من منا لم يُطرب على أنغام أغنية Besame Mucho ولم يسمعها مرارًا وتكرارًا كذلك أغنية Sodade للمغنية الشهيرة سيزاريا إيفورا التي يحتفل محرك البحث غوغل بذكرى ميلادها الـ78 هذا اليوم؟
تعتبر سيزاريا إيفورا واحدة من أيقونات الموسيقى العالمية، اشتهرت بغناء المورنا، اللون المشهور في وطنها
المغنية الملقبة "بيرفوت ديفا"، أيّ حافية القدمين، لأنها تظهر حافية أثناء غنائها على المسرح أو في الأستديوهات، توفيت في عام 2011 عن عمر يناهز السبعين عامًا في بلدها جمهورية جزيرة الرأس الأخضر، أو كاب فيردي، التي تقع غربي القارة الأفريقية.
عن المورنا وجزيرة الرأس الأخضر
تعتبر المغنية الشعبية واحدة من أيقونات الموسيقى العالمية، وصلت إلى العالمية بلونها الغنائي الذي اشتهرت به وهو المورنا، النوع الموسيقي المميز في الرأس الأخضر، والذي يمكن وصفه بأنه مزيج من موسيقى الجاز والموسيقى اللاتينية والبرتغالية والكريولية، نسبة إلى اللغة المنطوقة في الجزيرة.
اقرأ/ي أيضًا: سيزاريا إيفورا.. إلهة سمراء تغني حافية
صارت إيفورا الأيقونة الثقافية والشعبية بالنسبة للرأس الأخضر، حتى لمن لم يسمع باسم هذه الجزيرة من قبل، سمع صوت سيزاريا بدون شك. يسميها أهل الجزيرة بسفير جزيرة الرأس الأخضر لشهرتها في العالم أجمع، فسيزاريا تشبه روح المكان بسيطة جذابة، غنت المكان وللمكان أغاني مليئة بالنوستالجيا والأحاسيس. مثل أغنية بلد صغير وأغان اخرى تتسم بموضوعات المعاناة والكآبة بإيقاعات سريعة أو بطيئة.
تعتبر المورنا هي روح جزيرة الرأس الأخضر، وتعطي جوهر هوية هذا الأرخبيل الذي يجمع بين التأثيرات الأوروبية والأفريقية، ولهذا النوع الموسيقي أهمية كبرى في عملية البناء الوطنية بعد الاستقلال، كما أن لها أهمية كبيرة في رسم هوية مكان يتسم بالضعف والتنوع في ذات الوقت.
في مقابلة قديمة للمغنية، تصف موسيقى بلدها بأنها موسيقى سياسية واجتماعية وموسيقى تستوعب المشاكل اليومية، وبمعنى أدق هي موسيقى الحياة اليومية التي يتم من خلالها التعبير عن المكان وسماته وخصوصيته، وبالضرورة، هي موسيقى تحمل الكثير من المشاعر والأحاسيس وتتحدث عن الحب.
محطاتها الفنية
لفتت سيزاريا إيفورا الأنظار بفضل صوتها الجميل ومظهرها الفريد، بدأت مسيرتها في الستينيات بالغناء للبحارة والسفن السياحية البرتغالية التي كانت ترسو في الجزيرة. لم تبدأ بتسجيل الأغاني إلاّ في عام 1988، عندما قابلت خوسيه دا سيلفا، شاب فرنسي من الجزيرة، أقنعها بالذهاب إلى فرنسا للتسجيل هناك وأصبح منتجها الخاص فيما بعد. سجلت ألبومها الأول في عمر الـ47 حمل عنوان حافية القدمين (The diva barefoot) وفيه إشارة للفقراء في بلدها الذي غنت له أغاني عديدة في الألبوم، بعد ذلك بعامين، أصدرت ألبومًا آخر بعنوان Distino di Belita، وهو مزيج من المورنا الصوتي والكولاديرات الكهربائية، تكريمًا لموسيقى بلدها.
لتقرر إيفورا بعد ذلك إصدار أول ألبوم صوتي بالكامل في عام 1991، ثم تصدر أغنية Mar Azul والتي تعتبر تكريس حقيقي للمغنية، فتثير انتباه الصحافة فرنسية للمرة الأولى. يليه ألبومها الغنائي Miss Perfumado والذي جاءت فيه أغنيتها الشهيرة Sodade، بلغت مبيعات نسخ الألبوم ما يقارب 300 ألف نسخة. تتوجه بعدها إيفورا للقيام بجولة دولية في العام التالي، ويتم ترشيحها لنيل جائزة "غرامي". في عام 1995 أصدرت ألبوم الذي يحمل اسم الجزيرة التي ولدت فيها، وتم ترشيحه لنيل جائزة "غرامي" مرة أخرى في العام التالي على التوالي.
في عامي 1998، 1999 أقامت مئات الحفلات الموسيقية في مناطق مختلفة من العالم، من اليونان إلى اليابان، والبرتغال والهند ولبنان. سجلت ألبومها التالي Café Atlantico في العاصمة الكوبية هافانا، والذي يغلب عليه طابع النوستالجيا، حيث تذكر أغانيه بالرأس الأخضر ومدينة مينديلو والمحيط. يأتي بعده ألبوم São Vicente di longe، الذي يحمل اسم الموطن الأصلي لسيزاريا.
في 2003، يتم تعيينها سفيرةً لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، كما سجلت في ذلك العام ألبومها التاسع الذي ارتفع سريعًا إلى أعلى المبيعات في بلدن عديدة مثل بولندا واليونان والبرتغال والولايات المتحدة.
بدأت سيزاريا إيفورا مسيرتها في الستينيات بالغناء للبحارة والسفن السياحية البرتغالية التي كانت ترسو في شواطئ جزيرتها
في 2004، فازت بجائزة "غرامي" وجائزة Victoire de la Musique في فرنسا. أقامت بعدها جولات موسيقية عديدة في أنحاء مختلفة من العالم، حتى اعتزلت الغناء في العام 2010 لأسباب صحيّة. قضت نحبها نهاية العام 2011 في موطنها جزيرة الرأس الأخضر، لتختم مسيرة فنية امتدت خلال عشرين عامًا فقط، تمكنت خلالها من الوصول إلى كل أنحاء العالم، كأيقونة للموسيقى الشعبية في جزيرتها الصغيرة غير المعروفة على نحو كبير.
اقرأ/ي أيضًا: أبو غابي.. صوتٌ بنفاسة المخطوطات
لطالما رسمت المغنية البسيطة والشهيرة صورة مختلفة عن صور عالم نجوم الغناء والمشاهير، لا يمكن تصور إيفورا إلّا وهي جالسة على خشبة المسرح بفستانها المزهر متزينة بمجوهراتها التقليدية، حافية القدمين، تغني المورنا بشغفٍ وحب في أغانٍ أوصلتها والنوع الموسيقي الخاص بجزيرتها إلى العالم أجمع، ولا يمكن فصل صورة إيفورا كذلك عن إنسان مشهور يتصرف بطبيعية أثناء حفلاته الموسيقية، تدخن سيجارتها وتتناول مشروبها أثناء الحفل، هذه البساطة زادت من تكريس صورتها الأيقونية، فهي تشبه المكان الذي جاءت منه وحملته معها طوال مسيرتها الفنية وقدمته في أيّ مكان حلّت به.
اقرأ/ي أيضًا: