08-نوفمبر-2024
غارات على جنوب لبنان

الدخان الأسود يتصاعد جراء غارة جوية استهدفت بلدات جنوب لبنان (رويترز)

بعد ليلة عنيفة عاشتها الأراضي اللبنانية، أمس الخميس، جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت معظمها في محافظة بعلبك الهرمل شرقي لبنان، بالإضافة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، عاد الهدوء الحذر مجددًا إلى الأجواء اللبنانية، مع تركيز مقاتلات الاحتلال غاراتها الجوية على بلدات جنوب لبنان، تخللها عمليات تفجير لبلدات حدودية.

وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية في سلسلة أخبار عاجلة منفصلة إن مقاتلات شنت غارات جوية وقصفًا مدفعيًا عنيفًا استهدف بلدات عدة في أقضية صور وبنت جبيل والنبطية جنوبي لبنان، بما في ذلك الجبين، الناقورة، كفرتبنيت، طير حرفا، الحنية، والغندورية، فضلًا عن استهداف بلدة حوش السيد علي شمالي الهرمل شرق لبنان، وهي من البلدات المحاذية لمنطقة القصير في ريف حمص وسط سوريا.

وأضافت الوكالة الوطنية في خبر منفصل أن جيش الاحتلال استهدف للمرة الأولى بالقذائف المدفعية الثقيلة (155 ملم) للمرة الأولى محيط بلدتي برك رأس العين وسهل القليلة جنوبي صور، مما أسفر عن إصابة ستة سوريين بجروح طفيفة. وبحسب ما رصد موقع "ألترا صوت"، فإن الغارات التي شنتها مقاتلات جيش الاحتلال، اليوم الجمعة، أسفرت عن سقوط ما لا يقل 10 شهداء حتى لحظة إعداد التقرير.

شنت مقاتلات جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية وقصفًا مدفعيًا عنيفًا استهدف بلدات عدة في أقضية صور وبنت جبيل والنبطية جنوبي لبنان

كما ذكرت الوكالة الوطنية أن مقاتلات جيش الاحتلال شنت غارة جوية استهدفت مركزًا طبيًا استحدثته الهيئة الصحية على طريق ديرقانون رأس العين – الناقورة جنوبي لبنان، مما أسفر عن استشهاد المسعف، إبراهيم عطايا. وتشهد سماء العاصمة بيروت، بالإضافة إلى الضاحية الجنوبية تحليقًا مكثفًا للطائرات المسيّرة الإسرائيلية على علو منخفض، حيثُ يمكن سماع أصوات التحليق في أرجاء العاصمة.

في الأثناء، واصل جيش الاحتلال تفجير البلدات اللبنانية التي تقع قرب "الخط الأزرق" مع شمال الأراضي المحتلة، وقالت الوكالة الوطنية إن جيش الاحتلال نفذ، اليوم الجمعة، أعمال تفجير داخل بلدات يارون وعيترون ومارون الراس في قضاء بنت جبيل، مما أسفر عن دمار المنازل السكنية في البلدات الثلاث.

من جانبه، قال حزب الله في سلسلة بيانات منفصلة نشرها الإعلام الحربي عبر قناته على منصة "تليغرام"، إن الحزب نفذ سلسلة من العمليات العسكرية، اليوم الجمعة، استهدف فيها عبر صليات صاروخية، بالإضافة إلى المسيّرات الانقضاضية والقذائف المدفعية تجمعات جيش الاحتلال في مستوطنات شمالي الأراضي المحتلة.

وقال الحزب في بيانين منفصلين إنه قصف بصواريخ نوعية "قاعدة ومطار رامات ديفيد جنوب شرق مدينة ‏حيفا"، بالإضافة إلى "قاعدة ستيلا ماريس البحرية"، وهي من القواعد الاستراتيجية لجيش الاحتلال التي تقع شمال غرب حيفا، وتستخدم للرصد والرقابة على مستوى الساحل الشمالي للأراضي المحتلة، وفقًا لبيان الحزب. ‏ 

مناشدات لبنانية لحماية المواقع الآثرية

وفي السياق، ناشد غالبية نواب البرلمان اللبناني في رسالة موجهة إلى المديرة العامة لـ"اليونسكو"، أودري أزولاي، أمس الخميس، بضرورة "حماية المواقع التاريخية في لبنان، لا سيما في بعلبك وصور وصيدا وغيرها من المعالم الثمينة التي تواجه خطرًا كبيرًا نتيجة تصاعد الفظائع"، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.

وشدد النواب في الرسالة على ضرورة أن تعطي المسؤولة الأممية "الأولوية بشكل عاجل لحماية ھذه المواقع التاريخية، من خلال تعبئة سلطة اليونسكو، وتأمين الانتباه الدولي، والدعوة لاتخاذ التدابير الحمائية كافة". وجاءت الرسالة بعد شن جيش الاحتلال غارات جوية خلال الأيام الماضية، استهدفت مدينتي بعلبك وصور المدرجتين على قائمة "اليونسكو" للتراث العالمي.

ومن المقرر أن تعقد المنظمة الأممية اجتماعًا في 18 من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري "جلسة طارئة للجنة حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح" بناءً على طلب لبنان، بحسب ما نقلت الوكالة الفرنسية عن المنظمة الأممية، التي شددت على أن التصعيد الإسرائيلي في لبنان "لبنان يشكل مخاطر جدية تهدد بإلحاق أضرار لا يمكن ترميمها بالتراث الثقافي والطبيعي العالمي للبنان".

"الحلول السياسية لا تزال ممكنة"

وفي السياق، نقل موقع "العربي الجديد" عن أوساط وزارية لبنانية، اليوم الجمعة، أن "رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، يقوم بكل ما يلزم من لقاءات واتصالات للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن"، مؤكدة أنه "يواصل دعواته المجتمع الدولي للضغط أكثر على إسرائيل لوقف عدوانها على لبنان".

وبحسب الأوساط الوزارية، فإن "الحلول السياسية لا تزال ممكنة"، مؤكدة أنها "الخيار الوحيد بنهاية المطاف، والحكومة اللبنانية أظهرت نواياها الجدية في الالتزام بالقرار 1701، وتعزيز انتشار الجيش في الجنوب، تحضيرًا لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار"، مشددة أنه ينبغي "على إسرائيل اليوم أن توقف عدوانها على لبنان، وخروقاتها واعتداءاتها، وتلتزم بدورها تطبيق القرار المذكور، بكافة مندرجاته".

وأكدت الأوساط الوزارية موقف لبنان الثابت من "إجراء مفاوضات غير مباشرة (مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي)، لكن ليس قبل وقف العدوان، وهذا موقف أعلن عنه ويتمسّك به"، مشيرةً إلى أن "هناك أجواء بإمكان التوصل لوقف إطلاق نار في الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة"، مضيفة أن هذه الأجواء "مبنية على الوعود الدولية التي يتلقاها لبنان وتكثيف الحراك الدبلوماسي، والتأكيدات أن لا بديل عن الحل السياسي".

وأعربت الأوساط الوزارية عن "المخاوف الخارجية من تداعيات التأخر في إيجاد الحلول البعيدة من الخيار العسكري"، مبيّنة أنهم حاليًا في حالة من الترقب وانتظار "النتائج الميدانية، خصوصًا أن التجارب الماضية مع الوعود كانت مخيّبة جدًا، في ظل رفع الاحتلال عملياته وجرائمه ومجازره على الأراضي اللبنانية".

ورجحت الأوساط الوزارية في ختام حديثها لـ"العربي الجديد" أن يجري المبعوث الرئاسي الأميركي للشرق الأوسط، عاموس هوكشتاين، زيارة إلى لبنان قبل استلام الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، مهامه في البيت الأبيض مطلع العام القادم، لكنها ربطت هذه الزيارة بأن يكون هناك "تقدمًا ملموسًا على صعيد محادثاته ومفاوضاته، خصوصًا أنه بات يعلم بالموقف اللبناني، فيما المعرقل هو (الجانب) الإسرائيلي".