023"، ووصفتها بأنها "ناشطة تونسية كرست حياتها لمحاربة التمييز العنصري والتعصب والدفاع عن حقوق التونسيين السود" ، وأضافت: "تجربتها ضد العنصرية، مريرة، إذ لم تعان وحدها من التمييز، بل تعدى ذلك لأفراد من أسرتها".