غابرييلا ميسترال (1889 – 1957) شاعرة ودبلوماسية تشيلية من مواليد مدينة فيكوينا غرب تشيلي. تُعتبر في الأوساط الثقافية والأدبية التشيلية، والأوروبية أيضًا، بوصفها القيمة الثقافية والأخلاقية الأكثر أهمية لأمريكا اللاتينية. ويقول الشاعر الفرنسي بول فاليري إنها تجمع في شعرها: "بين التنبه والتخيل، بين اللاوعي الخارجي والتألق الخاطف الذي طبع عليه الشعراء".
بدأت غابرييلا ميسترال، وهو الاسم المستعار للوثيا دي ماريا، مسيرتها الأدبية عام 1922. وفي عام 1945، حصلت على جائزة نوبل للآداب تقديرًا لـ"شعرها الغنائي المعبر عن شعور قوي جعل منها رمزًا للإيحاء المثالي في أمريكا اللاتينية بكاملها". وعلقت إحدى الصحف العالمية على نيلها للجائزة بقولها: "إن الذي يجعل ميسترال شاعرة غنائية فذة وملهمة، هو أنها وحّدت بين إحساسها الحديث وغريزتها الشرسة البدائية الخارجة عن كل سيطرة".
القصيدة المختارة هنا مأخوذة من مختارات أعدها نصري الصايغ ونبيل حبيقة، وصدرت عن "دار الروّاد" في بيروت عام 1982.
كان محتملًا أن تسحقه حصاة
وأن تقوله قبضة اليد
فهو كان يتأرجح كعود خيزران
وكان بنفثة قد يقع.
أما أنا فخرجت في الطريق
أقول لمن يريد أن يسمع
ها هو موت عمره سنتان
ودون جهد يمكن حتى الآن أن يموت.
رآه فتيان أشداء
والتقت به نساء قويات
نمرود وعوليس أبصراه
ولكن أحدًا لم يدرك من الأمر شيئًا.
منه ذبلت الأصباح
وادخنت أوقات الظهيرة
تعلمت الشمس أن تغيب
وعرف أن يجف كل ينبوع.
الحقل التقى خريفه
والثلج رياءه
الدابة أدركت التعب
وجسد الإنسان نزاعه.
من باب إلى باب كنت أمضي
صارخة في وجه من أراهم
من هنا مر موت عمره سبع سنين
ودون جهد يمكنه حتى الآن أن يموت
ولكنني كففت عن صراخي
إذ رأيت كل واحد قد نام
في بعض ما لا أعرفه
من الغم والكآبة.
حينها صرنا أولئك الملوك
يمضون إلى نهاياتهم
وصار يوسعنا ضربًا
الحيوان والمخلوق الذي كان لنا خادمًا.
منذ تلك اللحظة
توقف النفس والدم وضاعا
ولحن الصباح
صار أجش كصوت البوق.
كان قد صار عمر الموت ثلاثين
ولم يعد على أهبة الموت
وهكذا عرفت أرضنا الثانية الحزينة
يوم تألقها العظيم.
أروي هذه القصة
لكل الذين يأتون إليّ
فيضحكون كأنهم حمقى
وأنا من اللواتي كن يرقصن
والموت لم يكن قد ولِد بعد.