حرّرتُ هذه القصائد وأتحضّرُ لإرسالها، وتبلّغتُ نبأ رحيل ميشيل دوغي شاعري وصديقي.
ميشيل.. أهديكَ هذه القصائد. سأكونُ في حضرتك الأسبوع المقبل.
أمامَ موكبِ الهَشيم
تقفُ في مُنعطفِ الزُّجاج.
تكتبُ ثمَّ تَمحو
ربّما أضاءت الكَلمات مخابئ السَّحالي
النّائمة في الجنان.
تضحكُ كغيمةٍ
لأنّها تعرفُ كيفَ تَمْسَحُ خَدَّ الوَقت.
اليدُ حاضنةُ نجمٍ
ولدَ قبلَ الأوان.
والصَّمتُ أكواريوم
لأسماكِ الأبجديّات الملوّنة.
ضفائرُها الّتي اجتزّتها
غُدرانٌ ما زالت تسيل سوداء..
سوداء
بين أحراش الآيات والقداسات.
صوتُها المكتوم
يزيدُ كلَّ لحظةٍ مِن فدادينِ الرّمال
في الرّبع الخالي.
عن الكنعانيّين
ورِثت القلائدَ الّتي تُزيِّنُ
رقابَ الملاحم
مراكبَ الألفباء الّتي لا تعود
وسلاسلَ الجِبال النّائمة
في رقائمِ الأطلس.
اللّات حَجَرٌ سماويّ
يُقَلّدُ جيدها
لا يُرى إلّا في القصائد
تخرجُ به لِملاقاة قبائل الأوثان
والشّعوب الّتي تتدلّى مِن أقدامها في الطَّواف.
*
النصُّ
عباءةُ نبيّ مات
عثرت عليها وهي تعبرُ الصّحراء
بين تيهَي الله والجَسَد.
لمْ تزَل تحفُرْ
كلُّ قطرةِ ماء تتفجّرُ وصول ورحيل
البئرُ الّتي لم تذُقْ ماءها،
جسدها.
في صوتِها
ترقُدُ الممالك المسحورة
والجنّيات الّتي تنامُ على
أغاني الرُّعاة كالقُطعان الجائعة.
*
أخطأ الحقُّ
شاهَتْ خُطىً واستَجارتْ جِهاتْ
بيننا الصّمتُ يكتمُ أنفاسَهُ،
بين سيفين في شفتينْ
المسافةُ تعرج في صرختينْ،
أتنزعُ حمّالةَ النهدِ كفٌّ سواي!
وإنّكِ مكتومةٌ مثل بابٍ يَصُرُّ
ولا أمسَ في الأمسِ
لا سيفَ لي استردّ سبايا الإله
ولن تدّعي اللغةُ اللهَ
ذلك في الوحي شأنُ المُريدينْ
شأن القداساتِ موطوءةِ السرّ
لا سرَّ في الوعد أنّكِ لي
وأن المسافات تسقط مثل الرّداء المبلّل في النّهر
والوقت ياقوتة علّقتها التواشيحُ
في جيدك المتلألئ بالنّجم
مثلَ البُحيرة صارت مزارًا
لأطيافنا وإزارًا.
يا الّتي تحتمي برؤاهِ النبيّةِ
هذا الجسد
عشبةٌ في الحرائقِ
أم رعشةٌ في ارتواءْ.
كيف يُحدِّثُ في غيبهِ الوجدُ
كيفَ يحومُ الوراءْ؟
أخطأ الحقُّ
لن يكتمَ الجرحُ سرَّا
لا النّارُ وجهَ الرّماد
الأناشيدُ تعرى
والمزاميرُ جمرُ اشتهاءْ.
- تحت عنوان "جهة الصمت الأكثر ضجيجًا"، يطلّ الشاعر شوقي عبد الأمير على قرّاء ألترا صوت أسبوعيًا في حديث أو مقالة في محبة الشعر وأهله.
اقرأ/ي أيضًا: