ولد فرناندو أرابال عام 1932. هو شاعر وكاتب مسرحي وكاتب سيناريو ومخرج أفلام وروائي إسباني. مستقر في فرنسا من عام 1955. بما يتعلق بجنسيته، يصف أرابال نفسه بأنه "ديستيرادو"، بمعنى "نصف مغترب، ونصف منفي".
أخرج أرابال سبعة أفلام روائية طويلة ونشر أكثر من 100 مسرحية. وعدد من المجموعات الشعرية والكتب الصغيرة عن الفن والفنانين.
نشرت مسرحياته الكاملة، بلغات متعددة، في طبعة من مجلدين يبلغ مجموعها أكثر من ألفي صفحة. وصف الناقد المسرحي في صحيفة نيويورك تايمز ميل جوسو أرابال بأنه الناجي الأخير من بين "الصور الرمزية الثلاثة للحداثة".
في عام 1962، شارك أرابال في تأسيس حركة الذعر مع أليخاندرو جودوروفسكي ورولاند توبور، المستوحاة من الإله بان.
من مجموعاته الشعرية المنشورة: "سوناتات المائة"، و"حرية المرأة في بابل، قصائد سينماتوغرافية"، و"رسائل إلى يوليوس بالتازار" و"حجر الجنون".
"ولدي، ولدي"
أخيرًا، أشعلتَ مصباحًا صغيرًا وتمكنتَ
من رؤية وجهها لكن ليسَ جسدَها الممدد في العتمة.
قلت لها: "أمي".
طلبتَ مني أن أضمها بذراعي. ضممتُها بذراعي
وأحسستُ بأظافرها تنغرزُ في كتفي:
ثم سالَ الدم، رطبًا.
قالتْ لي: "ولدي، ولد، ضمني".
اقتربت وضممتُها وأحسستُ بأسنانها
في عنقي والدم يتدفق.
عندها، لاحظتُ أنها تحملُ، معلقًا بحزامها، قفصًا في داخله دوري.
كان جريحًا لكنه يغني: دمهُ كان دمي.
نادرًا ما حدثَ لي، وأنا ذاهب إلى الشاطئ،
أن قرأت على الماء، مرسومة بالأسود،
كلمة "بحر".
نادرًا كذلك ما حدثَ لي، وأنا أقترب من الجبل أن رأيتُ مرسومةً على جانبيه كلمة "جبل".
لكن كلما جلستُ لأكتب، أرى على الورقة.
البيضاء ثلاثة أحرف كبيرة: أنا.
أحيانًا عندما تُقبل يدي أشعر
بحرارة خاصة. عندما تسحبُ شفتيها،
تظهرُ كلمة "حلم" على كفي.
لاحظت، بين الفينة والفينة، عندما
أطفىء الراديو، أنه يستمر بالبث، أنزع
المنشب الكهربائي ويستمر البث،
أرميه أرضًا، أخبطه بمطرقة،
ومن القطعة المتبقية يرتفع صوت المذيع:
"... يقبلون عنف الفضيحة وأشراقها...".
لدي فقاعة هواء. أحسها جيدًا..
عندما أكون فرحًا، تصبح أخف،
وأحيانًا، عندما تكلمني،
كأنها غير موجودة.
فقاعة الهواء تنتقل من دماغي إلى قلبي ومن قلبي إلى دماغي.
في العتمة لا أرى سوى عيني الهر.
ثابتتان وتحدقان إلي.
أنا أحدق كذلك بلا حراك.
فجأة، في إحدى عينيه قرأت "رعب"
وفي الأخرى "صفاء".
وسرعان ما أغمض الهر عينيه
ولم يبق غير العتمة.
أحيانًا، في الليل، تمتلىء غرفتي بالضوء، ووحده
المصباح يبقى أسود تمامًا،
وما يحيط به يبقى غارقًا في الظلمة.
علي إذن أن أبتعد عن المصباح لأتمكن من الكتابة.
وعندما أنوي أن أكتب "أعرف" لماذا تخطُ يدي "أجهل"
الشجرة تلجأ إلى الورقة، المنزل إلى الباب والمدينة في المنزل.
وكنت أرى الشجرة تحولت إلى ورقة، والمنزل إلى باب والمدينة إلى منزل.
لهذا السبب كان علي أن أجهد كي لا أختبىء في يدي.
عندما تتنزه في الحديقة لتسبق شجرة
كي أراها تمر من تحتي.
عندما تصعد السلالم أختبىء في "بئر" المصعد كي أراها فوقي.
وعندما تناديني أغمض عيني وأبقى جامدًا إلى أن "توقظني".
أحيانًا عندما تنظر إلي في المرآة أشعر بحرارة خاصة.
عندما تمحي صورتها من المرآة، تظهر كلمة "حرية".
المصفحات "العدوة" والجنود في تقدم
المدافع تطلق نيرانها وأنا، في وسط الجيشين، كنت أسقط من السماء ببطء.
كان الأسد ينظر إلي ويفترس الشمس.
الشمس بقيت لحظة في فمه المفتوح كأنها ما عادت تستطيع الدخول أو الخروج.
الطبالات يرمين سهامًا في وسط النجمة.
كان الأسد يبتلع الشمس ببطء.
والظلمة تثقل أكثر فأكثر.
الطبالات كففن عن السهام ليعزفن الترومبيت.
الأرض تتغطى شيئًا فشيئًا بالقبور وحفرة كبيرة تتعمق عند قدمي.
الأسد كان انتهى من ابتلاع نصف الشمس والعتمة كانت تتقدم ببطء.
الطبالات يرمين السهام على القبور حيث ينبت القمح.
ثم لا يلبثن أن يعدن وينفخن في آلات الترومبيت الكبيرة.
الحفرة عند قدمي عميقة جدًا وعلى قد جسدي.
الأسد الأخضر انتهى من افتراس الشمس
وغرق كل شيء في العتمة.
الطبالات يضعنني في الحفرة، وبينما كان بعضهن يهيل التراب علي،
كان بعضهن يرمي سهامًا على الأسد الأخضر.