21-أبريل-2024
ملصق في طهران للهجوم الإيراني على إسرائيل

(epa) يخشى الإيرانيون أن تؤدي التوترات مع "إسرائيل" إلى مفاقمة الفقر والقمع

فرض الهجوم الإيراني على "إسرائيل"، ردًّا على قصف الأخيرة لقنصليتها في دمشق، مطلع نيسان/أبريل الجاري، واقعًا جديدًا لناحية الحرب بين الطرفين التي خرجت من الظل إلى العلن، وأصبحت مباشرة وعلنية.

وردًّا على الرد نفسه، وجّهت "إسرائيل"، قبل يوم أمس الجمعة، ضربة محدودة في إيران دون أي تعليق من قِبل الحكومة والجيش الإسرائيليين، في حين أكدت العديد من الصحف الإسرائيلية والعالمية أن "إسرائيل" تقف وراء الضربة.

وفي الوقت الذي تُبذل فيه الجهود لتجنب انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية، يعيش الإيرانيون في خوف من احتمال اندلاع الحرب لكونها ستفاقم من سوء أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية المتدهورة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

وقالت الصحيفة، في تقرير تضمن آراء عدد من الإيرانيين بشأن الحرب مع "إسرائيل"، إن إيران سعت إلى تجنب الحرب بسبب الأزمة الاقتصادية والاضطرابات الداخلية، لافتةً إلى أن هجومها على "إسرائيل" تزامن مع سلسلة من الإجراءات الداخلية الصارمة لمواجهة أي حراك معارض.

يخشى الإيرانيون أن تؤدي التوترات مع "إسرائيل" إلى مفاقمة الفقر والقمع في البلاد في ظل الأوضاع المعيشية المتدهورة والاضطرابات الاجتماعية

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنه بعد عدة ساعات من شن إيران لهجومها على "إسرائيل"، شهدت العاصمة طهران وعدة مدن أخرى انتشارًا أمنيًا كثيفًا، وتعرضت النساء غير المحجبات للقمع والتعنيف، وجرت ملاحقة وتهديد أي شخص يجرؤ على انتقاد هجومها على "إسرائيل" أو التشكيك فيه.

وقالت إحدى المواطنات الإيرانيات، في تصريح لـ"نيويورك تايمز" عبر الهاتف، إن قوات الشرطة نشرت العديد من نقاط التفتيش في العاصمة طهران بعد الهجوم. فيما أكدت العديد من النساء الأخريات أن الهجوم على "إسرائيل" تزامن مع حملة قمع ضد النساء غير المحجبات.

وتساءل مدرس لغة إنجليزية عن سبب قيام الحكومة الإيرانية بهذه الإجراءات في هذا الوقت، وقال: "لماذا كل هذه الحملة على الحجاب عندما دخلوا في حرب ضد إسرائيل؟ الجميع متوترون ومضطربون".

وكتب محمد يوسفي نجاد، وهو محام محافظ ومؤيد للحكومة، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: "في هذا الوقت الحساس، تحتاج البلاد إلى الوحدة والهدوء للوقوف ضد النظام الصهيوني"، مضيفًا أن وجود شرطة الآداب في هذه المرحلة نابع من: "غباء وزارة الداخلية وعدم فهمها للأولويات".

وأشارت الصحيفة إلى عدم تسامح الحكومة الإيرانية، في ظل الأجواء الحالية، مع الانتقادات المتعلقة بالتوترات مع "إسرائيل"، حيث رفع القضاء الإيراني دعوى ضد الصحفي عباس عبدي بسبب مقال حذّر فيه من العواقب الاقتصادية والاجتماعية للرد على "إسرائيل".

وشملت القضية كذلك الصحيفة التي نُشر فيها المقال. فيما أفادت وسائل إعلام محلية بأن اثنين من الصحفيين الإيرانيين المعروفين، وهما حسين دهباشي ويشار سلطاني، قد تم استدعاؤهما إلى المحكمة بتهمة: "الإخلال بالأمن النفسي للمجتمع" بسبب منشوراتهما في مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعبّر عن مخاوفهما من اتساع نطاق الحرب.

وبحسب سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة "تشاتام هاوس"، يحاول الإيرانيون: "إرسال رسالتين قويتين للغاية في وقت واحد"، وأوضحت قائلةً: "فمن ناحية، تشعر إيران بالثقة الكافية لضرب إسرائيل، وفي الوقت نفسه تشعر بعدم الأمان بدرجة كافية لمحاولة تأكيد الخطوط الحمراء بشأن القضايا الاجتماعية والثقافية في الداخل حتى لا يستهين بها أحد".

وفي السياق، وقّع أكثر من 350 ناشطًا إيرانيًا يعيشون في المنفى رسالة تحذّر من أن الحرب مع "إسرائيل" قد تؤدي إلى: "زيادة قمع الحركات الاحتجاجية".

وذكرت صحيفة "إل باييس" الإسبانية أن شبح الحرب مع "إسرائيل" يهدد بتفاقم الفقر والقمع في إيران. وقالت طالب إيراني، فضّل عدم الكشف عن اسمه، للصحيفة إن: "عواقب الحرب بالنسبة للإيرانيين ستكون الدمار والمشاكل الاقتصادية والمجاعة والقمع الداخلي".

وأضاف: "الإيرانيون يعرفون ما تجلبه الحرب: لقد شهدت إيران بالفعل ثماني سنوات من الصراع، مما تسبب في وضع اقتصادي كارثي"، في إشارة إلى الحرب العراقية الإيرانية بين 1980 – 1988.

وأشار إلى أنه في الوقت الذي خرج فيه بعض الإيرانيين للاحتفال بالهجوم على "إسرائيل"، هرع آخرون إلى المتاجر ومحطات الوقود لتخزين البنزين والمواد الغذائية. فيما أكد رجل إيراني آخر أن الطبقة الوسطى في إيران: "تزداد فقرًا يومًا بعد يوم".

وتأتي هذه التطورات في وقت بلغ فيه معدل التضخم في إيران 63.9 بالمئة، فيما ارتفعت تكلفة المواد الغذائية بنسبة 145 بالمئة، الأمر الذي يدفع بالمزيد من الفقراء الإيرانيين إلى البؤس، ويفاقم فقر بالطبقات الوسطى أيضًا.