01-فبراير-2024
لقطة من فيلم الحي الصيني

(Imdb) لقطة من فيلم الحي الصيني

في أواخر ستينيات القرن الفائت، ظهرت في الولايات المتحدة موجة سينمائية جديدة ابتعدت عن التقاليد التي كانت راسخة في هوليوود آنذاك، وسلكت مسارًا مختلفًا يولي أهمية كبيرة لمحتوى الفيلم وبُعده الجمالي وطريقة سرد حكايته، ويحرص
على أن يتضمن موقفًا نقديًا مما يجري في المجتمع الأمريكي.

عُرفت هذه الموجة باسم موجة "هوليوود الجديدة"، ومع أنها لم تستمر لوقت طويل، إذ طُويت صفحتها أواخر السبعينيات تقريبًا، لكنها قدّمت العديد من الأفلام الخالدة التي جعلت من ذلك العقد مرحلة فارقة في تاريخ السينما الأمريكية والعالمية في آن معًا.

عُرضت معظم هذه الأفلام عام 1974، وأراد منها مخرجوها الذين ينتمون إلى أجيال مختلفة، أن تكون انعكاسًا لصورة المجتمع الأمريكي كما هو. وبمناسبة مرور 50 عامًا على عرضها لأول مرة، ولكونها تنتمي إلى حركة تمثّل مرحلة فارقة في تاريخ السينما، تستعيد هذه المقالة 3 من أهم أفلام موجة هوليوود الجديدة.


1- الحي الصيني

في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، زمن الكساد الكبير في الولايات المتحدة، يُعاني سكان لوس أنجلوس من شح المياه الذي دفع الإدارة المحلية لتقنين ضخها، الأمر الذي انعكس بشكل كبير على حياة المزارعين الذين كانوا يراقبون جفاف أراضيهم بألم ويأس كبيرين، دون القدرة على فعل ما ينقدها وينقذهم.

في هذه الأجواء، يواجه مهندس يعمل في إدارة الطاقة والمياه ضغوطات كبيرة بسبب رفضه بناء سد جديد لأسباب تقنية تتعلق بهشاشة الأرض، ثم يتحوّل إلى فضيحة بعد نشر إحدى الصحف صورة تجمعه بامرأة شابة يخون زوجته معها، وذلك قبل أن يُعثر على جثته في خزان مياه. وبينما يرى البعض أن وفاته كانت حادثة عرضية، يصر آخرون على أنها جريمة قتل.

وعبر هذه القصة، تتكشف الكثير من الأسرار والقصص الأخرى المتعلقة بالفساد واستغلال المياه لتحقيق مصالح شخصية من قبل أشخاص يريدون يتعمّدون قطع المياه عن الأراضي من أجل شرائها بعد جفافها.

الفيلم من إخراج رومان بولانسكي، وبطولة جاي نيكلسون وفاي دوناي وجون هيوستن وغيرهم. رُشّح لـ11 جائزة أوسكار، وفاز بواحدة منها، وهي أوسكار أفضل سيناريو أصلي.



2- العراب (الجزء الثاني)

يتجاوز فيلم "العراب" كونه قصة عائلة أو عصابة إلى تناول ومناقشة قضايا عدة كانت تشغل المجتمع الأمريكي خلال النصف الأول من القرن العشرين، مثل الهجرة والعنف والقمار والجريمة المنظمة والصراع بين العصابات على النفوذ والسلطة.

يتناول الفيلم ما سبق من خلال قصة عائلة كورليوني التي يُكمل الجزء الثاني من الفيلم حكايتها متنقلًا بين زمنين، زمن مؤسسها فيتور كورليوني الذي وصل إلى الولايات المتحدة مطلع القرن العشرين هاربًا من إيطاليا بعد مقتل عائلته على يد زعيم عصابة محلية وأسس واحدة من أكبر العصابات في أمريكا؛ وابنه مايكل الذي خلفه في زعامة العائلة والعصابة. هكذا يروي الفيلم حكايتين متداخلتين ببعضهما البعض تُكمل إحداهما الأخرى، لكن الفرق بينهما أن الأولى حكاية صعود فيتو وإمبراطوريته، والثانية حكاية سقوط ابنه مايكل.

الفيلم من إخراج فرانسيس فورد كوبولا، وبطولة روبرت دي نيرو الذي يؤدي دور فيتو كورليوني في شبابه، وآل باتشينو الذي لعب شخصية مايكل كورليوني. رُشّح لعدة جوائز أوسكار، وفاز بـ6 منها، بينها أوسكار أفضل مخرج.



3- المحادثة

قدّم فرانسيس فورد كوبولا عام 1974، إلى جانب الجزء الثاني من "العرّاب"، تحفة سينمائية أخرى بعنوان "المحادثة" الذي منح مفهوم المراقبة والتجسس وممارستهما والتعرّض لهما كذلك، معانٍ فريدة عبر وضعها ضمن سياقات غير مألوفة. فالفيلم حكاية رجل غارق في التناقضات يعمل ضمن فريق مراقبة، ويكلَّف بالتنصت على زوجين.

تبدو المهمة سهلة لشخص متمرّس قضى في ممارسة هذه المهنة غير الأخلاقية سنوات طويلة. لكنها في الواقع ليست كذلك، إذ يُعاني هاري كول، باعتباره شخصًا متدينًا، من الشعور بالذنب وعذاب الضمير بسبب طبيعة عمله وتورطه في عدة جرائم قتل دون تدخل مباشر، عدا عن عزلته وخوفه وشكوكه ومشاعر أخرى ستتفاقم بعد تنصته على هذين الزوجين اللذان حوّلاه من مُراقِب إلى مراقَب. وحين يُخبره أحدهم بذلك، يدخل هاري في حالة هذيانية بينما يبحث عن جهاز التنصت لدرجة أنه قام بخلع أرضية البيت الخشبية بحثًا عنه.

بدا الفيلم زمن عرضه صادمًا لكونه يتناول موضوعًا حساسًا هو انتهاك خصوصية الفرد واستباحتها، ورأى البعض أنه يرتبط بشكل أو بآخر بفضيحة ووترغيت التي أطاحت بالرئيس الأمريكي الـ37 ريتشارد نيكسون. والفيلم من بطولة جين هاكمان، وهاريسون فورد، وروبرت دوفال، وغيرهم.