شهد دور المجموعات في مونديال كوريا واليابان 2002 مفاجأتين صادمتين، إذ خرجت فرنسا من الدور الأول وهي بطلة العالم 1998 وبطلة أوروبا 2000، كذلك صدمت الأرجنتين عشاقها الذين توقّعوا أن تهديهم اللقب المونديالي، عقب خروجها الحزين من دور المجموعات، بينما تألق صاحبا الضيافة وتأهّلا إلى دور الـ16 لأول مرّة في تاريخهما، كذلك أبهرت تركيا والسنغال الجميع بعروضهما القوية في الدور الأول..
حققت إنجلترا فوزا سهلا على الدانمارك بدور الـ16، وذلك بثلاثة أهداف نظيفة، ولحقت بها تركيا إلى دور الثمانية عندما أقصت اليابان بهدف وحيد، وحسمت أمريكا مباراتها مع جارتها المكسيك لصالحها بهدفين دون رد، بينما تعذّبت ألمانيا حتى سجّل لاعبها أوليفر نيوفيل هدف التأهل قبل نهاية المباراة بدقيقتين، وذلك على حساب الباراغواي، في وقت استطاعت به البرازيل أن تتخطّى حاجز بلجيكا، ففازت عليها 2-0 عبر ريفالدو ورونالدو.
سقطت زجاجة عطر على قدم حارس إسبانيا الأساسي، فكُسرت قدمه وشارك كاسياس بدلاً عنه
تسببت الأقدار بسطوع نجم الحارس الإسباني كاسياس مرّتين في صيف عام 2002، فقبل المونديال بأسابيع، التقى ريال مدريد مع باير ليفركوزن الألماني في نهائي دوري أبطال أوروبا، وفي هذا اللقاء تعرّض حارس الميرينغي الأساسي سيزار سانشيز للإصابة، فدخل شاب اسمه إيكر كاسياس بدلاً عنه، وأنقذ شباك الريال بأعجوبة من 3 أهداف ألمانية محققة، فكانت نجوميّته في تلك المباراة لا تقل روعة عن زين الدين زيدان، والذي أحرز هدف الفوز بتسديدة خالدة.
ما هي إلا أيام حتى أُعلنت تشكيلة إسبانيا التي ستشارك في نهائيات كأس العالم 2002، وكان كاسياس الحارس الاحتياطي فيها خلف حامي عرين الماتادور الأساسي سانتياغو كانيزاريس ، لكنّ حادثة طريفة جعلته يحتلّ مكان حارس فالنسيا، ففي معسكر المنتخب التحضيري للمونديال سقطت زجاجة عطر على قدم كانيزاريس، فكُسر إصبعه، واستُبعد من المنتخب بسبب الإصابة، وهنا وجد كاسياس نفسه حارس الشباك الأول للماتادور، ولم يخيّب إيكر جماهير بلاده فأبهرهم بعروضه الرائعة خلال مباريات الدور الأول، وفي دور الـ16 التقت إسبانيا مع إيرلندا، وانتهى الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 1-1، علماً أن كاسياس تصدّى لركلة جزاء في هذا اللقاء، ومع استمرار التعادل احتكم الفريقان لركلات الترجيح، هنا تألّق كاسياس وأهدى بلاده بطاقة التأهل لدور الثمانية، فسمّي من حينها بـ"القدّيس".
شكّلت مباراة كوريا الجنوبية وإيطاليا في دور الـ16 جرحاً لن ينساه الإيطاليّون، فوقع الآزوري حينها ضحيّة لإحدى أسوأ الفضائح التحكيمية على الإطلاق، إذ ألغى الحكم الإكوادوري بايرون مورينو هدفين لإيطاليا، وحرم فرانشيسكو توتي من ركلة جزاء، وأعطاه بدلاً عنها بطاقة حمراء، كذلك منح أصحاب الأرض ركلة جزاء تصدّى لها الحارس بوفون بنجاح، ومع ذلك قدّم الطليان أداءً جيّداً وتقدّموا بهدف لكريستيان فييري، وقبل نهاية المباراة بلحظات سجّل أصحاب الأرض هدف التعادل، فلجأ الفريقان لأوقات إضافية، وقبل الاحتكام لركلات الترجيح بثلاث دقائق، سجّل آن جونغ هوان برأسه الهدف الذهبي الذي شكّل حينها أكبر عقوبة في تاريخ كرة القدم.
أمسكت شرطة مطار نيويورك حكم إيطاليا وكوريا الجنوبية وهو يهرّب داخل سرواله 6 كيلوغراماً من المخدّرات
بذلك عوّض هوان ركلة الجزاء التي أهدرها أمام بوفون في مطلع اللقاء، وصّرح هذا اللاعب المحترف في بيروجيا الإيطالي آنذاك بفرح شديد، " إن الكرة الكورية أفضل من الإيطالية"، وهنا غضبت إدارة ناديه من ذلك، فهي تجد أن خسارة بلادها أتت بسبب الفساد التحكيمي، فأنهت عقد اللاعب الكوري، وبرّر ذلك رئيس النادي ليوناردو غاووتشي، "ليس لدي أي نيّة لدفع راتب شخص هدم الكرة الإيطالية".
بعد هذه الفضيحة التحكيمية، لم يولّ الفيفا الحكم الإكوادوري مورينو قيادة أي مباراة دولية، كذلك وضع الحكم الكثير من علامات الاستفهام بسبب أداءه في الدوري المحلي عقب المونديال، فعوقب بالإيقاف لمدّة 20 مباراة، وبعد سنوات من اعتزاله التحكيم بانت حقيقة تمتّع مورينو بالأخلاق التي تتيح له قيادة مباريات كأس العالم، حيث قُبض عليه في مطار جون كينيدي بنيويورك عام 2010، وهو يحاول تهريب 6 كيلو غرام من المخدّرات، إذ خبّأ هذه الكمّية من الهيروين داخل بنطاله.
لم تتوقّف محاباة الكوريين أصحاب الأرض عند هذا الحد، فواجه الفريق الآسيوي إسبانيا في الدور ربع النهائي، وفي هذه المباراة التي قادها الحكم المصري جمال الغندور استشاط مدرّب الماتادور كاماتشو غضباً أكثر من مرّة، وذلك بسبب حرمان لاعبيه من هدفين صحيحين، حيث تم إلغاء الهدف الأول بداعي الخشونة من المهاجم مورينتس، والثاني بسبب خروج الكرة من أرض الملعب، قبل أن يلجأ الفريقان لركلات الترجيح التي ابتسمت لأصحاب الأرض، فتأهل الكوريون لأول مرة بتاريخهم وتاريخ القارّة الصفراء إلى الدور نصف النهائي، ولحقت إسبانيا بإيطاليا إلى خارج المونديال.
ستواجه إنجلترا التي أبهرت الكثيرين بعروضها فريق البرازيل بالدور ربع النهائي، في لقاء سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه، كذلك سيحظى أحد المنتصرَين من موقعة السنغال وتركيا بمقعد في مربّع الكبار، بينما تقابل ألمانيا الفريق الأمريكي الذي وصل عن جدارة إلى دور الثمانية، فما هي أبرز مشاهد هذه اللقاءات، وأي الفرق ستبلغ الدور نصف النهائي ومن ثم المباراة النهائية التي ستحدد البطل؟